اخبار جهة مراكش | الإثنين 25 نوفمبر 2019 - 10:18

من مراكش.. خبراء مغاربة ودوليين يحذرون من اتساع الفجوة بين الشمال والجنوب بسبب الفقر ويطالبون بملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان

  • Whatsapp

توفيق عطيفي – مراكش الآن
أكدت الدكتورة مليكة الزخنيني، أستاذة بجامعة القاضي عياض، أن الضغوط الخارجية في قضايا حقوق الإنسان تشكل تهديدا للدولة وتصبح مهددة في بقائها واستقرارها، معتبرة مصدر التهديد للدول هو الفاعل الدولي وبالتالي فان تصور معادلات الأمننة حمالة وجهين ثارة تكون فيها قضايا حقوق الإنسان تهديدا وتارة مرجعا أو موضوعا للتهديد، وذلك في أشغال اليوم الثاني للندوة الدولية التي ينظمها مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات (LEIGC) بشراكة مع مؤسسة هانس زايدل وجامعة القاضي عياض في موضوع: “الجيل الثالث لحقوق الإنسان في عالم مبهم التوجه: الإشكاليات والمقاربات والقرارات” على مدار يومي الجمعة 22 والسبت 23 نونبر 2019.
وقالت نفس المتحدثة أن هذه المعادلة تتبدل فيها مواقف الفاعلين الدوليين، وأن اللجوء الى المنظومة الدولية لحقوق الإنسان بالنسبة للدول إقرار بعجز الإطار الوطني عن إيجاد إجابات وظيفية للتوفيق بين السيادة وحقوق الإنسان، هذه الأخيرة التي تحتاج للنظر اليها من جهة اطارها الوطني، واصفة القانون الجنائي الدولي بالدعامة الأساسية في سياق تقلص مساحة القانون الوطني امام المساحة التي اصبح يحتلها القانون الدولي. كما وقفت الدكتورة الزخنيني عند تحدي سؤال الأمننة كحل جوهري لتنزيل منظومة حقوق الانسان بالنسبة للعديد من الدول بدل النظر اليها بعقلية نظرية المؤامرة التي تدفع بها العديد من الدول باعتبارها آلية لتفكيك الدول من الداخل، في الوقت الذي وجب النظر إليها كتحدي امني وطني وجب إيجاد حلول لها، شأنه في ذلك شأن كل التهديدات الأمنية التي تتربص بالدولة وفقا لتعبيرها.
الدكتور ناصر عبد الرحيم نمر العلي، عن الجامعة الروسية للنقل بموسكو، قارب إشكالية الجيل الثالث لحقوق الإنسان من جهة سبل إصلاح وتعزيز نظام اللجان التعاهدية لحقوق الإنسان، والتي قال بخصوصها، أنها بدأت تتبلور مع تكريس مبدأ وتعزيز حقوق الإنسان، مشيرا في هذا الجانب الى أن القانون الدولي يتضمن مبادئ آمرة والتي يشكل مبدأ احترام حقوق الإنسان وتعزيزها واحدة منها في القانون الدولي، وكذا تقسيمه للمنظومة الدولية لحقوق الإنسان الى نظامين، الأول غير تعاهدي والثاني تعاهدي، الأول المقصود به هو أجهزة الأمم المتحدة ومنها مجلس حقوق الإنسان.
وأوضح نمر العلي، أن اللجان التعاهدية تعني تلك التي أنشئت بموجب اتفاقيات دولية ملزمة، وأن عددها اليوم بلغ 10، أولها ظهر سنة 1965 وهي لجنة محاربة التمييز العنصري. وعربيا وقف الأستاذ الجامعي ذاته الى أن الحديث عن الدول العربية في هذا الباب يضعنا أمام إقرار الميثاق العربي لحقوق الإنسان الفارغ من أية قيمة بالنظر الى افتقاده لآليات تنزيل حقوق الإنسان باستثناء آلية النظر في التقارير المرفوعة إليها أمام المحكمة العربية لحقوق الإنسان.
من جهته وقف أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور محمد الكريني، عند إشكالية التغيرات المناخية بين دول الشمال والجنوب، وتأسيسه لورقته العلمية على مجموعة من الملاحظات التي تهم الإضرار بالحقوق البيئية للدول النامية أمام الإمكانات التي تتوفر عليها الدول الكبرى لمواجهة الظاهرة وعدم احترام هذه الأخيرة للاتفاقات الدولية الخاصة بالبيئة.

وشدد الأستاذ الجامعي لكريني أن الدستور المغربي في فصله 31 نص على البيئة السليمة وأن بلادنا جسدت هذا الإنخراط الدستوري في ما وصفه باستراتيجيات وبرامج مهيكلة للسياسات العمومية البيئية من خلال مخطط المغرب الأخضر وتعزيز الطاقات البديلة ووضع ميثاق للبيئة. كما خلص الى أن العالم اليوم ليس في حاجة الى تراشق دوله بإشكالية المسؤولية، بين الدول النامية التي تقول بالمسؤولية التاريخية للدول الكبرى وهذه الأخيرة التي تتشبث بخيار المسؤولية المشتركة لكل الدول.
السياسة الأرومتوسطية بين التوجهات القيمية الحقوقية والمصالح الإستراتيجية عنوان مداخلة كذلك في هذه الندوة العلمية للدكتور عبد الجبار العراش، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بسطات، حيث وقف فيها عند ما أسماه بذلك “التقاطب” الذي حصل بين القوى الكبرى في أوروبا والسلطة التي تفرضها ألمانيا الصناعية على دول الاتحاد الأوروبي من جهة الخيارات البيئية وفي عموم المنطقة الأرومتوسطية.


والى ذلك خلصت أشغال اليومين الدوليين لهذه الندوة التي تميزت بتعدد مقاربتها العلمية وبمشاركة باحثين وخبراء من المغرب وتونس والجزائر وموريتانيا وروسيا ومصر وسلطنة عمان وجمهورية التشيك، منها التنويه بأهمية هذه الحقوق كسبيل لتجسير العلاقات بين الشعوب، والحدّ من تزايد الفجوة بين شمال غني وجنوب، والتأكيد أنه ما زلت الكثير من أقطار العالم تعيش على إيقاع الأزمات والإكراهات، ضمن ما يعرف ب”حقوق التضامن”..، وخلصت أيضا الى تسطير الكثير من الصعوبات المطروحة في هذا السياق، حيث تم الإشارة الى التأثيرات الراهنة لنظام المعلوميات على حياة الفرد، وكيف تستغلها دول الشمال أو الدول المتقدمة لتكريس سيطرتها على دول الجنوب في إطار ما يسمى بالحروب المعلوماتية. والدعوة إلى التخفيف من وطأة تغير المناخ ومنع تأثيراته السلبية، وإلى تعبئة أقصى حدّ ممكن من الموارد المتاحة من أجل تحقيق تنمية مستدامة قائمة على احترام حقوق الإنسان، والعمل على ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في التنمية، والعمل على تنشئة جيل واع بأهمية البيئة والحفاظ عليها وإرساء ذلك على صعيد المقررات المدرسية.
كما دعا عدد من المتدخلين إلى تكوين الأطر الوطنية من قضاة وشرطة وغيرهم.. تكوينا يراعي حماية البيئة وسموها، مع الإعلان عن جائزة وطنية تمنح لمن يساهم في إشعاع ثقافة الفكر البيئي داخل المجتمع والمحيط الذي ينتمي إليه.
كما تم التأكيد أيضا على ضرورة تكريس مبدأي العدالة والإنصاف على الصعيد الدولي، والتوزيع العادل بين الأفراد والجماعات محليا ودوليا للفوائد الناجمة عن التنمية، إضافة إلى توسيع الاهتمام الأكاديمي بدراسة الحق في التنمية في مختلف أبعاده، وإلى تعميق الروابط بين الأجيال الثلاثة لحقوق الإنسان.
كما أكدت بعض الأوراق على أهمية الانتقال من المقاربة الإحسانية نحو تبني مقاربة حقوقية قصد إنماء قدرات الأشخاص في وضعية إعاقة، وإلى تبني منهج بيداغوجي تجاه هذه الفئة يأخذ عين الاعتبار وضعيتهم.. فيما أشارت أوراق علمية أخرى إلى أهمية منح آليات جديدة لمؤسسة الوسيط بالمغرب لتعزيز حماية حقوق الأفراد والجماعات.
يشار إلى أن أشغال الأوراق العلمية لهذه الندوة ستنشر ضمن مؤلف جماعي سيصدره المختبر قريبا.