
“مراكش الآن” في قلب الحدث.. أجواء ساحرة تفتتح الدورة 54 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية +فيديو

وحيد الكبوري – مراكش الآن
شهدت مدينة مراكش، انطلاق فعاليات الدورة الرابعة والخمسين من المهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي يُعد واحداً من أقدم وأبرز التظاهرات الثقافية في المغرب.
من قلب قصر البديع التاريخي، الفضاء الذي احتضن الدورة الأولى سنة 1959، بدأت رحلة فنية جديدة على إيقاع البندير والمزمار، ورقصات تعكس ثراء التراث المغربي من الريف إلى الأطلس وسوس والصحراء.
يُقام هذا الموعد الثقافي، الذي يستعيد وهجه بقوة، تحت شعار “التراث اللامادي في حركة”.
وتنظمه جمعية الأطلس الكبير بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، فاتحاً بذلك فضاءات المدينة الحمراء أمام الفرق التراثية المغربية لتعيد رسم مشاهد الفرجة الجماعية وتحيي كنوزاً فنية متجذرة في عمق الذاكرة الوطنية.
انطلقت فعاليات الافتتاح بموكب احتفالي مهيب، جاب المسار الرابط بين قصر البلدية وساحة جامع الفنا وصولاً إلى قصر البديع.
شاركت فيه فرق تراثية تمثل مختلف جهات المملكة، مقدمة لوحات فنية نابضة بالحياة عكست تنوع التراث المغربي وغناه، من خلال أنغام ساحرة، ورقصات مبهرة، وتعبيرات متجذرة في عمق الزمكان، تحمل حكايات تنسجها الإيقاعات والرموز التي تنفرد بها كل رقصة.
شهدت ساحة جامع الفنا لحظات فنية استثنائية، تداخلت فيها إيقاعات “الدقة المراكشية” و”أحيدوس الأطلس”، و”تزيوت قلعة مكونة”، مع أنغام “الكدرة الصحراوية”، و”عبيدات الرمى”، و”الركادة الشرقية”.
ليُشكل ذلك مشهداً سمعياً بصرياً أعاد إلى الذاكرة الجماعية زخم الفنون الشعبية في بعديها التشاركي والتعبيري.
العروض المقدمة طيلة مسارها مشاهد بصرية مدهشة تعكس مجتمعاً يحافظ بعناية على أصداء ماضيه.
فالفن المغربي، بكل تنوعه، يشكل حجر الأساس لمقومات الهوية الوطنية، ورابطاً وجدانياً حول جوهر التراث الراسخ، حيث تغنت كل فرقة بأصولها، ممثلة منطقتها، ومقدمة هويتها الثقافية وموروث أجدادها في أبهى حلة، وكأنها تهمس: “أنا الماضي والحاضر والمستقبل”.
يعكس المهرجان مدى ترسيخه لفلسفته الرامية إلى تسليط الضوء على غنى وتنوع التراث اللامادي، والساعية لتعزيز الروابط بين الأجيال من خلال تعريف الشباب بكنوز وأهمية الفنون الشعبية، عبر عروض ساحرة أصيلة ومبدعة.
تتجاوز هذه التقاليد المتوارثة من جيل إلى جيل وظيفتها من كونها مجرد ذاكرة، لتكون نبضاً حياً لمجتمع يحتفل بالحياة بشغف وإبداع، على خشبات مسارح المهرجان الوطني للفنون الشعبية، حيث تتناغم الإيقاعات، وترتقي الأصوات، وتتفاعل الأجساد في رقصات تحكي قصصاً تجمع بين الأسطورة والواقع.
تستقبل هذه الدورة أزيد من 650 فناناً موزعاً على حوالي 60 فرقة شعبية، ستحيي عروضها في فضاءات متنوعة من بينها: قصر البديع، وحديقة الحارثي، وساحة جامع الفنا، والمسرح الملكي. بالإضافة إلى ثلاث منصات جديدة بكل من نزاهة مولاي الحسن، وساحة الكركرات، وساحة الفن السابع بأكدال.
وتسعى البرمجة إلى جعل الفنون الشعبية جزءاً من الحياة اليومية في المدينة، من خلال إدماجها في النسيج الحضري وتشجيع الساكنة على التفاعل معها.
يحمل شعار الدورة “التراث اللامادي في حركة” بعداً مفاهيمياً عميقاً، يعكس انفتاح المهرجان على التحولات الفنية والتعبيرية، عبر إدماج أنماط معاصرة مع الحفاظ على جوهر الموروث.
وتشهد هذه النسخة مشاركة فرق أجنبية، أبرزها الصين كضيفة شرف، ومشاركة أفريقية في مبادرة تجسد البعد الثقافي والدبلوماسي للحدث.
يُعد المهرجان الوطني للفنون الشعبية من أقدم التظاهرات الثقافية في المغرب، إذ انطلقت أولى دوراته سنة 1959، بهدف تسليط الضوء على التراث الشعبي المتنوع لمناطق المملكة، كما يندرج ضمن الدينامية الوطنية الهادفة إلى صون وإنعاش ونقل التراث اللامادي، المتمثل في فنونه الشعبية والتقليدية.
