اخبار جهة مراكش | الأحد 14 مايو 2017 - 17:39

الصويرة تحتضن فعاليات الملتقى الدولي للتثاقف الحضاري والايكولوجي

  • Whatsapp

احتضنت مدينة الصويرة في الفترة الممتدة بين 10 و12 ماي الجاري، فعاليات الملتقى الدولي للتثاقف الحضاري والايكولوجي بين المغرب، فرنسا إنجلترا وإسبانيا تحت شعار “حدائقنا المتنامية، في إطار البرنامج الثقافي “من محيط إلى أخر” الذي تشرف عليه جمعية R.E.E.P الإنجليزية بشراكة مع جمعية الصويرة موكادور، جمعية شمس، جمعية دائرة أصدقاء المعرفة، الجمعية الإنجليزية المغربية، جمعية الإعلام بين الشمال والجنوب ومؤسسة SMS MEDIA.
وفي مبادرة تعبق بثقافة الاعتراف احتفى المنظمون في هذه الدورة بروح فقيدين في مجال الأبحاث والدراسات الإيكولوجية هما الدكتور المغربي الراحل محمد الفايز والباحثة الانجليزية Gertrude Jekyll اللذان قدما للبحث العلمي وللعمل الميداني الإيكولوجي نتائج بحثية مهمة وإسهامات متميزة كان لها الأثر الإيجابي في تطوير الإدراك العلمي بالمجال البيئي، وتسمية الدورة الحالية باسمهما هي وقفة اعتراف وامتنان لروح هرمين أكاديميين أسديا خدمات جليلة للإنسانية.
مشروع شراكة بناءة مع خبراء دوليين يرى النور بمدينة الرياح
أورد المنظمون في تصريح للجريدة أن السياق العام لهذا الملتقى جاء تثمينا للنتائج المترتبة عن القمة 22 للمناخ بمراكش وسيرا على البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في مجال التنمية المستدامة، حيث قام خبراء مغاربة، إسبانيون، بريطانيون وفرنسيون بتقريب وجهات النظر وتبادل الخبرات والتجارب في المجالين الثقافي والإيكولوجي والتأسيس لقاعدة عمل تشاركي بناء يقوم على أساس استثمار المشترك الثقافي والإيكولوجي خدمة لقضايا السلام والتثاقف الحضاري بين الشعوب، كما تمت مقاربة قضايا البيئة وفق توجهات علمية وميدانية تروم تثمين التراث الإيكولوجي وترسيخ ثقافة الحفاظ على البيئة في الأوساط الاجتماعية للبلدان المشاركة.
تميز حفل الافتتاح الذي أقيم بمقر دار الصويري بحضور عامل إقليم الصويرة ومندوب المندوبية الإقليمية للسياحة وممثل مندوبية التربية الوطنية والتكوين المهني وممثل المديرية الإقليمية للثقافة والاتصال، وفي مستهل هذا الافتتاح سلطت “ديانا لازمبي” مديرة الملتقى الضوء على السياق العام للتظاهرة والمراحل الأولية التي مرت منها قبل أن تستقر على صيغتها الحالية التي تتطلع لمرحلة تأسيسية تقوم على قاعدة شراكة بناءة.

من جهته رحب عامل الاقليم جمال مخططار بالحضور النوعي للخبراء الدوليين والمغاربة في المجال البيئي معبرا عن امتنانه وشكره لاختيار مدينة الصويرة مسرحا لهذا الملتقى، وفي السياق نفسه عبر عن استعداد عمالة إقليم الصويرة للانخراط في مشروع إيكولوجي واضح المعالم يقوم على مقاربة تشاركية فعالة تأخذ بعين الاعتبار حاجيات الساكنة على مستوى الفضاءات الخضراء، مشيرا في السياق ذاته أن عمالة الإقليم ستساهم في الرفع من مستوى هذا الملتقى الدولي ابتداء من الدورة المقبلة وفق إعداد قبلي محكم يقوم على أسس احترافية خدمة للقضايا البيئية ولأسس الحوار الحضاري بين الشعوب.
من جهته أشار ممثل التربية والوطنية والتكوين إلى أهم المشاريع التي تمت برمجتها على الصعيدين الوطني والجهوي ثم المحلي بإحداث مجموعة من الحدائق المدرسية التي تسعى إلى تكريس التربية البيئية وإشاعتها في صفوف الناشئة من التلاميذ المتمدرسين، ولتقريب الخبراء المغاربة من التجربة البريطانية في مجال فن البستنة والحدائق ألقى Neil MILLER المحافظ على حدائق قلعة Hever عرضا سلط فيه الضوء على حصيلة الاشتغال في مجموعة من الفضاءات الخضراء التي تجتذب إليها سنويا أفواجا مهمة من الزوار والباحثين الإيكولوجيين، مزيحا الستار عن الخصائص التقنية وكذا الخطط الفنية التي كان لها الأثر الإيجابي في إخراجها إلى حيز الوجود في صيغتها الحالية، وأشار المتحدث ذاته استعداد الفاعلين البريطانيين في هذا المجال للانفتاح على التجارب المغربية لتعزيز التلاقح الحضاري في شقه البيئي.
الحدائق الإيكولوجية..تجربة مغربية تروم ترسيخ الثقافة البيئية
وفي الجانب المغربي انبرت الأستاذة سعاد العيادي المنسقة الجهوية للتربية على البيئة والتنمية المستدامة بالأكاديمية الجهوية للتربية التكوين مراكش أسفي لعرض تجربة المدارس الإيكولوجية من خلال برنامج جاء ثمرة تعاون بين وزارة التربية الوطنية والتكوين وبين مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، وهو مشروع قائم الذات يروم تلقين الأطفال الأسس والأبجديات البيئية للتفاعل مع محيطهم الخارجي والحفاظ عليه، ويقوم هذا البرنامج على ستة محاور: تدبير النفايات – ترشيد استهلاك الماء – ترشيد استهلاك الطاقة – التغذية – التنوع البيئي والتضامن، ويتم تنزيل هذا البرنامج وفق سبعة مراحل وهي: كيفية تشكيل التلاميذ للجنة العمل بمشاركة وتأطير هيئة التدريس، المرحلة الثانية تهم التشخيص البيئي لمحيط المؤسسة، المرحلة الثالثة تروم إحداث خطة العمل، فيما المرحلة الرابعة تستهدف آليات التتبع والمراقبة، المرحلة الخامسة تقوم على أساس المواءمة بين ما يُلقّن في المقررات والمناهج الدراسية وما يتعلمه التلاميذ من مهارات في التنزيل التطبيقي لإحداث الحدائق، المرحلة السادسة يتم تحديدها من خلال انفتاح المؤسسة على الفاعلين المنتخبين والشركاء في المجال البيئي، أما المرحلة الأخيرة السابعة فتقوم المؤسسة باختيار رمزها الإيكولوجي الخاص الذي يميزها، وأضافت الأستاذة سعاد العيادي أنه بعد المرور من هذه المراحل تترشح المؤسسة لنيل إحدى الاستحقاقات الثلاث، حيث يمنح الاستحقاق الأول وهو عبارة عن ميدالية برونزية للتلاميذ الذين اشتغلوا على مرحلة واحدة من المراحل السالفة الذكر، وفي حالة اشتغال المؤسسة التعليمية على مرحلتين يتم تتويجها بالميدالية الفضية، إما إذا اشتغلت على ثلاثة محاور فيتم توشيحها بشهادة اللواء الأخضر، وهو شارة عالمية تمنحها المؤسسة الدولية للتربية على البيئة، واستعرضت المتحدثة ذاتها نموذج مؤسسة تعليمية تم إحداثها في مجال نائي بضواحي مراكش فتحولت نتيجة الأشغال التي عرفتها إلى فضاء أخضر يجتذب إليه التلاميذ والساكنة المحلية على حد سواء.
ورشات العلاج بالبستنة.. مدخل حديث للسلامة النفسية والعقلية
وفي شق متصل بالحدائق والصحة النفسية والعقلية أشار الأستاذ حسن هركون الكاتب العام لجمعية شمس للصحة النفسية والعقلية إلى الدور العلاجي للحدائق وأبعاده الإكلينيكية على المرضى، مشيرا في السياق ذاته من خلال نتائج الممارسة الميدانية أن الفضاء الأخضر يلعب دورا محوريا في مراحل العلاج، ذلك أن المرضى باحتكاكهم المباشر بالطبيعة يتراجع لديهم مؤشر الإحساس بالوحدة الناتج عن حالات الانعزال والانطواء، كما يحفزهم على العمل والتفاعل مع محيطهم، وأضاف المتحدث ذاته أن الاتصال المباشر للمريض بالمواد الأولية يستنفر أحساسيه ومشاعره، فينشأ نتيجة مجموعة من التفاعلات العقلية نوع من الحوار الحسي مع محيطه البيئي، وهو حوار قد لا يستطيع البوح به لمعالجه مباشرة، وتكون لهذه الطريقة انعاكاسات إيجابية في المسيرة العلاجية للمريض.وأشار المتحدث ذاته أن هذه التجربة ليست تجربة حديثة بالمغرب بل هي تجربة أرسى دعائمها الأولى مجموعة من الأساتذة والدكاترة على رأسهم الأستاذان العدوي والموساوي وقد كانت منتشرة في عدد من بلدان معمور باعتبارها طريقة ناجعة من طرق العلاج الحديث، وتقاطع عرض الأستاذ حسن هركون مع عرض الأستاذ Sam CROSFIELD ممثل الكلية الملكية للطب بلندن حيث أشار هذا الأخير إلى مجموعة من الحدائق والفضاءات الخضراء الموجهة للسلامة الصحية ببريطانيا، ومن المنتظر أن يتم التنسيق بين الخبيرين المغربي والبريطاني لإيجاد خريطة عمل مشتركة تتوخى تبادل نتائج الأبحاث والدراسات المتصلة بالسلامة العقلية والنفسية بالمحيط البيئي. قام وفد الخبراء الأجانب والمغاربة بزيارة مؤسسة الإعدادية الجديدة بالصويرة للإطلاع على نتائج العمل الميداني الذي يباشره التلاميذ بمعية عينة من أساتذة هيئة التدريس تحت إشراف مدير المؤسسة الأستاذ يوسف بوسان، وبهذه المناسبة أزيح الستار لافتتاح حديقتين تم إحداثهما مؤخرا، وبالموازاة مع ذلك تم عرض شريط تربوي وثائقي قصير من إخراج إحدى تلميذات المؤسسة، كما تمت زيارة ورشات للرسم وأخرى للمسرح تمتح تيمتها من المحيط البيئي.
مراكش معقل لمشاريع إيكولوجية..وتوصيات تعد بشراكات مستقبلية
صبيحة اليوم الثاني شد وفد الخبراء الوجهة صوب مدينة مراكش لزيارة حديقة مستشفى الأمراض العقلية بجماعة اسعادة، وحديقة المدرسة الايكولوجية 11 يناير ومركز التربية البيئية، كما تمت زيارة حديقة شكسبير بفضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، بالإضافة إلى حديقة عرصة مولاي عبد السلام التاريخية وحديقة الكتبية وعرصة البيلك. استأنف الملتقى أشغاله صبيحة اليوم الثالث بدار الصويري من خلال لجان عمل مشتركة بين الخبراء المغاربة ونظرائهم البريطانيين والاسبانيين والفرنسيين وتم التداول حول مخططات العمل وآليات الشراكة بين الفاعلين والمتدخلين، كما تمت صياغة مجموعة من التوصيات التي سترفع للجهات المسؤولة في البلدان الأربعة المشاركة لترسيخ الثقافة البيئية لكي تصبح منطلقا لفلسفة وجودية قائمة على أساس تثمين الطبيعة وديمومة استدامتها وفق مسوغات قائمة على التكامل والتعايش الإنساني.
حسن البوهي