اخبار جهة مراكش | الخميس 12 سبتمبر 2019 - 14:00

مديرية الثقافة بمراكش تهدر عشرات الملايين لبناء مراحيض عشوائية وإعادة هدمها

  • Whatsapp

في سابقة هي الأولى من نوعها، كلفت عملية بناء وهدم مرافق صحية بجوار المعلمة التاريخية “الباهية” مديرية الثقافة بمراكش، حوالي 75 مليون سنتيم، حيث عملت على بنائها دون حصولها على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية، قبل أن تجد نفسها مجبرة على هدمها.
وتعود تفاصيل هذه الفضيحة إلى حوالي سنة، عندما قررت مديرية الثقافة بناء مرافق صحية وأكشاكا لبيع التذاكر لولوج السياح إلى المعلمة التاريخية “الباهية” بالمدينة العتيقة، حيث أعلنت عن صفقة البناء، والتي فازت بها إحدى المقاولات، التي تشيدت 14 مرحاضا وكشكا لبيع التذاكر، وهي العملية التي كلفت حوالي 50 مليون سنتيم، قبل أن تجد مديرية الثقافة نفسها مجبرة على هدم ما تم بناءه مقابل حوالي 26 ميلون سنتيم، من جهة لأنها لم تحصل على التراخيص اللازمة للبناء، ومن جهة ثانية لأن هذه المرافق بنيت على سور “الباهية” الذي اعتبرته بعض الجهات سورا تاريخيا يمنع البناء بجواره.
هذا، وكشفت مصادر مطلعة أن الخازن الإقليمي رفض التأشير على صفقة الهدم التي كلفت حوالي 26 مليون سنتيم، بالنظر لعدم قانونيتها. ذلك إن مديرية الثقافة منحت صفقة الهدم لمقاولة عبر “أدونات”، حيث جزأتها إلى قسمين تفاديا للإعلان عن صفقة عمومية كما يفرض قانون الصفقات.
وإذا كانت أغلب المآثر التاريخية بالمدينة الحمراء لا تتوفر على مرافق صحية، أو تعاني من نقص حاد فيها، حيث يتجمع مئات السياح في طوابير لقضاء حاجتهم داخل قصر الباهية أو قبور السعديين مثلا: “فإن وزارة الثقافة ملزمة بإنشاء مرافق صحية وأكشاك بيع التذاكر أمام وداخل هذه المعالم التاريخية” يقول أحد المرشدين السياحيين في تصريحه للجريدة، مضيفا أننا في جمعية المرشدين السياحيين سبق وأن تحدثنا إلى وزير الثقافة وإلى كبار المسؤولين بالمدينة عن معاناة السياح داخل هذه المآثر التاريخية من غياب المرافق الصحية دون جدوى: “خاصة بعدما انتقلت تذاكر ولوج هذه المآثر من 10 دراهم إلى 70 درهما بالنسبة للأجانب منذ شهر غشت من سنة 2018، حيث أصبحت مداخيل الباهية وحدها تصل في المتوسط إلى حوالي 20 مليون سنتيم يوميا” يقول المرشد السياحي المذكور في تصريحه للجريدة.
وإلى ذلك، فإن المقاول الذي أنيطت به عملية الهدم، منح عملية الإنجاز إلى مقاول آخر، هذا الأخير الذي رفض، لحد الآن، جمع الأتربة من أمام المعلمة التاريخية الباهية، وذلك لأنه لم يتوصل بمستحقاته المالية، والتي عجز نائل الصفقة على دفعها لأنه بدوره لم يحصل على مستحقاته المالية، والتي رفض الخازن الإقليمي التأشير عليها بعد مرور أزيد من شهرين على عملية الهدم.
وإلى ذلك، فإن لعنة الصفقات غير القانونية لازالت تلاحق مديرية الثقافة، إذ سبق للخازن الإقليمي أن رفض التأشير على كناش التحملات الخاصة بخمس صفقات عمومية من أجل إصلاح وترميم مجموعة من البنايات التاريخية بالمدينة الحمراء، لما اعتراها من اختلالات وأخطاء إدارية وتقنية مخالفة لمدونة الصفقات العمومية، والتي سجل الخازن الإقليمي بشأنها حوالي 40 ملاحظة، بالرغم من أن مصالح وزارة الثقافة بمراكش، كلفتها الدراسة وإعداد دفاتر التحملات المنجزة من قبل خمس مكاتب دراسات حوالي 100 مليون سنتيم.
هذا، وقبل العمل على إدخال جميع التعديلات الضرورية على كناش التحملات، أعلنت وزارة الثقافة على صصفحات بعض الجرائد عن هذه الصفقات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يدفع الخازن الإقليمي مرة أخرى إلى رفض هذه الصفقات.
وإلى ذلك، فقد سبق للمحكمة الإدارية بمراكش أن أصدرت، خلال شهر غشت الأخير، حكمها القاضي بعدم قانونية القرار الصادر عن المديرية الجهوية للثقافة بجهة مراكش آسفي، بإلغاء صفقات عمومية خاصة بحراسة المباني والمآثر التاريخية، وذلك في أعقاب الشكاية التي تقدم بها الممثل القانوني للشركة التي فازت بهذه الصفقات قبل أن يتم إلغائها من طرف المدير الجهوي لوزارة الثقافة بمراكش.
وكانت الشركة الفائزة بالصفقة توصلت برسالة من المحافظة الجهوية للتراث الثقافي بجهة مراكش آسفي، تدعوها إلى تكملة ملفها عبر تسليمها وثائق تكميلية قبل تاريخ 14 ماي الماضي، وهو ما استجابت له المقاولة قبل يوم واحد من التاريخ المحدد، غير أنه عوض إتمام إجراءات إرساء الصفقة عليها، فوجئت من خلال الإطلاع على بوابة الصفقات العمومية بصدور قرار الإلغاء، والمستند الى شكاية تقدمت بها شركة متنافسة إلى رئيسة لجنة العروض في اليوم الموالي، متهمة أطرافا معينة بإقصائها ومنح الصفقة لشركة محظوظة، قبل أن تقرر المحكمة بعدم قانونية إلغاء الصفقة من طرف المديرية الجهوية للثقافة.