وحيد الكبوري – مراكش الآن

في قلب مدينة مراكش التي تستقبل زوارها من كل حدب وصوب، تتجسد أحياناً قصص إنسانية مؤثرة تسلط الضوء على تحديات الحياة، خصوصاً بالنسبة لبعض الفئات من المهاجرين.

إحدى هذه القصص روتها حصرياً لـ “مراكش الآن” سيدة مهاجرة قادمة من دولة غينيا، وجدت نفسها أمام محنة غير متوقعة انتهت بولادة مولودها في مكان لم يكن في الحسبان.

بصوت يحمل آثار التجربة الصعبة، بدأت السيدة الغينية حديثها لـ “مراكش الآن” بالقول إنها تقطن بالمدينة رفقة بعض الصديقات.

وفي يوم الواقعة الذي لا ينسى، بدأت تشعر بآلام المخاض الأولى، وعلى الرغم من صعوبة الوضع، حاولت تدبر أمرها والخروج في محاولة لتقل سيارة أجرة توصلها إلى المستشفى حيث كان من المفترض أن تضع مولودها تحت رعاية طبية متخصصة.

لكن الأقدار كانت تحمل لها سيناريو مختلفاً، تقول السيدة إن آلام المخاض اشتدت عليها بشكل مفاجئ وسريع وهي لا تزال في الشارع العام، ولم تتمكن من الوصول إلى وجهتها.

زاد الأمر صعوبة أن صديقاتها، اللاتي تتشاركن معها السكن، كن في أماكن عملهن، وهو ما جعلها تجد نفسها “وحيدة وهي تعاني” في الشارع، تتقلبها آلام الولادة دون وجود يد قريبة للمساعدة أو الاحتواء، كانت لحظات عصيبة، شعور بالعزلة والألم في فضاء عام لا يرحم أحياناً.

ومع تزايد حدة المعاناة، وجدت السيدة نفسها مضطرة للبحث عن أي ملجأ قريب لطلب النجدة.

قادتها الخطوات المتثاقلة إلى أقرب مكان يمكن أن يوفر لها بعض الحماية أو المساعدة في تلك اللحظة الحرجة. صدف أن هذا المكان كان مؤسسة تعليمية، وتحديداً مؤسسة “فورست بريبا للاقسام التحضيرية” الواقعة بحي ايسيل.

هناك، وفي قلب المؤسسة التعليمية التي تستقبل عادة طلاب العلم، تحولت الفضاءات إلى غرفة ولادة استثنائية.

وفي مشهد يعكس أسمى معاني التضامن الإنساني، لم يتردد مدير المؤسسة في التدخل لتقديم يد العون الفورية.

وبمساعدة طالب وسيدة أخرى كانت حاضرة وتتمتع بخبرة في الإسعافات الأولية وحتى في أمور التوليد، تمكنوا، بفضل يقظتهم وشجاعتهم، من الإشراف على عملية الولادة وتقديم المساعدة اللازمة للسيدة في تلك اللحظة الحاسمة.

لقد نجحوا في إتمام عملية الولادة بسلام، قبل حتى وصول سيارة الإسعاف التي تم إشعارها لنقل الأم ومولودها إلى المستشفى لاستكمال الرعاية الطبية اللاحقة الضرورية.