اخبار جهة مراكش | الإثنين 9 أبريل 2018 - 10:18

اساتذة جامعيون وباحثون يناقشون “مخرجات اتفاق باريس للتغيرات المناخية الحصيلة الأولية” بمراكش

  • Whatsapp

احتضنت دار المنتخب بمراكش، يوم السبت 07 أبريل، ندوة علمية وطنية بمبادرة من مركز القاضي عياض للتنمية بشراكة مع المرصد المغربي للاجيال المقبلة؛ وماستر السياسات الحضرية والهندسة المجالية كلية الحقوق مراكش بدعم من المجلس الجماعي لمدينة مراكش ومجلس مقاطعة جليز تحت عنوان “مخرجات اتفاق باريس للتغيرات المناخية الحصيلة الأولية” افتتحها الدكتور محمد الغالي رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق مراكش ومنسق الماستر أعلاه، والدكتور الحسين شكراني رئيس المرصد المغربي للاجيال المقبلة وعبد الدائم البطوي الكاتب العام لمركز القاضي عياض للتنمية، حيث عالج الاساتذة المتدخلون موضوع الندوة من جوانبه الفلسفية، الجغرافية والقانونية وارتباطها بالبعد البيئي.
تحدث الدكتور محمد صدوقي أستاذ القانون العام بكلية الحقوق مراكش حول معركة المناخ بين دول الشمال ودول الجنوب حيث أوضح أن عدم التوازن بين دول الشمال التي تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية في التغيرات المناخية ودول الجنوب التي تعتبر ضحية هذه التغيرات، أدى إلى بروز شرخ كبير بينها ظلت معه كثير من النقاط الخلافية عالقة.
ويعود السبب الرئيسي حسب الدكتور محمد صدوقي في ذلك إلى وضع الملوثين والضحايا في نفس المستوى بذريعة ان المسؤولية مشتركة بين جميع البلدان في تحمل الأعباء لاحتواء ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب ارتفاع نسبة تركيز غازات الاحتباس الحراري.

وانتقل الدكتور رشيد البزيم – كلية الحقوق جامعة الحسن الأول سطات – للحديث حول المساهمات المحددة وطنيا وطبيعتها القانونية، حيث أوضح أن المصادقة على اتفاق باريس مشروط بإيداع كل طرف “لمساهمته المحددة وطنيا” التي تسجل أهدافه المبدئية والتدابير المناخية المتخذة. ورغم اعتبارها ثمرة للمفاوضات الدولية التي سمحت باعتماد اتفاق باريس ودخوله حيز التنفيذ، فإن هذه المساهمات لا تتمتع بوضع قانوني صريح. وبالنظر إلى ذلك، فإنها تدخل ضمن الأفعال الانفرادية للدول وفقا لهذا الاتفاق. وبحسب أخيم شتينر، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة “فإن المساهمات المعتزمة المحددة على الصعيد الوطني الحالية، مقترنة بالسياسات على مدار السنوات القليلة السابقة، تمثل زيادة حقيقية في مستويات الطموح وتبرهن على التزام الدول الأعضاء غير المسبوق ومشاركتها في التصدي لهذا التحدي العالمي.”

كما تناول الأستاذ عبدالصمد زهور كلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش موضوع الفلسفة البيئية: من أجل التفكير خارج حدود شمال – جنوب، حيث كونية المشكلة وأسبقية الإنسانية، إذ أكد على ضرورة انخراط للفلسفة في مناقشة قضايا البيئية، وقد ظهرت بوادر هذا التوجه في الفترة الأخيرة، بحيث أصبحنا نتحدث عن ما يسمى بـ “الفلسفة البيئية” في إطار مبحث الأخلاق، والأخلاق التطبيقية على وجه الخصوص.

وأشار ذات المتحدث، أن الإنسان تناسى كونه جزءا من الطبيعة، وإحداثه للخلل فيها هو في حقيقة الأمر إحداث لخلل في السياج الأمني الذي يضمن له الحياة، فانقلب به الحال من مسيطر إلى مسيطر عليه، وهو الأمر الذي بات يتطلب إعادة تفكير جدي في علاقة الإنسان بالطبيعة تنقلنا من وهم السيطرة إلى ضرورة الانسجام.

وأضاف الباحث بمختبر الفلسفة والتراث في مجتمع المعرفة، بجامعة القاضي عياض مراكش أن غياب البعد الفلسفي في مناقشة القضية دوليا، حيث الأسبقية للسياسي والاقتصادي، ولا أسبقية فيهما إلا للمصلحة الخاصة (الشمال على حساب الجنوب) بحكم أننا لا نعيش في دولة واحدة رغم أننا نعيش في عالم واحد.

لينتقل الدكتور فريد رحموني في مداخلة مشتركة مع الدكتور عبد العزيز بويحياوي – كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس والاستاذ حسن بلغيتري – كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، حول موضوع “الواحات المغربية بين وقع التغيرات المناخية واستراتيجيات التكيف تافيلالت نموذجا”، أشار فيها أن الواحات تشكل جزءا مهما من التراب المغربي، إذ يمثل المجال الحاضن لها 15 في المائة من مجموع التراب الوطني، ويسكنه حوالي 5،3 من ساكنة المغرب.
كما تطرق إلى وقع التغيرات المناخية على المجال الواحي المغربي، ومدى مواكبة الاستراتيجيات المتبعة من طرف الدولة والخواص لتجاوز إكراه ندرة وتزايد الطلب حول الماء خصوصا في المجال الفلاحي، في ظل الجفاف الذي تعرفه هذه المناطق والذي زادت حدته نتيجة التغيرات المناخية والاستغلال الغير واعي والمكثف للموارد المائية.
وحذر الباحث في الجغرافيا من الجفاف الجوي الذي يؤثر بشكل مباشر على الجفاف الهيدرولوجي، الشيء الذي يساهم في تراجع الفرشة المائية التي تعتبر أساس السقي الزراعي بواحات تافيلالت. وهذا ما يؤدي إلى تراجع الموارد المائية من خلال جفاف العديد من الخطارات والآبار، وبالتالي تراجع السقي ومعه الإنتاج الفلاحي. ومن هنا أصبحت الواحة غير قادرة على توفير الحاجيات الأساسية لسكانها المعتمدين أساسا على الفلاحة، الشيء الذي دفع بالكثيرين إلى الهجرة قسرا في اتجاه مجالات أخرى أكثر أمنا خصوصا الطاقة البشرية الشابة التي كان لها الدور الكبير في خلق التوازن داخل المنظومة الواحية، وهكذا أصبحت الواحة تعاني إضافة إلى الجفاف من البوار الاجتماعي أو ما ينعت بالتصحر الاجتماعي.

وبعد مختلف المداخلات؛ أعقبته مناقشات عامة من قبل الحضور، تفاعل أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض الدكتور الحسين شكراني ورئيس الجلسة العلمية مع سؤال وجه إليه حول العدالة المناخية، حيث أوضح أننا بحاجة إلى إنصاف بيئي إلى جانب حاجتنا إلى العدالة البيئية أو المناخية حسب تعبيره، وأشار إلى غياب إحصائيات حول الضرر الذي طال المجال الأخضر في مناطق النزاع كسوريا، العراق، اليمن وغيرها ليختتم اللقاء محمد بجاحا رئيس مركز القاضي عياض للتنمية بكلمة شكر لكل من ساهم في إنجاح هذه الندوة العلمية على أمل نشر مخرجاتها عما قريب وكذا اللقاء في ندوة مقبلة لمعالجة مواضيع مماثلة.