اخبار جهة مراكش | السبت 19 أكتوبر 2019 - 12:27

اساتذة جامعيون وخبراء يناقشون موضوع “التراث والتراب: الهويات والرهانات الحضارية” بكلية الآداب بمراكش +صور

  • Whatsapp

نظّم المركز المغربي للبحث والدراسات الترابية و”مختبر الجغرافيا، البيئة والمجتمع” بشراكة مع المديرية الجهوية للثقافة مراكش والجماعة الحضرية لمراكش وبتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش، يوما دراسيًا حول “التراث والتراب: الهويات والرهانات الحضارية”.

هذا وقد انقسمت أشغال اليوم الدراسي إلى ثلاث جلسات علمية، تمحورت الأولى حول الإرث الثقافي لمراكش، بين التثمين والاحتقار، ودور الصناعة التقليدية في الولوج إلى عالم المنافسة التراثية اليوم، وأيضا حول الخطاب المحيط بالتمويل الإسلامي كتراث سوسيواقتصادي. أما الجلسة الثانية فقد ركّزت على التراب والتراث، وعلى دور السياسة الحضرية في تثمين المواقع الأثرية المصنفة عالميا، لإبراز أثر التواصل ما بين الفاعلين في التسويق الترابي للتراث وولوجه عالم المنافسة. أما الجلسة الثالثة فقد ناقشت فيها المداخلات أهمية التراث المعماري والثقافي كعناصر لا اقتصادية في التنمية الترابية، ودور الحكامة في تثمين التراث لجعل التراب تنافسيا.

ويأتي هذا اللقاء في سياقٍ من التدويل والمنافسة المتزايدة بين المدن والترابات، وفق ما تفرضه العولمة الاقتصادية والثقافية الراهنة، صارت مفاهيم الجودة والابتكار حافزًا لا غنى عنه من أجل تحقيق التنافسية الترابية. وهكذا، يُجمع الفاعلون، من مختلف المواقع، على أهمية بناء واستخدام التراث كمورد ترابي. وبالتالي فالتراث يجدد، بالقوة، طبيعته وجوهره من خلال مساهمته في الديناميات المعنية، وفي المقابل، يتيح التراب لنفسه إثبات شرعيته. لهذا من البديهي أن التنمية، في المغرب، وكما في أمكنة أخرى، تقوم، من بين ما تقوم عليه، على الإنتاجية الاقتصادية. ومع ذلك، فهذه الإنتاجية، المرتبطة بالقدرة التنافسية، ربطت الابتكار بما هو خارجيّ على الترابات أكثر من ارتباطه بما هو داخلي.

فإذا كان الاعتراف بترابٍ أو بموقعٍ معيّن من طرف اليونيسكو باعتباره موقعا تراثيا عالميا، يعد علامة على الانفتاح الدولي، فإن العولمة تفرض ضغطًا على قدرة المناطق التراثية على تقدير مواردها غير الاقتصادية كالتراث الثقافي. إن وحشية وحجم التدفقات المادية وغير المادية العالمية تخلق تباينات اجتماعية واقتصادية بين المجموعات القوية والغنية والفئات الفقيرة والمحرومة حول هذه المساحات التراثية، وتغذي التوترات والمصالح المتباينة بين الفاعلين والعملاء الاقتصاديين.

ويثير الانفتاح العالمي للمواقع التراثية ذات الأهمية الثقافية الكبيرة مسألة حقوق المجتمعات المحلية في الحفاظ على هويتها وقيمها في مواجهة الاستراتيجيات الاقتصادية والترابية التي تهدف، من بين ما تهدف إليه، إلى جذب المزيد من رأس المال.

هذه الملاحظة تجعل من المشروع التشكيك، من ناحية، في تدبير التراث وتواصله في علاقته بالحكومة المركزية والهيئات اللامركزية. ومن ناحية أخرى، فمساءلة سياسة التراث في عصر العولمة هو مساءلة لمدى أهمية واستدامة المناهج التدبيرية المطبقة اليوم.