الصويرة.. منتدى الدورة الـ20 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية يناقش تأثير المكان والرابط في تعزيز التماسك الاجتماعي

الصويرة.. منتدى الدورة الـ20 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية يناقش تأثير المكان والرابط في تعزيز التماسك الاجتماعي

شكل تأثير المكان والرابط في تعزيز التماسك الاجتماعي محور المنتدى الفكري المنظم في إطار الدورة العشرين لمهرجان الأندلسيات الأطلسية، اليوم الجمعة بـ”بيت الذاكرة” بالصويرة، بحضور نخبة من الشخصيات البارزة، جاءت لتبادل الرؤى حول قيم الانفتاح والحوار التي تميز مدينة الرياح.

وأضحى هذا اللقاء، المنظم تحت شعار “أهمية المكان، أهمية الرابط”، بحضور مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة-موكادور، أندري أزولاي، على مر الدورات، لحظة تجمع صناع القرار والمفكرين والفنانين والباحثين والمنتخبين وشخصيات مرموقة من ديانات متعددة، للتفكير في الجذور الثقافية لمدينة الصويرة وإشعاعها الكوني.

وفي كلمة بالمناسبة، سلط أزولاي الضوء على خصوصية النموذج المغربي، وهو “نموذج نادر يحفظ فيه التنوع والحوار والذاكرة ككنوز جماعية”، مضيفا أنه “في وقت تتوسع فيه رقعة التطرف عبر العالم، يواصل المغرب، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مقاومة الانقسامات الهوياتية والتراجعات الفكرية، في حين اختار آخرون أن يديروا ظهورهم لتاريخهم”.

وأشار إلى الحمولة الرمزية لـ”بيت الذاكرة”، كـ”فضاء للذاكرة الحية والمعرفة والتبادل، يروي عمق المغرب المتعدد والمنفتح والمعتز بتاريخه العريق”، مؤكدا أن الصويرة “تجسد نموذجا فريدا للتماسك الثقافي والروحي، حيث لا يعد التراث اليهودي-الإسلامي مجرد خطاب أو حنين إلى الماضي، بل هو واقع حي وملموس ويومي، يقوم على الاحترام والمعرفة المتبادلة والتقاسم”.

وأكد أزولاي على “القدرة الفريدة لمدينة الصويرة على الجمع دون إقصاء، والإلهام دون فرض، وجعل الذاكرة رافعة لبناء الحاضر لا مجرد حنين إلى الماضي”، مبرزا أن “الحوار في الصويرة ليس شعارا بل ممارسة، والسلام ليس فكرة بل التزام، فالمكان لا معنى له إن لم يغذ الرابط، والرابط لا يستمر إلا إذا تجذر في مكان حامل للمعنى”.

من جانبه، قدم الوزير الأسبق، رشيد بلمختار، تفكيرا معمقا حول الدور الأساسي للثقافة في مواجهة التحولات الكبرى التي يشهدها العالم المعاصر، مذكرا بأن الثقافة “تشكل الهويات وتنظم السلوكيات وتصوغ الذاكرة الجماعية، ما يجعلها ركنا ثابتا في زمن التحولات السريعة ومرجعا لفهم الواقع والحوار وبناء مجتمع متوازن”.

وأوضح أن “هذه التحولات، رغم ما تتيحه من آفاق غير مسبوقة، تفرض اهتماما أخلاقيا وسياسيا، وأن المغرب، بفضل إرثه المتعدد وقدرته على التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، يمكن أن يشكل مثالا يحتذى وبوصلة لبقية العالم”، داعيا إلى “اليقظة إزاء الانزلاقات الناجمة عن الفردانية الرقمية وتراجع ثقافة الرابط لفائدة السرعة اللحظية”.

أما رئيس المجلس الجماعي لمدينة الصويرة، طارق عثماني، فأبرز الحمولة الرمزية لاحتضان “بيت الذاكرة” لهذا المنتدى، مذكرا بأن “هذا الفضاء الرمزي يشكل جزءا من التاريخ الحي للمدينة التي كانت تحتضن قديما نحو 40 كنيسا و20 زاوية، شاهدة على إرث روحي فريد تتعايش فيه الطقوس والأصوات والتقاليد في أجواء من التقارب والعيش المشترك”.

وساهم عدد من المتدخلين في إثراء النقاش حول التعايش الثقافي وبناء الجسور بين الحضارات، مؤكدين على أن الصويرة، من خلال مبادراتها الثقافية، تكرس مكانتها كرمز للانفتاح والتلاقي، ما يعزز صورة المملكة كفضاء للحوار بين الثقافات والأديان.

وفي ختام هذا المنتدى، جدد المشاركون التأكيد على أهمية مواصلة هذا الإرث من التسامح والتقاسم، من خلال دعم مبادرات مماثلة تتيح للأجيال المقبلة الاستفادة من هذا الرصيد المشترك الغني.

وتوج منتدى الدورة الـ20 من المهرجان، الذي تنظمه جمعية الصويرة-موكادور، بالتأكيد على التزام متجدد لفائدة السلام والعيش المشترك والتفاهم المتبادل، كقيم تشكل جوهر مدينة الرياح وتستمر في إلهام الأجيال القادمة.

videossloader مشاهدة المزيد ←