اخبار جهة مراكش | الأربعاء 13 أبريل 2016 - 13:23

القصة الكاملة لسقوط شبكة “قوادة” التلميذات للخليجيين بمراكش

  • Whatsapp

الفضيحة جرت اربعة اشخاص الى الاعتقال ضمنهم رجل امن سابق وفتاة ضحية انفجارات اركانة
مراكش الآن – عن “اخبار اليوم / عبد الرحمان البصري”

تشرع غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، ابتداءً من جلسة يومه الثلاثاء، في محاكمة أربعة أشخاص بتهمة تكوين شبكة مختصة في قوادة التلميذات للخليجيين، تنشط بين مدينتي ابن جرير ومراكش، والمكونة من المتهم الرئيس، المعتقل حاليا بسجن “بومهارز”، على خلفية متابعته بتهم تتعلق بـ” التغرير بقاصرات وتحريضهن على الدعارة، وتصويرهن في أوضاع خليعة، الوساطة في البغاء وتسهيله للأجانب، الخيانة الزوجية، وعدم الامتثال بالوقوف لرجال الدرك الملكي “، ومن رجل أمن سابق وحارس فيلا معدة للبغاء، تقع بالمنطقة السياحية الراقيّة “باب أطلس” بمراكش، واللذين يتابعان بدورهما في حالة اعتقال، بتهمة “المشاركة في إعداد منزل للدعارة”، بالإضافة إلى خليلة المتهم الأول المعتقلة بتهمة بـ” تزوير وثيقة رسمية، والمشاركة في الخيانة الزوجية”، بينما لازال المركز القضائي، التابع لسرية الدرك الملكي بابن جرير، المكلف من طرف النيّابة العامة بإنجاز البحث التمهيدي في هذا المثير للجدل، يجري البحث عن متهمين آخرين لازالا في حالة فرار، ويتعلق الأمر بمتهمة تعد العقل المدبر للشبكة والعضو المحوري فيها، والتي كانت تقوم عمليا بإدارة وتنسيق أنشطة أفرادها، بالإضافة مشتبه فيه آخر بالانتماء إلى الشبكة نفسها.

معلومة من ذهب
رحلة تفكيك شبكة قوادة تلميذات وفتيات للسياح الخليجيين بدأت بمعلومة من ذهب تلقتها  دورية للدرك الملكي، كانت تقوم حوالي الساعة الخامسة من مساء يوم السبت 26 مارس الفارط، بجولة أمنية روتينية بضواحي مدينة ابن جرير. المعلومة التي توصلت بها الدرك الملكي من طرف أحد أعوان السلطة تفيد بأن شخصا في سنوات شبابه الأولى، يتوفر على سيارة صغيرة سوداء اللون من نوع هيونداي، يتعاطى للوساطة في البغاء، ويقوم باستدراج تلميذات، معظمهن قاصرات، يتابعن دراستهن بالمؤسسات التعليمية بمدينة ابن جرير، إلى عوالم الدعارة الراقية مع السياح الخليجيين المتوافدين على مدينة مراكش، وبأنه كان متوقفا، ساعتها، بسيارته بمحاذاة أحد الدواوير بجانب الطريق الوطنية رقم 206، الرابطة بين مدينتي ابن جرير وقلعة السراغنة، وبرفقته فتاة قاصر ترتدي وزرة مدرسية بيضاء أقلها للتو من محيط إحدى الثانويات بالمدينة.
لم تنتظر دورية الدرك الملكي طويلا، فقد توجهت نحو الموقع الذي حدده عون السلطة، غير أن المشتبه فيه، وبمجرد أن لمح دورية الدرك متوجهة نحوهما، شغل محرك سيارته منطلقا بسرعة كبيرة لا يلوي على أي شيء وغير عابئ بأحد الدركيين، الذي حاول توقيفه، بل إنه أسقطه أرضا بعد أن أصابه بالجناح الأمامي الأيمن لسيارته، ولاذ بالفرار متوجها نحو مدينة قلعة السراغنة.
لم تفلح الاتصالات التي أجراها درك ابن جرير بالمركز الترابي بمركز الجماعة القروية “جمعة لعرارشة”، من أجل توقيف سيارة “الهيونداي” بالحاجز الأمني عند مدخل هذه القرية الواقعة بين عاصمتي الرحامنة والسراغنة، فالمدة الزمنية التي استغرقها أفراد الدورية في القيام بالإجراءات الأمنية والإدارية والعودة إلى مركز الدرك المكلي بوسط مدينة ابن جرير، كانت كافية للمشتبه فيه لتجاوز الحاجز الأمني المذكور.

العشق المجنون
يومان بعد حادث الفرار، أجرى المركز القضائي للدرك الملكي بابن جرير عملية تنقيط لسيارة الهيونداي السوداء، لدى مصلحة تسجيل السيارات بمدينة قلعة السراغنة، فتبين بأنها في ملكية فتاة من مواليد سنة 1989 وتقطن بحي إفريقيا العتيق بابن جرير، قبل أن يتم استدعاؤها لمقر المركز، صباح يوم الاثنين 28 مارس المنصرم، إذ صرحت للمحققين بأنها تعمل لدى موثق بابن جرير، وأنها اقتنت السيارة، قبل نحو سنة، ووضعتها رهن إشارة خليلها المنحدر من منطقة زاوية الشيخ بإقليم بني ملال، الذي قالت بأنه كان يعمل مسيرا لمستودع لقنينات الغاز بدوار الغيس بابن جرير تعود ملكيته لأحد أقاربه، وأنه حاليا عاطل عن العمل، موضحة بأنها تعرفت عليه منذ أكثر من سنة، وترتبط معه بعلاقة عاطفية وبأنه تقدم أمام عائلتها بطلب الزواج منها، لافتة إلى أنها على علم بأنه متزوج من امرأة  تنحدر من مدينة بني ملال، ومؤكدة بأن خليلها اتصل بها، قبل ثلاثة أيام، وأخبرها بأنه أسقط دركيا أرضا بواسطة السيارة التي كان فيها برفقة فتاة لم يطلعها على هويتها، قبل أن ترافق المحققين إلى المنزل الذي يقيم فيه خليلها بحي الرياض 2 بابن جرير.
أكثر من ثلاث ساعات من الزمن استغرقها الدرك الملكي في البحث عن المشتبه به الفار بشوارع الحي المذكور، قبل أن يلمحوا السيارة متوقفة بأحد أزقة الحي غير بعيد عن إحدى الثانويات التأهيلية، لتتم محاصرته هذه المرّة، ويجري اقتياده إلى المركز القضائي بالحي الإداري.
استهل المحققون البحث مع المشتبه فيه بإجراء تفتيش للسيارة، التي حجزوا بها ثلاث هواتف نقالة وعازلين طبيين، قبل أن يتم الانتقال إلى مقر سكناه، حيث عثروا بدولاب غرفة النوم على نسخة من وثيقة لعقد زواج بين الخليلة والموقوف، والذي صرح بخصوصه بأنه ليس سوى عقد نكاح مزور قامت عشيقته بتحريره وتضمينه بيانات كاذبة، لتأمر النيّابة العامة بوضعه رهن تدابير الحراسة النظرية من أجل تعميق البحث معه حول الأفعال الإجرامية المتهم بارتكابها.
الوثيقة المزورة جرّت الخليلة إلى المتابعة القضائية، بعد أن أعطت النيّابة العامة تعليماتها للضابطة القضائية بإعادة الاستماع إليها، لتصرح بأن قلبها ارتاح بشكل سريع إلى المتهم، الذي قالت بأنها أصبحت تعشقه بشكل جنوني، لدرجة أنها أضحت تنفق عليه بسخاء من المال الذي حصلت عليه من التعويض الذي تلقته إثر إصابتها في حادث التفجير الإرهابي الذي ضرب مقهى أركانة بمراكش، موضحة بأنها اقتنت سيارة وتركتها في عهدته، وقامت برهن منزل حي الرياض وأدت المبلغ السنوي للرهن وسومة الكراء السنوية، وقامت بتجهيزه بالأفرشة والتجهيزات الإلكترونية والكهربائية، وسلمته مفاتيحه ليستقر به، في انتظار عقد قرانهما.
أكثر من ذلك، فقد كانت الخليلة تنفح عشيقها بمبالغ مالية بشكل متواصل، بل لقد سبق لها أن أنقذته من قضاء عقوبة سجنية على خلفية إصداره لشيك بدون رصيد قيمته 5 آلاف درهم، حيث قضى فترة الحراسة النظرية بمركز الدرك الملكي بمسقط رأسه بزاوية الشيخ، قبل أن تتدخل الخليلة وتمنحه مليون سنتيم أدى منها مبلغ الشيك واحتفظ لنفسه بالباقي.
وبخصوص الوثيقة المزورة، فقد أكدت بأنها قامت باستنساخ نموذج لعقد زواج من الإنترنيت، وغيرت به هوية الزوج والزوجة واضعة اسمها واسم عشيقها، مبررة ذلك بأنها كانت تهدف إلى المحافظة على علاقتها بخليلها، بعد أن طلبت منها فتاة كانت ترتبط بعلاقة عاطفية مع خليلها، أن تدلي لها بنسخة من عقد النكاح إن كانا فعلا متزوجين لتضع حدا لعلاقتهما، فما كان منها إلا أن أنجزت الوثيقة وأرسلتها للفتاة بواسطة تقنية الواتساب، نافية أن تكون لديها أية نية إجرامية،أو أن تكون أطلعت أحدا آخر على العقد المزور أو أدلت به لدى إلى أي إدارة عمومية أو مصلحة أمنية أو حتى لدى المؤسسات الفندقية، كما نفت علمها، أيضا، بالنشاط الذي يقوم به خطيبها من وساطة في البغاء.

الصور الخليعة
منعطف مثير شهده التحقيق مع الموقوف، فقد  تفجّرت مفاجأة من عيّار ثقيل، حين أجرى المحققون معاينة لأحد هواتفه النقالة المحجوزة على ذمة التحقيق، والذي كان يحوي العشرات من الصور الخليعة لفتيات وهن عاريّات ويعرضن أعضاءهن التناسلية و مؤخراتهن، وهي الصور التي قال بأنه كان يلتقطها لمجموعة من التلميذات بالثانويات الإعدادية والتأهيلية بابن جرير، قبل أن يعرضها، بمعية شركائه في الشبكة المتواجدين بمراكش، على السياح الخليجيين ليختاروا منها الفتيات المناسبات، اللائي ينقلهن، في مرحلة لاحقة، بواسطة سيارته من ابن جرير نحو فيلا تقع بمنطقة “باب أطلس” بالمدينة الحمراء.
كما قام الدرك الملكي  بتفريغ حوارات ورسائل إلكترونية كان يتواصل بها مع أفراد آخرين من مدن أخرى مختصين في القوادة للخليجيين، ومع فتيات كن يرسلن إليه صورهن، عبر تقنية الواتساب، ويدخلون معه، بواسطة التقنية نفسها، في مفاوضات لتحديد سعر الممارسة الجنسية بالنسبة للفتيات اللواتي وقعن عليهن الاختيار من طرف السياح الخليجيين.
المتهم أكد أمام الضابطة القضائية بأن رحلة استدراجه التلميذات إلى البغاء الراقي، بدأت بفكرة خطرت له حول استغلال ما قال بأنه “سياحة جنسية تعرفها مدينة مراكش”، وهي الفكرة التي تحولت إلى قوادة، قال بأنه جنى من ورائها مبالغ مالية مهمة، موضحا بأنه كان يستدرج فتيات من مختلف الأعمار، سواء كن قاصرات أو راشدات، وينحدرن من مختلف المدن المغربية، من الدار البيضاء ومراكش وآسفي وابن جرير، التي قال بأنه يسهل فيها التغرير بالفتيات بسبب حالة الفقر التي يعانين منها، مضيفا بأنه كان يتقاضى عمولة القوادة بالعملات الخليجية وبالعملة الوطنية، معترفا بأنه سبق له أن استدرج العديد من التلميذات من مؤسسة تعليمية ثانوية بابن جرير، وقام بتغريرهن بالأموال  إلى فيلا “باب أطلس” من أجل ممارسة الدعارة مع السياح الخليجيين، ومن بينهن الفتاة القاصر، التي كانت برفقته حين فرّ من دورية الدرك الملكي، موضحا بأنها توجهت معه، وهو في رحلة فراره ذلك اليوم، إلى مدينة قلعة السراغنة، حيث سلمها 100 درهم وطلب منها أن تستقل سيارة أجرة للعودة إلى منزل أسرتها بابن جرير.

شرطي متهم في شبكة القوادة
بتاريخ الجمعة فاتح أبريل الجاري، انتقل المحققون إلى فيلا باب أطلس الواقعة بالمجال الترابي للجماعة القروية “أولاد حسون” بضواحي مراكش، وما إن لمحهم الحارس، حتى أحكم إغلاق الباب وتوارى عن الأنظار، دون أن يقوم الدرك الملكي بمداهمة المكان المعد للدعارة الراقية.
ثلاثة أيام بعد ذلك، قدم حارس الفيلا نفسه أمام النيّابة العامة باستئنافية مراكش، التي قامت بإحالته على المركز القضائي للدرك الملكي بابن جرير لتعميق البحث معه، إذ صرح بأنه من مواليد سنة 1983، و سبق له أن كان موضوع العديد من المتابعات القضائية، على خلفية اتهامه بالاتجار في المخدرات، وهي التهمة التي قضى بسببها أكثر من عقوبة حبسية، قبل أن يتلقى عرضا للعمل وهو داخل السجن من أحد الأشخاص المعتقلين هناك، الذي عرض عليه العمل حارسا لفيلا تكتريها ابنته بالمنطقة السياحية “باب أطلس” بمقابل شهري يصل إلى 2000 ردهم.
بعد أن غادر السجن التحق “أحمد. ب” بعمله الجديد مكلفا بفتح أبواب الفيلا والسماح بمعاينتها من طرف بعض السماسرة المختصين في القوادة للخليجيين، الذين قال بأنهم كانوا يتكلفون باستدراج الفتيات إلى الفيلا وتوفير ما يحتاجه السياح الخليجيون في لياليهم الحمراء من مأكل ومشروبات كحولية، كاشفا للمحققين عن هوية أحد القوادين، الذي لازال موضوع بحث من طرف الدرك الملكي، ومؤكدا للمحققين بأن الشخص الذي عرض عليه العمل كان على بينة وعلم بما يحدث داخل الفيلا التي تكتريها ابنته.
تصريحات الحارس أوقعت زميله السابق في السجن بدوره في دائرة المتابعين في حالة اعتقال. المتهم الرابع الذي تم توقيفه من طرف المركز القضائي، التابع لسرية الدرك الملكي بابن جرير، على خلفية الأبحاث والتحريات الأمنية التي يجريها في القضية، ليس سوى في الواقع سوى والد المتهمة بإعداد فيلا للدعارة وإدارة شبكة تسهل دعارة الفتيات للخليجيين، وهو رجل أمن سابق، تابعته النيّابة العامة في الملف نفسه بتهمة “المشاركة في إعداد منزل للدعارة”، وهو من مواليد سنة 1961 بمراكش، وسبق له أن قضى أربع سنوات بسلك الشرطة، قبل أن يتم طرده لإدمانه على شرب الخمر، لينتقل للعمل في سوق الجملة للخضر والفواكه لمدة ست سنوات، لتعرض عليه ابنته العمل بالفيلا مكلفا بتنظيف المسبح وملئه مقابل 10000 درهم شهريا، وهو العرض الذي قال بأنه قبله بدون تردد بسبب حالته المادية المزرية.
الشرطي السابق صرّح أمام المحققين بأنه لم يسبق له أن ولج إلى داخل الفيلا، قبل أن يستطرد بأنه كان يسمع بداخلها أصوات نساء مع أشخاص غرباء، بينما كانت صوت الموسيقى الصاخبة يتعالى من المكان، كما كان يعاين، في بعض الأحيان، سيارات تلج إلى الفيلا وعلى متنها عدد من الفتيات، موضحا بأنه كان يضطر إلى غض الطرف عن ذلك وعدم تبليغ السلطات بسبب أوضاعه المادية المتدنية.

جمعية الآباء تدخل على الخط
ساعات قليلة بعد توقيف المتهم الأول في الشبكة، تقدم رئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ بإحدى الثانويات بابن جرير، لدى المركز القضائي للدرك الملكي بالمدينة، وذلك من أجل تطبيق القانون وحماية تلاميذ المؤسسة من كل ما من شأنه أن يمس بسمعتها أو يتسبب في إغراء تلميذاتها القاصرات والدفع بهن إلى ممارسة الدعارة والفساد، موضحا بأن المعلومات المتوفرة لديه تؤكد بأن شخصا يتردد على محيط المؤسسة بسيارته ويقوم باستدراج الفتيات لممارسة الدعارة، نافيا أن يكون هو شخصيا قد سبق له أن عاين المتهم وهو يقوم بذلك.
وأكد رئيس الجمعية بأنه تعرف على بعض التلميذات اللائي عرض عليه الدرك الملكي صورهن، مضيفا بأنه سيعمل بتنسيق مع مدير المؤسسة على إطلاع المحققين على أسمائهن وتواريخ ازديادهن.
المصرحون الآخرون في محضر الضابطة القضائية، لم يكونوا سوى التلميذة القاصر التي كانت برفقة المتهم لحظة فراره من الدرك الملكي، والتي أكدت بأنه عرض عليها ممارسة البغاء مع الخليجيين بمبالغ مالية مغرية، وبأنها رافقته إلى فيلا باب أطلس بمراكش، موضحة بأنه كان يجري العديد من الاتصالات الهاتفية بفتيات قاصرات، وبأنها لم تقع في شباكه، لافتة إلى أنها حذرت العديد من زميلاتها في الثانوية من مغبة السقوط في فخاخه.
كما استمع الدرك الملكي إلى والدة التلميذة، وإلى زوجة المتهم التي شددت على حقها في متابعته بتهمة الخيانة الزوجية، مؤكدة بأن زوجها كان يتعاطى للوساطة في البغاء حين كان سائقا لسيارة أجرة كبيرة بمسقط رأسه بزاوية الشيخ قبل انتقاله للعمل بابن جرير.