اخبار جهة مراكش | السبت 5 ديسمبر 2015 - 13:24

الدكتور ادريس عسي من مراكش:”الديموقراطية لا زالت عندنا في شقها السياسي إلا أنها غائبة في شقها التنموي”

  • Whatsapp

توفيق عطيفي – مراكش الآن
في تحليله للمسار الكرونولوجي للسياسات التنموية في العالم ( المغرب نموذجا)، أكد ادريس بنعسي استاذ العلوم الاقتصادية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن التنمية كانت مختزلة من قبل عدد من الخبراء سابقا في النمو الاقتصادي كمقاربة للنهوض بالدول النامية، والحال أنهم لا يعرفون واقع حال هذه الدول وخوصياتها، وقال:”هنا جاءت التنمية من الأعلى وهي برامج تنموية وسياسات صاغها خبراء واسندت الى السلطات لتنفيذها، هذه الأخيرة من نتائجها ازدياد الفوارق والعدالة الاجتماعية لم تتحقق، وازداد معها شرخ التفاوت المجالي، وتم توطيد فكرة الدولة الرخوية أي أن الدولة هي التي تقوم بكل شيء، إلا أنه مع أواخر السبعينات وما رافقها من أزمة اقتصادية وما أفرزت من قناعات بأن الدولة الرخوية لم تعد قادرة على مواصلة الجهد الاجتماعي، هنا ظهرت التنمية المحلية (التنمية من الأسفل) واوكلت مسؤوليتها الى الجماعات المحلية في شكل مخططات اقتصادية واجتماعية محلية، لكنها ليست مخططات بل جمع من بنك المشاريع التي ليست لها أية رؤية استراتيجية تنموية وأي تصور، ووضعت من طرف منتخبين في اطار ما يسمى بالديموقراطية التمثيلية لأنهم هم الممثلين الشرعيين للمواطنين دون الاستشارة مع المواطنين، ودون الأخذ بعين الاعتبار الموارد اللوجستيكية والمالية التي تتوفر عليها هذه الجماعات مما أدى الى فشل هذه المخططات.
واضاف الاستاذ المحاضر، ان هناك تجارب بينت أن مشكل التنمية مشكل مسار صعب يفوق وبشكل كبير وسائل الجماعات، وأن التنمية هي مسؤولية الجميع ولا يمكن ان تعالج الا في اطار تضامني ومسؤولية الجميع من فاعلين محليين وجهويين لوضع الاستراتيجيات والبرامج التنموية، هنا ظهرت التنمية الترابية بما فيه كل الشركاء في اطار تضامني وتقاسمي ولتجاوز القطاعية ومحاولة ايجاد حلول للمجال الترابي وليس حل المشاكل القطاعية.
واضاف الدكتور عسي:” بل يجب ان ننظر الى المجال الترابي والى كل الفاعلين على انهم معنيين لتحسين ظروف ساكنة هذا المجال في اطار المسؤولية والثقة”. حيث ان الثقة عنصر اساسي بين الفاعلين، وان كان هذا العنصر الأساسي غائبا (مغيبا)، فلن تكون هناك ديموقراطية تشاركية، حيث دعا الى أول ما ينبغي العمل على بنائه هو اعادة الثقة بين الفاعلين مستقبلا، لأن مسألة التنمية مسألة مستقبل، والمخططات استراتيجية بعيدة المدى وليس مشكل يومي يقتضي معالجته بارتجالية وصفة مؤقتة.
واوضح، أنه هنا تأتي التشخيصات المدققة وبتشارك كل الفاعلين، خصوصا أهمية تقوية الفاعلين عبر تكوينهم المستمر لمواكبة الحاجيات التنموية، حيث ظهرت التنمية الترابية ومعها الديموقراطية التشاركية لمحاولة تجاوز عجز استراتيجيات سواء التنمية من الأعلى والتنمية المحلية التي أسندت للجماعات المحلية كفاعل أساسي، كما ان المشرع المغربي واع بهذه الاشكالية وأصدر قوانين، يمكن الرجوع الى الميثاق الجماعي لسنة 2008 فالفصل 36 الذي ينص على ضرورة انجاز مخططات جماعية للتنمية وليس مخططات اقتصادية اجتماعية محلية، عبر اشراك جميع الفاعلين بما في ذلك المواطنين والجمعيات حتى تكون البرامج والمشاريع المقدمة تطابق وتتماشى مع حاجيات المواطنين وتكون هناك مسؤولية واعادة الثقة الى المواطن بإمكانية التغيير وتملكه للمشاريع لتحقيق الاستدامة، صحيح هناك مشاريع بنيت واقيمت لكنها تفتقر لعنصر الاستدامة، كما أن دستور 2011 تجاوب مع المجتمع المدني بتقديم العرائض.
وقال ذات المتحدث: ” انه سابق لأوانه ان نصدر تقييما لأن هذا يتطلب دراسات ميدانية، وهنا أدعوا الطلبة الباحثين والمهتمين الى إعطاء الأولوية للميدان، حيث ان وكالات التنمية واكبت المشاريع التنموية بالجماعات، كما انه من قبل لم نكن نرى المنتخبين والفاعلين الأخرين يجتمعون على طاولة واحدة للتخطيط للتراب، بل كنا نرى التنافر كعنصر طاغ”.
كما تساءل الدكتور عسي: “هنا نتساءل هل لنا مجتمع مدني مؤهل للقيام بهذه المهام التي أسندت له؟”.
كما شدد ذات المتحدث على ان الأحزاب السياسية ملزمة أن تلعب دورها، وأن تتجاوز تخوف وفزاعة المواقع والعمل على عنصر الالتقائية، واضاف ان الديموقراطية لا زالت بالمغرب في شقها السياسي إلا أنها غائبة في شقها التنموي، حيث يلزم ان نكون مواطن يعي الديموقراطية التشاركية،
كما نبه الدكتور، الى ضرورة تجاوز “مسرحة الاستشارات” والاكتفاء بثقافة الواجهة والاكتفاء فقط يأخذ الصور للتسويق بأننا نجري ونعمل وفق فلسفة التشارك وأن المواطن شارك في اعداد هذه البرامج والحال أنه ينبغي ان نتتبع ونواكب هذه البرامج والمخططات منذ وضعها والعمل على الترافع والبحث عن تمويلها في اطار جماعي مع ربط المسؤولية بالمحاسبة.