
“نارسا” توضح ارتفاع وفيات حوادث السير بالمدن

سجل المغرب ارتفاعا في حوادث السير داخل المجال الحضري خلال شهر يوليوز 2025، بنسبة بلغت 8,1%، كما سجل عدد القتلى ارتفاعا كبيرا بلغت نسبته 48,9%، وفق معطيات تم الكشف عنها خلال اجتماع للجنة اليقظة المنبثقة عن اللجنة الدائمة للسلامة الطرقية.
وفي تفسيرها لهذه الأرقام، أفادت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا) بأن شهر يوليوز، الذي يمثل ذروة الموسم الصيفي، يشهد عادة ارتفاعا ملحوظا في حركة النقل نتيجة تزامنه مع العطلة السنوية، مما يزيد من احتمالية وقوع الحوادث داخل المجال الحضري.
وبخصوص الارتفاع في عدد القتلى بنسبة 48,9% في المجال الحضري، أوضحت (نارسا)، في معطيات قدّمتها، أن هذا الارتفاع يُعزى بالأساس إلى عدم احترام قواعد السلامة الطرقية، خصوصا من طرف مستعملي الدراجات النارية، الذين يشكلون فئة متنامية ضمن ضحايا الحوادث المميتة، خاصة في ظل ضعف الالتزام بارتداء الخوذة الواقية.
أكدت الوكالة أن الوفيات في صفوف مستعملي الدراجات النارية الثنائية والثلاثية العجلات قد عرفت ارتفاعا مهولا بلغت نسبته 43,19% سنة 2024 مقارنة بسنة 2015، في حين سجلت باقي فئات مستعملي الطريق مجتمعة انخفاضا بنسبة 15,8% خلال الفترة نفسها.
وتابعت أن من بين السلوكيات المساهمة في رفع معدل القتلى، عدم احترام السرعة القانونية، إذ تؤكد الدراسات أن خطر الوفاة يرتفع بشكل كبير مع زيادة السرعة، خاصة في الفضاءات المشتركة التي تعرف تداخلا بين المركبات والراجلين ومستعملي الدراجات، مما يرفع من مؤشر الخطورة.
وأوضح المصدر ذاته أن التحدي المطروح اليوم يتمثل في كيفية تحسين سلامة فئة مستعملي الدراجات النارية، وكذا تعزيز احترام قواعد السير، خصوصا المتعلقة بالسرعة داخل المجال الحضري، لما لها من أثر مباشر على شدة الحوادث وخطورتها.
في مواجهة التحديات التي تفرضها الفترة الصيفية، المتسمة بارتفاع وتيرة حركة النقل، أوردت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية أنها سطرت، بتنسيق مع باقي الشركاء، برنامج عمل استعجالي خاص بهذه المرحلة، يجمع بين تعزيز المراقبة، وتنسيق الجهود، وتنفيذ حملة تواصلية وتحسيسية موجهة، إلى جانب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تحسين سلوك مستعملي الطريق.
وأبرزت أن اللجنة الدائمة للسلامة الطرقية صادقت على هذا البرنامج بتاريخ 3 يوليوز 2025، والذي يتضمن إجراءات تتمثل في تشديد المراقبة على السرعة لجميع أصناف المركبات، وتكثيف المراقبة على استعمال الخوذة الواقية بالنسبة لمستعملي الدراجات النارية الثنائية والثلاثية العجلات والتأكد من احترامها لمعايير السلامة.
وتشمل الإجراءات تشديد المراقبة على أسطنة الدراجات النارية من خلال استعمال جهاز قياس السرعة (speedomètres)، وتشديد المراقبة على احترام قواعد السير بالاعتماد على الوحدات المتنقلة للمراقبة الطرقية (Brigades Mobiles de la Circulation Routière – BMCR) التابعة للأمن الوطني، وزجر السياقة الاستعراضية وفق القوانين الجاري بها العمل.
ومن الإجراءات المعتمدة كذلك، وفق المصدر ذاته، اعتماد الكاميرات المثبتة المستغلة من طرف مصالح الأمن الوطني في معاينة وتحرير المخالفات الطرقية، وتفعيل إجراء تعليق عمليات نقل ملكية المركبات وكذا أداء الضريبة السنوية على المركبات، إلا بعد تسوية وأداء مبالغ المخالفات المعاينة، وتقوية عمليات التوعية والتحسيس عبر مختلف الوسائط التواصلية السمعية البصرية والرقمية والميدانية.
وفيما يتعلق بالتدبير الاستراتيجي لملف السلامة الطرقية، أكدت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية أنها تعمل على إنجاز دراسة تهدف إلى تقييم المخطط الخماسي الأول (2017-2021) والإنجازات المحققة خلال سنتي 2022 و2023، وذلك في أفق إعداد مخطط عمل جديد يغطي المرحلة المقبلة.
ويأتي هذا المخطط، وفق المصدر نفسه، في إطار تعزيز فعالية الأداء الحكومي في مجال السلامة الطرقية، مستندا إلى التجارب المكتسبة وطنيا، وإلى التوجهات العامة لخطة عقد العمل العالمي الثاني للسلامة الطرقية (2021-2030)، سعيًا إلى تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية في هذا المجال.
ويهدف هذا المخطط الجديد، حسب (نارسا)، إلى توجيه الجهود المستقبلية وفق منظور جديد يأخذ بعين الاعتبار النقاط الإيجابية والدروس المستخلصة من الفترة الماضية، ويعزز من الالتقائية والتكامل بين مختلف المتدخلين، مع تحديد أولويات التدخل بشكل أدق وفعال، بما يضمن بلوغ أهداف السلامة الطرقية المنشودة في أفق سنة 2030.
وأبرزت أن هذه الدراسة قد بلغت مراحلها النهائية، وسيتم عرض المخطط الجديد على أنظار اللجنة الوزارية المشتركة برئاسة رئيس الحكومة فور استكماله.
