أراء | الثلاثاء 28 مارس 2017 - 00:05

السي عبد الإله..أنت ماشي بنكيران

  • Whatsapp

عزيز باطراح

الآن وقد أعلن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المكلف تشكيل أغلبيته الحكومية من خمسة أحزاب بما فيها حزب الإتحاد الاشتراكي فضلا عن حزبه العدالة والتنمية، من أجل تجاوز وضعية “البلوكاج” التي تسبب فيها سلفه عبد الإله بنكيران وخلفه رهط من أعضاء الأمانة العامة لحزب المصباح، فكأنه بذلك يقول لرئيس الحكومة المعفى “أنت ماشي بنكيران”.
لقد سبق لعبد الإله بنكيران، قبيل أيام من صدور البلاغ الملكي الذي أعفاه من مهام تشكيل الحكومة، أن أكد أمام حشد من شبيبة حزبه بالوالدية:” إذا تشكلت الحكومة وفيها حزب الإتحاد الاشتراكي أنا ماشي بنكيران”، الآن وقد تأكدت مشاركة حزب القوات الشعبية في الحكومة، فإن عبد الإله بنكيران لم يعد عبد الإله بنكيران، والحكومة القادمة لم تعد الحكومة التي كان يحلم بها.
الجميع تابع المشاورات الأولية التي أجراها سعد الدين العثماني مع جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان دون استثناء، وكيف أنه أبان عن قيم وأخلاق سياسية عالية في التعامل مع قيادات هذه الأحزاب، ودون تشنج أو احتقار أو تقليل من شأنها بسبب حصولها على عدد أقل من المقاعد البرلمانية، وكيف ردت التحية باقي الأحزاب بأحسن منها، عندما خرجت جميع الوفود من اللقاء الأولي مع رئيس الحكومة المكلف وهي تتحدث عن تيسير وتسهيل مهامه ومساعدته في تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، فما الذي تغير في اقل من أسبوع؟.



لا شك أن سعد الدين العثاني، وهو يتابع طريقة إدارة المفاوضات من قبل عبد الإله بنكيران على امتداد أزيد من خمسة أشهر، قد سجل الأخطاء المتتالية لهذا الأخير، خاصة أسلوب التعالي على باقي مكونات المشهد السياسي، بدعوى أن المغاربة صوتوا لحزبه وبوؤوه الصدارة، وعلى الجميع أن يرضخ أمامه ويقبل شروطه، وعلى حد تعبيره في اكثر من مناسبة:” راه أنا اللي عيني الملك رئيس الحكومة ما شي حد آخر “، في رده على الشروط التي قدمها رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار أمام رئيس الحكومة المكلف، خاصة مطلبه القاضي بالتعامل مع الأحرار وحزب الإتحاد الدستوري كجسم واحد، مع تمسكه بمشاركة حزب الإتحاد الاشتراكي اعتبارا لتاريخه وما يتوفر عليه من أطر وكفاءات ذات خبرة وتجربة، في الوقت الذي كان ينظر عبد الإله بنكيران إلى عدد المقاعد التي حصل عليها كل حزب من الأحزاب التي يتحاور معها.
تعامل بنكيران وتصريحاته هذه الموغلة في العجرفة والتعالي جعلته يشحن الأجواء السياسية بكثير من التوترات، كانت من بين الأسباب الرئيسية لحالة البلوكاج التي دامت أزيد من خمسة أشهر، ولعلها الأسباب التي أدت إلى إزاحته، وقدمت بالتالي درسا لخلفه سعد الدين العثماني الذي تجاوزها بسلاسة كبيرة، وبالتالي تجاوز حالة البلوكاج في أقل من أسبوع، وذلك بعدما رحب بحزب الإتحاد الاشتراكي في حكومته، وانتقل إلى المرحلة الثانية المتمثلة في الإنكباب على البرنامج الحكومي والهيكلة الحكومية، قصد الشروع في العمل، وهو ما عبر عنه العثماني بقوله:” نريد أن نفتح باب أمل واسع جدا، وعازمون على أن تكون حكومة إنجاز وإنتاج وفعل تصل نتائجه إلى المواطنات والمواطنين”، ولعل في تصريحه هذا، يكون رئيس الحكومة المكلف قد تبنى أسلوب و لغة رجل الدولة، التي كان يفتقر إليها بنكيران، اللغة التي تتوجه إلى جميع المغاربة بصفتهم مواطنات ومواطنين، وليس باعتبارهم كثلة ناخبة، اللغة الحاملة لخطاب صادر عن رئيس الحكومة المغربية إلى باقي الشركاء في المحيط الإقليمي والعالمي، وليس لغة زعيم فرع الأخوية هنا، في المغرب، الذي يخاطب القيادة هناك في المشرق.



لقد نجح العثماني في أول اختبار له، إذ تمكن من تنقية الأجواء السياسية من حالة التوتر التي اعترتها لقرابة نصف سنة، وجعل أغلب القيادات الحزبية تعلن استعدادها لتسهيل مهمته، فهل ينجح في جعل الحكومة المقبلة تشتغل وفق عقلية ومنهجية الفريق الواحد الذي يعمل من أجل المغاربة، كل المغاربة، وليست حكومة تعمل من أجل توسيع القاعدة الانتخابية لحزب معين؟. هل ينجح العثماني في رد الاعتبار لمؤسسة رئيس الحكومة التي “تبهدلت” مع عبد الإله بنكيران، وأن يخاطب مؤسسة البرلمان بصفتها مؤسسة تشريعية وجهاز رقابة ملزمة بتوجيه النقل للحكومة ومؤسسة رئيس الحكومة، لا أن يتعامل معها كخصم سياسي ويتوجه لها بالنقد وهو يخلط بين وضعية رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية.