اخبار جهة مراكش | الإثنين 13 يناير 2020 - 21:14

الدكتور محمد بنشقرون: “توقيف الحكم الدولي هشام التيازي وصمة عار في ممارسة كرة القدم ببلادنا”

  • Whatsapp

بقلم: الدكتور محمد بنشقرون

إن عشقي لكرة القدم، وبصفتي ابن حكم كون جيلا من الحكام على مستوى عصبة الجنوب لكرة القدم، حيث كان والدي رحمه الله مسؤولا عن تكوين وتأطير الحكام على المستوى المحلي والوطني، إذ شغل عضوا في اللجنة المركزية للحكام أكثر من عقدين من الزمن، فضلا عن كوني مسيرا سابق لفريق بالقسم الوطني الأول لأكثر من خمس سنوات، كل هذه الاعتبارات املت عليا تناول هذا الموضوع سعيا إلى تنوير الرأي العام الرياضي، وإنصافا لرجل أعطى الكثير لكرة القدم حيث حمل الشارة الدولية لمدة طويلة وقاد العديد من المباريات الصعبة على المستوى الوطني والعربي والأفريقي بحنكة متميزة ارتقت به إلى مكانة التقدير والاحترام من طرف فعاليات رياضية على المستوى المحلي والدولي.

إن هذا القرار في نظري يطرح أكثر من سؤال:

1- كيف تم اخد هذا القرار وبحضور من وفي أي إطار قانوني؟ علما ان السيد رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم كان خارج الوطن واكثر من ذلك، ان رئيس اللجنة المركزية للحكام كان بالديار الموريتانيا، ورئيس المديرية للتحكيم لا علم له بهذا القرار.

2- إن سرعة القرار المتخذ في حق الحكم هشام التيازي تدعو إلى الاستغراب حيث أن هذا القرار لم تكن له صبغة استعجالية لاسيما أن المساطير القانونية لدى المحاكم لا تتسم بهذه السرعة علما أن القضايا المطروحة على العدالة على وجه الاستعجال (القانون الجنائي، القوانين المتعلقة بالاستثمار، القوانين المتعلقة بالحريات العامة) كل هذه المساطر رغم الصبغة الاستعجالية المخولة من طرف القوانين الجاري بها العمل لا تؤخذ بهذه السرعة المفرطة.

3- إن ادانة الحكم الدولي هشام التيازي دون الاستماع اليه، وأخذ التوضيحات اللازمة من طرفه بالطريقة المعلنة يمكن اعتباره إدانة مسبقة لم تحترم المساطر القانونية الجاري بها العمل في ميدان ممارسة التحكيم ببلادنا إذ أن مقرر التأديب هذا استند على مضامين المادة 2-6 من قانون الحكم والتحكيم لتضع حدا نهائيا للممارسة أي التشطيب عليه من لائحة الحكام المغاربة بما يعني أقصى عقوبة في سلم العقوبات.

فالتساؤل المطروح، هل أخطاء تحكيمية عادية يمكن اعتبارها ملزمة لاتخاذ مثل هذا القرار؟

4- هل تبقى خلف هذا القرار طبخة قبلية مدبرة من طرف شخص أو أشخاص يعتبرون انفسهم فوق القانون ولو بصفتهم مسؤولون عن فرق بالقسم الوطني الأول أو اعضاء بمؤسسة تدبر الشأن الكروي ببلادنا، إذ ان الملاحظ للساحة الكروية الوطنية والدولية عرفت في تاريخ التحكيم العديد من الأخطاء لم يترتب عنها اتخاذ مثل هذا القرار الذي يمكن اعتباره فريدا من نوعه في تاريخ التحكيم الوطني والدولي.

5- هل رعا اتخاذ هذا القرار، الجانب الإنساني والاجتماعي والمعنوي والنفسي لحكم شاءت مديرية التحكيم واللجنة المركزية للتحكيم أن تتقدم بطلب تمديد مهمة هذا الحكم لمزاولة التحكيم على الصعيد الدولي (الفيفا) وذلك برسم سنة 2020، وذلك بناء على التقارير الايجابية والرتبة المحصل عليها من طرف هذا الحكم في سلم تصنيف الحكام على الصعيد الوطني علما ان الحكم هشام التيازي، كان سيدع بدلته السوداء بعد أشهر قليلة.

6- إن نتخذ هذا القرار، يعلن غياب ثقافة الاعتراف بالجميل في حق ممارسة التحكيم ببلادنا وبالتالي هل يمكن اعتبار هذا القرار “تكريما” لرجل كان من الواجب تحضير حفل وطني من المستوى الرفيع توجه فيه كلمة “شكرا” للحكم الدولي التيازي، علما، أن كلمة “شكرا” لا يمكن اعتبارها مصطلحا عاديا. إن لحظة الشكر هي لحظة اعتراف تاريخي لرجل أعطى الكثير لممارسة التحكيم ببلادنا ويتميز باخلاق رفيعة، ومن عائلة حكم ومربي يدعى الحاج عبد القادر التيازي الذي ترعرع في عائلة محافظة نالت من الاهالي المحلية والأسرة الرياضية بمراكش كامل التقدير والاحترام.

7- ماذا يمكن أن يترتب عن مثل هذا القرار على نفسية الحكام الممارسين في البطولة الوطنية؟ وعلى هؤلاء الحكام الشباب الذين نتوسم فيهم الخير ليكونوا خير خلف لخير سلف في الوقت الذي نجد فيه بأن هذا النوع من القرار سيعمل على خلق احساس مخيف يمكن لحكم ما أدار مقابلة في كرة القدم، وبعد 24 ساعة يتم توقيفه مدى الحياة.

إن التوقيف مدى الحياة باعتباره من أقصى العقوبات لايمكن في نظري مزاولته على الحكام المغاربة الشرفاء إذ يمكن اليوم ان نسجل وبكل افتخار توفر الساحة الكروية الوطنية على حكام في مستوى عالي من المسؤولية والنزاهة وبمستويات ثقافية رفيعة.

8- إن إزالة البدلة أي مغادرة الميادين بالنسبة لأي ممارس في لعبة كرة القدم والتوقيف مدى الحياة كأقصى العقوبات يمكن اعتبارهما متناقضين مما للمصطلحين من معنى ومفهوم نفسي واخلاقي، إذ أن إيداع البذلة بالنسبة لجميع المهن كان طبيبا أو حكما بقي في عمر مزاولة لمهنته ساعات قليلة لايمكن أن ناخد في حقه اقصى العقوبات، فقد كان من الحكمة تسخير العقل في تهيئ المغادرة بطريقة سلسة مع إحترام القيم بدون وخز او ايداء لشخصه أو مؤسسة معينة.

إن ايداع البذلة، بالنسبة لحكم يمكن اعتباره نهاية مشوار ونهاية عطاء فمن الواجب التعامل مع هذا التوديع ترجمة ثقافية ممزوجة بالاعتراف واللباقة وحسن التقدير والاحترام لشخص الحكم حتى يبقى هذا العرف بمثابة نموذج يقتدى به في المحافل الوطنية.

امام هذه التساؤلات، اتمنى مراجعة هذا القرار من طرف المسؤولين عن الشأن الكروي في بلادنا وأن تسود ثقافة الاعتراف في ممارسة كرة القدم على الساحة الوطنية وأن يتم العدول على مثل هذا القرار الذي يخدش المسيرة الكروية الوطنية في الوقت الذي تقوم الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بدور فعال على مستوى تنمية كرة القدم والدليل على ذلك عدد الاوراش المفتوحة لتطوير الممارسة على المستوى الوطني.

املي الا يتكرر اتخاذ مثل هذا القرار لتبقى الرياضة بعيدة عن تصفية الحسابات، وعلى لغة الخشب وذلك بغية وضع ممارسة كرة القدم في حلة تسودها الشفافية والوضوح وثقافة الإعتراف بالجميل حتى تنمو الرياضة بصفة عامة كما يريدها الرياضي الأول صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.