اخبار جهة مراكش | الخميس 28 مايو 2020 - 12:17

المحامي بنسلام يفكك المادة 6 من مرسوم بقانون رقم 292- 20. 2 حالة الطوارئ الصحية

  • Whatsapp

بقلم محمد السعيد بنسـلام، محام بهيئة مراكش

ان من حسنات هذه الجائحة، رب ضارة نافعة، أن دفعت بالزميلات والزملاء الى وضع استفهامات وآراء ونصوص واجتهادات قضائية، بمجموعاتهم فاظهرجلها فعلا بان المحامي مهتم بما يتعلق بمهنته كمهنة تستوجب البحث والتقصي والاطلاع الالكتروني وانعقاد ندوات عن بعد وخلافه، وبالتالي كمهنة تنبني على التشاور وابداء الراي في سبيل الوصول الى احسن منتوج في العالم، الا وهو العدالة، أو على الأقل العدالة المنصفة.
انه غيرخاف على أحد بان الميدان شائك ومعقد ويعتمد على تفسير نصوص تشريعية وتنظيمية من قبل القضاء، ومقارعة مايراه الدفاع ان ما تحمله هذه النصوص هو أيضا له تفسير خاص غير ما ذهب اليه القضاء، مما يجعل طرفي المعادلة في احتكاك مستمر، لايمكن الا ان يكون مفيدا في الأخير للعدالة التي قيل عنها انها عمياء، وهي لا تبصر الا بصدور احكام تجعل الصادر ضده، أو له، يقف لها باحترام لجودتها ولإتقانها ولانصافها.
ان المادة 6 من مرسوم بقانون رقم 292– 20. 2 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، كانت محل نقاش في تلك المجموعات المشار اليها أعلاه، وجاء ملخص تدويني على مجموعة “فضاء التواصل المهني”، بتاريخ 04 ماي 2020، ان مقتضيات الفصل 230 من الالتزامات والعقود يجب ان تكون حاضرة في الادهان والآجال المعلقة هي تلك المتعلقة بالحقوق، وليس من ضمنها العقود، لذلك فان المكتري يجب عليه ان يطلب أجلا من قاضي المستعجلات الى ان ترفع الظرفية على سبيل المثال، موضحا بان أبواب قاضي المستعجلات مفتوحة، تدعمها مقتضيات الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية.
مصرا على ان لمثل هذه الحالات وغيرها أنشئت مؤسسة القضاء الاستعجالي، مستدركا بان هذا رأيي قابل للخطأ أو للصواب، والزمن كشاف، لذلك رجوت لابسي الجبة السوداء ان لا يتوسعوا في تفسير الاستثناء، وعليهم ان يحصنوا أنفسهم ويحصنوا أمور من أولوهم تدبيرها.
ان مسؤولية المحامي بصفة عامة هي مسؤولية تدور حول الوسيلة لا النتيجة.
إن هذه الخاطرة، تبقى خاطرة، هدفها التحفيز من أجل فتح النقاش ولما لا فتح باب المبادرة لمن بيدهم التشريع، والتدبير .

إنه ورجوعا لنص المادة 6 أعلاه ، يتبين بانها تتحدث عن “يوقف سيران مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية و التنظيمية ……”.
وبالتالي فان هذا النص ومن قراءتي الأولية، لا يمكن لي الا أن أفهم منه بأنه جاء على سبيل الحصر.
ان المشرع لما سن مقتضيات الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود اعتبر إرادة الطرفين تشريعا، وبالتالي هل نص المادة 6 يتحدث عن هذه الإرادة ويأمر بإيقافها.
أقول بكل تجرد، وان أمكن بكل جهر وشجاعة، لا يمكن أن يوقفها لأنها هي أصلا تشريع محصور بين طرفيه.
ان النص التشريعي حسب المتفق عليه فقها، إن كان يتعلق بالقانون الوضعي، هو نص يصدر عن البرلمان كسلطة تشريعية وفق إجراءات معينة، ويتضمن جملة القواعد القانونية العامة المجردة والملزمة للأفراد قصد تنظيم علاقاتهم بالمجتمع.
في حين ان النص التنظيمي، هو نص يصدر عن السلطة التنفيذية، حول كيفية تطبيق النص التشريعي وكيفية تنفيذه.
والحالة هذه ان الفصل 230 المشار اليه أعلاه، المتحكم فيه هو سلطة الإرادة بشرط أن تنبني التزامات طرفيه على وجه صحيح وغير مخالف للقانون.
لذا أرى بان نص المادة 6 أعلاه لا يمكن له ان يخترق مقتضيات الفصل 230 المذكورة، لأنه إن هو اخترقها يكون قد هتك عرض فصل تشريعي عموده الفقري سلطان الإرادة ولا دخل للمجتمع فيه ويكون موجبا للقول بعدم دستورية هذا الاختراق.
اننا نعيش حالة الطوارئ فعلا، وعلى جميع الأصعدة، وليست فقط على الصعيد الصحي.
لذا فان حبك النصوص يجب ان يتولاه من يمتاز بالحكمة والتجربة والنزاهة وبعد النظر، بعد ان يتجمع لديه عصارة أفكار جميع شرائح المجتمع وعلى رأسها المهنيين الاساسيين المرتبطين بالحق والقانون من قضاة ومحامين وحقوقيين، لا لشيء الا لأنهم يمارسون تطبيق القانون مما اعطاهم تراكمات لا تتأتى بالضرورة لغيرهم.
أتمنى من هذه الخاطرة ان تحرك مكنون المهنيين للمزيد من الفحص والتمحيص والنقد والتوجيه، لان الامر أوله وآخره يهم العدالة واستقرار المعاملات وتهدئة النفس، والسير الى الامام للتقدم، لأنه بدون منظومة متوازنة لايمكن البث في أصل الحق للوصول الى منتوج يرضي الأغلبية ان لم يرض الكل.