ينتظر عشاق السينما العربية والعالمية العرض العالمي الأول للفيلم المصري الجديد “الست”، الذي يقدم سيرة حياة أيقونة الغناء العربي أم كلثوم، في إطار فعاليات الدورة الثانية والعشرين من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، المنظم في الفترة من 28 نونبر إلى 6 دجنبر 2025.

ويركز العمل على رحلة أم كلثوم منذ طفولتها في قرى مدينة المنصورة، مرورا بالقاهرة سنة 1923، حيث صقلت موهبتها مع كبار الملحنين وبدأت مسيرة فنية استثنائية.

“الست” هو أحد الألقاب الأكثر شهرة التي أطلقها النقاد والجمهور على أم كلثوم، إلى جانب “كوكب الشرق” و”صاحبة العصمة”، كما وُصفت بأنها “نعمة الدنيا” و”صوت مصر”.

اعتبرها النقاد أهم مطربة عربية في القرن العشرين بفضل قوة صوتها، وحضورها الاستثنائي؛ إذ تميزت بصوت فريد جمع بين التعبير الموسيقي والارتجال الفني، وأجاد أداء القصائد والأغاني العاطفية والوطنية.

لم تكن أم كلثوم مجرد مطربة، بل رمزا ثقافيا وسياسيا، فقد دعمت الدولة المصرية بعد حرب 1967 من خلال جولات غنائية تبرعت بعائداتها للمجهود الحربي، وغنت أناشيد وطنية أصبحت جزءا من الذاكرة الجماعية المصرية.

نالت العديد من التكريمات، بينها وسام الكمال من الملك فاروق، ولاحقا احتلت المركز 61 في قائمة “رولينغ ستون” لأعظم 200 مطرب في التاريخ، بصفتها الفنانة العربية الوحيدة في القائمة.

خلدت أم كلثوم أكثر من 300 أغنية، من بينها “الأطلال”، و”أنت عمري”، “سيرة الحب”، و”غدا ألقاك”… أصبحت حفلاتها الشهرية حدثا عربيا تابعه ملايين المستمعين، ووصل تأثيرها إلى جمهور عالمي بفضل التسجيلات والصوتيات الحديثة آنذاك، وما زالت تحظى بشعبية واسعة في العالم.

كما اعتبرت الباحثة فرجينيا دانييلسون في كتابها “صوت مصر” أن أم كلثوم جمعت بين براعة أكبر المغنيات العالميات وقدرتها على التأثير في جمهور واسع، لتصبح رمزا ثقافيا متفردا.

فيلم “الست”، الذي يعد محاولة لإعادة قراءة حياة كوكب الشرق من منظور فني واجتماعي وثقافي، من إخراج مروان حامد وتأليف أحمد مراد، وتجسد دور أم كلثوم النجمة المصرية منى زكي في واحدة من أبرز محطاتها الفنية.

وشارك في صناعة الفيلم نخبة من الفنانين مثل سيد رجب، وأحمد خالد صالح، وتامر نبيل، إلى جانب ضيوف الشرف أحمد حلمي، وعمرو سعد، ومحمد فراج، ونيللي كريم، وأمينة خليل.

كما تعاونت شركات مصرية مثل “سينرجي فيلمز”، و”فيلم سكوير”، و”فيلم كلينك” مع صندوق الاستثمار السينمائي السعودي “بيج تايم” للإنتاج.

مع إحياء الإرث الموسيقي لأم كلثوم، يتوقع أن يحظى الفيلم باهتمام جماهيري وإعلامي واسع، ويطرح نقاشات حول علاقة الفن بالذاكرة الجماعية وأهمية السينما في توثيق الحياة الثقافية العربية.

يأتي عرض “الست” ضمن مهرجان مراكش الدولي للفيلم الذي يعبر عن التنوع السينمائي والثقافي، ويقدم منصة للتعبير عن مختلف الثقافات والقصص الإنسانية من مختلف القارات، ويعزز التبادل الثقافي بين صناع السينما والجمهور العالمي.

بعد مراكش، سيستمر عرض “الست” في مهرجان القاهرة الدولي منتصف دجنبر 2025، مبرزا دور الإنتاجات السينمائية في الحفاظ على الذاكرة الثقافية والفنية.