اخبار جهة مراكش | الإثنين 2 أكتوبر 2017 - 09:55

هذه مداخلة الدكتور البحيري بندوة “أي دور للدفاع في إعمال المواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان” بمراكش

  • Whatsapp

قدم الدكتور يوسف البحيري عميد كلية الحقوق بمراكش تحليلا الاليات الدولية لحماية حقوق الانسان في الندوة العلمية المنظمة على هامش برنامج التكوين حول دور الدفاع في اعمال الاليات الحمائية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية من طرف نقابة المحامين بالمغرب بتعاون مع الجمعية الامريكية للمحامين والقضاة وسفارة هولندة بالمغرب، يوم الجمعة 29 شتنبر الاخير، بنادي  القضاء بمراكش.
وإعتبر الاستاذ المحاضر بان الحديث عن الخصوصية وتعارض التشريع الوطني مع القانون الدولي في مسألة اعمال اليات وحماية حقوق الانسان هو مخالف للصواب، لانهما اصلا لا يوجدان في نفس المرتبة، ولا يتمتعان بنفس القيمة حتى يتعارضان. وانما العلاقة التي تربط بينهما، هي علاقة الخضوع التي تحكم التشريع الوطني اتجاه المعايير الدولية لحقوق الانسان، وهذا السبب هو الذي جعل القاعدة الدولية، قاعدة آمرة لا يجوز نقضها أو تعديلها إلا بقاعدة لها نفس القيمة القانونية، مادامت هي الاصل في التدرج.
فالزامية الاليات الدولية في مجال حقوق الانسان، ليس المقصود منها هو فرض القواعد الدولية على الدولة، فتتم إساءة فهم اولوية القانون الدولي على التشريع الوطني، إن الامر لا يرتبط بمساس للسلطان الداخلي، وانما تعبير عن تناسق في الممارسة القانونية للدولة.
والاليات الدولية هي متعددة ويمكن حصرها في الاليات التعاقدية الواردة في الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدول الاطراف والية مجلس حقوق الانسان المتجلية في الاستعراض الدوري الشامل.

الاليات التعاقدية لحماية حقوق الانسان 
تنشئ الاليات الدولية لجنا تخولها القيام بدور آلية الرقابة لتطبيق المقتضيات الواردة في الاتفاقيات من الدول الاطراف، ومنها: لجنة القضاء على التمييز العنصري، واللجنة الخاصة بحقوق اإلنسان ولجنة مناهضة التعذيب، اللجنة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واللجنة الخاصة بحقوق الطفل.
ويمكن الاقتصار على اعطاء نموذج لجنة مناهضة التعذيب كمثال على سبيل الحصر لفهم المساطر المتبعة من طر ف باقي اللجن الاخرى.
إن إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو لا الإنسانية أو المهينة لعام 1984، والتي دخلت حيز النفاذ في يونيه 1984، تعرف التعذيب “بأنه أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يلحق عمدا على يد شخص يتصرف بصفته الرسمية، بقصد الحصول على معلومات أو على اعتراف، أو بقصد التخويف”.
وبموجب الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب في موادها من 17 إلى 24، تم إنشاء لجنة مناهضة التعذيب من أجل مراقبة مدى تطبيق وامتثال الدول األطراف ألحكام االتفاقية.
وتنتخب الدول الاطراف وفق المادة 17 الفقرة 1 من الاتفاقية، عشرة خبراء كأعضاء للجنة يعملون بصفة شخصية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، ومشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، مع مراعاة عامل التوزيع الجغرافي بين جميع المناطق. تعقد اللجنة جلستين عاديتين في كل سنة بمكتب الامم المتحدة بجنيف، الاولى في فترة ما بين شهرين أبريل وماي والثانية في شهر نونبر، ويمكن للجنة أن تعقد دورة استثنائية بناء على قرار صادر عنها تتخذه بنفسها أو بطلب أعضاء اللجنة أو دولة طرف في االتفاقية.
أكدت المادة 20 في فقرتها الاولى، “إذا تلقت اللجنة معلومات موثوقا بها يبدو لها أنها تتضمن دلائل لها أساس قوي تشير إلى أن تعذيبا يمارس على نحو منظم في أراضي دولة طرف تدعو اللجنة الدولة الطرف المعنية إلى التعاون في دراسة هذه المعلومات، وتحقيقا لهذه الغاية إلى تقديم ملاحظات بصدد تلك المعلومات”.
ويمكن تحديد مجال اختصاص اللجنة في:
1 – قبول الشكاوى التي تقدمها دولة طرف ضد دولة طرف أخرى بموجب المادة 21 ،اذا كانت تتوفر على المعلومات والافادات التي من شأنها التاكيد على ممارسة التعذيب من طرف دول طرف في منطقة معينة.
2 – يمكن للافراد تقديم الشكاوى الفردية، بموجب المادة 22 من الاتفاقية في حالة الادعاء بأنهم ضحايا انتهاكات حقوق االنسان، وقد قيدت الفقرة 8 هذا الاجراء بموافقة خمس دول أطراف في الاتفاقية حتى تستطيع اللجنة النظر ودراسة الشكوى.
كما تقوم اللجنة بطلب المعلومات الضرورية والتسهيلات االلازمة للتحقيق في وجود حالات التعذيب وكذلك زيارة متعددة إلى أماكن الاعتقال ومراكز الاحتجاز والاستماع إلى الضحايا والشهود، إضافة إلى الاطالع على سجلات السجون ومراكز الاعتقال ومقابلة الموظفين الرسميين والمسؤولين على إنفاذ القانون والحكومات غير الحكومية من أجل الادلة والبيانات والافادات والتي تبقى سرية بموجب المادة 20 الفقرة 5.
وقد حددت المادة 22 الشروط التي يجب استيفاءها من أجل سريان اختصاص اللجنة:
1 -عدم قبول الشكوى من طرف شخص مجهول الهوية،
2 -استنفاذ الضحايا جميع السبل المتاحة وطنيا للتحقيق في الشكوى المتعلقة بارتكاب خروقات الاتفاقية من طرف الدول الطرف في حقهم.
تقدم اللجنة تقريرا ختاميا يتضمن النتائج التي توصلت إليه في التحقيق إلى الدولة الطرف المعنية، ويمكنها أيضا إدراجه في التقرير السنوي بعد التشاور مع الدولة المعنية.
ويعرف المغرب نقاشا حول إحداث آلية وطنية لمناهضة التعذيب في سياق الانخراط في دينامية نشر الوعي بالمعايير الدولية لحقوق االنسان لدى المكلفين بانفاذ القانون كمرجعية اساسية لرقابة مدى امتثال السلطات المعنية للمبادئ القانونية والقيم الاخالقية لمجموعة من الحقوق التي تمتع بها الفئات المحرومة من الحرية.

الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الانسان
من مميزات هذه الالية أنها كونية وتهم جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة بدون استثناء مع توزيع عادل على المستوى الجغرافي، حيث يتم افتحاص حوالي 192 دولة كل أربع سنوات ونصف بمعدل 48 دولة كل سنة، أي 16 دولة في كل دورة من الدورات الثالث للمجلس.
ويقوم الاستعراض الدوري الشامل بدراسة وضعية حقوق الانسان في كل دولة من منطلق ما يتوصل به المجلس من المعلومات الواردة في ثلاثة تقارير: التقرير الوطني الذي تقدمه الدولة المعنية بتركيز وفق المبادئ التوجيهية لمجلس حقوق الانسان حيث لا يتجاوز عشرين صفحة، وتقرير المفوضية السامية لحقوق الانسان الذي يعتمد على المعلومات الواردة من اللجن المنبثقة من الاتفاقيات الدولية والذي لايجب ان يتجاوز عشر صفحات، وأخيرا تقرير المنظمات الوطنية غير الحكومية ولا تتجاوز خمس صفحات.
تتشكل الترويكا من ثالثة دول مقررين يتم تعيينهم بناء على القرعة ويمثلون المجموعات الاقليمية، ويتجسد دور الترويكا في القيام باعداد تقرير مجموعة العمل، ويتحدد زمن الافتحاص في ثلاث ساعات، وتقدم الترويكا جميع الاسئلة المطروحة حول حقوق الانسان إلى الدولة المعنية. ويمكن للدول التي تتوفر على صفة الملاحظ أن تشارك في اشغال لاستعراض الدوري الشامل لكن بدون تصويت. هذا في حين ان المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان ووكالات الامم المتحدة المختصة والمنظمات غير الحكومية يسمح لها بالحضور دون المشاركة مباشرة في الحوار التفاعلي.
ويفتحص مجلس حقوق الانسان في جلسة عامة الوثيقة النهائية التي تصدرها مجموعة العمل كما يجوز للدولة المعنية والدول الاعضاء بالمجلس أن تعبر عن آرائها بخصوص الوثيقة النهائية قبل اعتمادها في جلسة عامة.
وتتخذ الوثيقة النهائية شكل تقرير يشمل ملخصا عن النقاشات، التوصيات والخالصات والالتزامات الطوعية للدولة المعنية. تجب الاشارة إلى أن المغرب كان موضوعا آللية الاستعراض الدوري الشامل، لاول مرة في 8 أبريل 2008، أمام لجنة الترويكا مكونة من ثالثة دول هي فرنسا ورومانيا ومدغشقر وتقديم مداخلة حوالي 55 دولة من داخل مجلس حقوق الانسان.
وكانت مناسبة لتقييم تطور الانجازات المحققة في مجالات حقوق اإلنسان بالمغرب والوقوف عند الاشكاليات المطروحة في ملفي قانون الاعلام والاحوال الشخصية، وتعثر عدم الانضمام إلى البروتوكوالت الاختيارية وضرورة رفع التحفظات بخصوص بعض حقوق المرأة في إتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW).
وأعطى ممثل المغرب وزير العدل السابق عبد الواحد الراضي فكرة عن تجربة هيئة الانصاف والمصالحة، وكيفية معالجة ملف شائك يرتبط بضحايا سنوات الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها البلاد في حقبة تاريخية معينة وعن جبر الاضرار الفردية والجماعية وتعويضات الضحايا.
وكان المغرب موضوعا للالية المذكورة، في الدورة ما بين 21 ماي حتى 4 يونيو2012، أمام لجنة الترويكا مكونة من ثلاثة دول هي إيطاليا وبنغالديش وبوركينافاسو، حيث ركزت تدخلات الدول أعضاء المجلس على التقرير الموازي للجمعيات الحقوقية الذي يطالب بضرورة وضع قانون خاص بحماية حقوق المرأة يتضمن مقتضيات حمائية وزجرية لمناهضة جميع أشكال العنف المادي واللفظي، وأكد ممثل المغرب المحجوب الهيبة أمام مجلس حقوق االنسان، في كون تفاعل وامتثال الدولة ل140 توصية من مجموع 148، بنسبة 96%، دليل على “إنسجام المملكة ومنظومة حقوق الانسان”، مضيفا أن “المملكة المغربية وبفضل الاصالحات الدستورية والمؤسساتية المتميزة، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تعيش اليوم مرحلة مفصلية بعزيمة وانخراط ثابتين من أجل تعزيز آليات وضمانات حماية حقوق الانسان والنهوض بها، وفي مجال الحريات وتوطيد البناء الديمقراطي”.
وبتاريخ 2 ماي 2017 عالجت الية الاستعراض الدوري الشامل وضعية حقوق االنسان بالمغرب برسم الجولة الثالثة، وتشكل فريق الترويكا المؤلف من الامارات العربية المتحدة وبنما والكونغو. وتضمن التقرير الذي قدمه وزير الدولة في حقوق الانسان مصطفى الرميد، إنجازات المغرب في مجال اصلاح القضاء في اطار تنفيذ مبدا استقالل السلطة القضائية والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب في 24 نوفمبر 2014 وحماية الحق في الحياة والالتزام بالوقف الاختياري لعقوبة الاعدام وفي هذا الصدد، تم تقديم عدة توصيات للمغرب تتجلى في إنشاء آلية وطنية لمنع التعذيب ورفع جميع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وحماية النساء من العنف الزوجي ومنع زواج الفتيات القاصرات.