مجتمع | الأربعاء 25 أكتوبر 2017 - 14:37

الملك يدعو إلى “أكاديمية إسلامية للبيئة والتنمية” بالرباط

  • Whatsapp

ترأست الأميرة للا حسناء، رئيسة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، اليوم الأربعاء بالرباط، الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإسلامي السابع لوزراء البيئة، المنعقد تحت شعار “من أجل تعاون إسلامي فعال لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.

وتميزت أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بالرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المؤتمر، والتي تلتها الأميرة للا حسناء، واستهلت من خلال الترحيب بالضيوف وإبداء الأمل في نجاح الموعد ضمن مسعاه لتحقيق ما تتطلع إليه الأمة الإسلامية من عزة وكرامة وتقدم وازدهار.

“نغتنم هذه المناسبة لنجدد خالص تقديرنا، وجزيل شكرنا، للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، وعلى رأسها الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، ومن خلاله إلى كافة أعضاء وخبراء المنظمة، على جهودهم الدؤوبة لتنسيق وتعزيز العمل الإسلامي المشترك، وتفعيل التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية”، يقول الملك.

واعتبرت الرسالة الملكية أن التغيرات المناخية التي تجتاح العالم تعد من أهم القضايا البيئية الراهنة، نظرا لارتباطها وتأثيرها المباشر على مختلف القطاعات الحيوية، من فلاحة ونقل ومياه وموارد طبيعية وغيرها.

وشددت على أن ضمان الأمن الغذائي في مواجهة هذه الظاهرة يظل من بين أهم التحديات التي تواجه البشرية، ثم خلصت إلى أنه “أصبح لزاما علينا، التدبر والتفكير لإيجاد آليات مستدامة، وتدابير ناجعة لمواجهة هذا التحدي المناخي المتنامي، الذي يؤرق المتخصصين، ويشكل تحديا لأجيال الحاضر والمستقبل”.

الأميرة للا حسناء، حين قراءتها رسالة الملك إلى المؤتمر الإسلامي السابع لوزراء البيئة، قالت: “المغرب عرف خلال العقود الأخيرة، على غرار جل الدول الإسلامية، طفرة اقتصادية مهمة، بفضل تطور مجموعة من القطاعات السوسيو اقتصادية الحيوية، نتج عنها العديد من الانعكاسات السلبية على البيئة. ووعيا منا بأهمية هذا الوضع، أولينا لمجال حماية البيئة مكانة متميزة، ضمن الأولويات الوطنية، لمواجهة التدهور البيئي، حيث انخرط المغرب خلال السنوات الأخيرة، في مسار طموح، مكننا من إدماج مبادئ التنمية المستدامة، ضمن سياساتنا التنموية على جميع المستويات”.

هذه المقاربة انعكست على التطور المتواصل للنظام المؤسساتي والتشريعي والمالي المغربي، حيث كرس دستور المملكة لسنة 2011 الحق في بيئة سليمة في إطار تنمية مستدامة، ضامنة للتوازن بين متطلبات التنمية، والحفاظ على جودة الحياة.

وفي هذا السياق، “اعتمدت المملكة ميثاقا وطنيا للبيئة والتنمية المستدامة، بهدف دعم المكتسبات وإدماج البعد البيئي والتغيرات المناخية قبليا، في كل البرامج والسياسات التنموية”، وفق الملك محمد السادس.

“يأتي اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2016- 2030، التي تم إعدادها مؤخرا بتشاور مع كل الفعاليات الوطنية، من سلطات عمومية وقطاع خاص وممثلي المجتمع المدني، ليؤكد بالملموس الإرادة القوية للبلاد من أجل مواصلة مسيرته الخضراء نحو التنمية المستدامة. وتهدف هذه الاستراتيجية، على الخصوص، إلى إرساء دعائم الاقتصاد الأخضر الشامل في أفق 2020، وتحسين تدبير وتثمين الموارد الطبيعية، ودعم المحافظة على التنوع البيولوجي، وتعزيز الحكامة في مجال التنمية المستدامة”، تردف الرسالة.

وسعيا إلى جعل الطاقات المتجددة محورا أساسيا لنهج المغرب الاقتصادي المتوازن والمستدام، تم اعتماد مخطط طموح للطاقة الشمسية، يروم جعل الطاقات المتجددة تغطي 52 في المائة من الاحتياجات الوطنية من الطاقة في أفق 2030. ويشكل هذا الالتزام منعطفا حاسما في صيرورة سياسة المملكة في مجال الطاقة. وسيسهم في ترسيخ مكانتها الرائدة في هذا الميدان، فضلا عن كونه يجسد وفاءها بالتزاماتها ذات الصلة باتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي؛ وفق الملك محمد السادس.

واسترسلت الرسالة: “الاهتمام المغربي بالحفاظ على المجالات الطبيعية ليس وليد اليوم، بل ترتبط جذوره الأولى بالسياسة المائية الرائدة التي أطلقها والدنا المنعم، جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، في ستينيات القرن الماضي؛ وقد كان من أبرز معالمها تشييد السدود، التي تعد بمثابة طوق النجاة، الذي راهن عليه المغرب، من أجل تزويد مختلف جهات المملكة ببنيات مائية مهمة، وتحسين الولوج إلى الماء الصالح للشرب، وتلبية حاجيات الصناعات والسياحة، وتطوير السقي على نطاق واسع”.

ملك المغرب اعتبر أنه في إطار الجهود التي تقوم بها المملكة، من أجل الحد من آثار التغيرات المناخية، وتعزيز الانتقال نحو “الاقتصاد الأخضر”، يعتبر سوق الكربون آلية فعالة من آليات الحد من انبعاث الغازات الدفيئة. وشدد على يقينه بأن هذه الآلية ستسهم في الوفاء بالتزامات المغرب المتعلقة بالمناخ، وفي خلق إطار ملائم لتنفيذ المساهمة المحددة الوطنية، مع ضمان النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

“إننا لحريصون على مدى السنوات المقبلة على إحداث آلية لسوق الكربون، مناسبة للظرفية الاقتصادية للمغرب، والتي يمكن أن تولد أرصدة الكربون، مما سيمكننا من الاندماج في نظام دولي مؤطر لتبادل الأرصدة، سواء على الصعيد الجهوي أو العالمي. ومن هذا المنطلق، يمكن التفكير في إحداث نظام لتبادل أرصدة الكربون ضمن سوق كربون للدول الإسلامية، على غرار الأسواق الدولية الأخرى، كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الأوروبي”، بتعبير الرسالة الملكية.

وذكر الجالس على عرش المملكة أن المغرب يواصل جهوده الرامية إلى تعزيز العلاقات مع الشركاء الدوليين في مجال البيئة والتنمية المستدامة، وذلك في ميادين متعددة، تهم دعم إعداد الاستراتيجيات، وبناء القدرات المؤسساتية والقانونية والتقنية. وتشمل أيضا تنفيذ مشاريع ملموسة لحماية البيئة والتنمية المستدامة.

وبغية تعزيز الشراكات مع الدول الإسلامية، ذكر الملك باقتراحه، في رسالة موجهة إلى المؤتمر نفسه في نسخته الثالثة، المنعقدة بالرباط شهر أكتوبر من سنة 2008، بإحداث الأكاديمية الإسلامية للبيئة والتنمية المستدامة.

“نغتنم هذه المناسبة، لنعرب عن شكرنا للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، على مساعيها الحميدة، والجهود الجبارة التي تبذلها في سبيل تفعيل القرارات المتعلقة بإنشاء هذه الأكاديمية. وتجسيدا لالتزامنا بإقامة هذه المؤسسة فقد تم اقتراح استضافة المملكة المغربية لهياكلها، من خلال تخصيص وعاء عقاري، بعاصمة المملكة الرباط، تتوفر فيه كل مقومات نجاح المشروع. كما سيتم تصميم وإنجاز مختلف مرافقها وفقا لمعايير البناء الأخضر والمستدام. وإننا واثقون بأن إنشاء هذه الأكاديمية، سيساهم في تعزيز قدرات الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، على الانخراط في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، داخل الآجال المحددة لذلك، أي قبل متم سنة 2030″، يورد الملك محمد السادس.

الرسالة المفتتحة لأشغال المؤتمر البيئي الخاص بالدول الإسلامية عرفت، أيضا، تأكيد الملك على ضرورة جعل مشروع الأكاديمية الإسلامية للبيئة والتنمية المستدامة في خدمة العمل المشترك، كإطار مرجعي علمي بشأن قضايا البيئة، يتناسب مع الخصوصيات الطبيعية والثقافية للعالم الإسلامي، ويسهم في تطوير المعرفة والابتكار، وتنمية البحث العلمي وجعلها من الدعامات الأساسية لإرساء أسس التنمية المستدامة، لصالح دول العالم الإسلامي.