اخبار جهة مراكش | الأربعاء 10 يونيو 2020 - 21:21

النسيج التعاوني يتطلع إلى انطلاقة جديدة بعد جائحة كوفيد-19 باقليم الرحامنة

  • Whatsapp

على غرار العديد من القطاعات الإنتاجية المتضررة من جائحة فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد-19) بالمغرب، لم يسلم النسيج التعاوني، باعتباره أحد ركائز التنمية المحلية في عدد من أقاليم المملكة، من الآثار السلبية للجائحة وما رافقها من إقرار للحجر الصحي أدى إلى توقف جل الأنشطة الاقتصادية.

ويعد النسيج التعاوني بإقليم الرحامنة أحد القطاعات الإنتاجية المساهمة في تنمية الاقتصاد الاجتماعي، إذ تتميز مجالات تدخله، على اختلاف أنواعها، بالتعدد والشمولية، لتشمل مجالات الفلاحة والصناعة التقليدية والأعشاب الطبية وغيرها.

وعلى الرغم من الوضعية التي فرضتها الجائحة، يأمل أرباب التعاونيات بالإقليم في تحقيق انطلاقة قوية وجديدة بعد رفع الحجر الصحي وتجاوز المخلفات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة، انطلاقا من الدور الهام للتعاونيات كأداة لتحقيق التنمية المستدامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ومحاربة البطالة والفقر وإدماج صغار المنتجين في السوق.

ولا يخرج إقليم الرحامنة عموما ومدينة ابن جرير خصوصا، عن هذا الواقع الاستثنائي، حيث سطرت بعض التعاونيات قصص نجاح من خلال تحويل وملاءمة أنشطتها مع ما تقتضيه الظرفية الصحية، فيما وجدت الأخرى نفسها أمام “شلل تام” لأنشطتها نتيجة توقف عجلة الحياة الاقتصادية.

وانخراطا منها في الجهود المبذولة من قبل مختلف الفاعلين بإقليم الرحامنة لمواجهة وباء “كورونا”، قامت تعاونية “إبداعات الرحامنة” المتواجدة بمدينة ابن جرير والمختصة في مجال الخياطة والتطريز، بملاءمة أنشطتها الإنتاجية مع حاجيات السوق المحلية والجهوية، وذلك بتحويل إنتاجها إلى صناعة الكمامات الواقية.

وطورت هذه الوحدة، التي تضم طاقم إنتاج يناهز 20 عاملا وعاملة، قدرتها الإنتاجية الإجمالية لتصل حاليا إلى ما بين 2000 و3000 كمامة يوميا، تمتاز عن غيرها بجودتها العالية وإمكانية استعمالها لخمس مرات متتالية بعد تنظيفها، مع التفكير في الرفع من الإنتاج مستقبلا.

وبالمناسبة، أكدت رئيسة تعاونية “إبداعات الرحامنة”، مجيدة البركاوي، أن توجه التعاونية المهتمة بمجال الصناعة التقليدية نحو إنتاج الكمامات الواقية، فرضته خصوصية الظرفية الصحية الحالية، والحرص على التأقلم مع جميع الوضعيات الاقتصادية.

وأضافت بركاوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن التعاونية شرعت، مباشرة بعد حصولها على الترخيص من المعهد المغربي للتقييس (إيمانور)، في عملية الإنتاج، وحظيت بمواكبة في مجال التسويق من قبل المجمع الشريف للفوسفاط، تشجيعا لها على المضي قدما في عملية الإنتاج.

وبخصوص عملية التسويق، أشارت البركاوي إلى أنها تنحصر حاليا على محلات البقالة والصيدليات ومحلات بيع المستلزمات شبه الطبية على مستوى ابن جرير، فضلا عن محاولات “متواضعة” للتسويق في بعض الأحيان بمراكش والدار البيضاء، داعية الجهات الوصية إلى مزيد من التشجيع والتعاون لمثل هذه المبادرات.

وإذا استطاعت تعاونية “إبداعات الرحامنة” العاملة في مجال الصناعة التقليدية أن تكيف نشاطها الإنتاجي مع خصوصية الظرفية الحالية، فإن تعاونيات أخرى وجدت نفسها، بحكم طبيعة أنشطتها، متوقفة عن العمل كما هو الشأن بالنسبة لتعاونية “النور” للكهربائيين بمدينة ابن جرير.

وتشتغل هذه التعاونية، التي تضم في عضويتها حوالي 40 عاملا وعاملة في مجال الصيانة الكهربائية، بأوراش البناء والإقامات السكنية، التي توقفت بها الأنشطة بناء على قرار من السلطات العمومية، قصد الحد من انتشار فيروس كورونا بين العاملين.

وفي هذا السياق، أكد رئيس تعاونية “النور”، علال الناصري، أن جائحة “كورونا” أدت إلى “توقف كلي” للأنشطة في مجال البناء والأشغال العمومية، باعتباره أحد القطاعات المساهمة في تنمية الإقليم وتوفير مداخيل للعمال بالأوراش.

وأوضح الناصري، في تصريح مماثل، أن هذه الوضعية أثرت في بادئ الأمر، على عدد كبير من أعضاء التعاونية الذين انقطع مورد رزقهم اليومي نتيجة لتوقف الأنشطة بهاته الأوراش، منوها في هذا الصدد، بالدعم الذي استفاد منه أعضاء التعاونية والمخصص من قبل صندوق تدبير جائحة “كورونا”.

وبعد أن عبر عن أمله في استئناف أنشطة البناء قريبا، أكد الناصري أن التعاونيات العاملة في مجال البناء والأشغال العمومية ستظل منخرطة في تنزيل الإجراءات والتدابير التي أقرتها السلطات العمومية من أجل تفادي انتشار فيروس “كورونا”، خاصة بعد رفع الحجر الصحي.

وعلى صعيد آخر، تعمل مختلف الأطراف المعنية بتنمية وتقوية النسيج التعاوني بإقليم الرحامنة، على مواكبة التعاونيات العاملة في مختلف القطاعات الإنتاجية، سعيا منها إلى التخفيف من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الجائحة على هاته التعاونيات.

وفي هذا السياق، أكد رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بعمالة الرحامنة، محمد نجاح، أن إقليم الرحامنة يزخر بنسيج تعاوني هام، حيث يفوق عدد التعاونيات بالإقليم 256 تعاونية، تشتغل غالبيتها في المجال الفلاحي بنسبة 78 في المئة، في حين أن 21 في المئة من التعاونيات تعمل في الصناعة التقليدية.

وأوضح نجاح، في تصريح مماثل، أن أنشطة مجموعة التعاونيات توقفت خلال فترة الحجر الصحي الذي فرضه انتشار فيروس “كورونا” المستجد، فيما ظلت تعاونيات أخرى مستمرة في أنشطتها خاصة في المجال الفلاحي.

وأشار إلى أنه مع الرفع التدريجي للحجر الصحي، سيصبح من اللازم مواكبة استئناف أنشطة هاته التعاونيات من طرف مجموعة من المتدخلين، وذلك من خلال التكوين في مجال التسويق الرقمي، والبحث عن الزبناء وتطوير المهارات الإنتاجية للتعاونيات والتحسيس بأهمية التقيد بالتدابير الوقائية.

ودعا، في هذا الصدد، التعاونيات المحلية إلى مواكبة التطور التكنولوجي والعلمي، الذي تعرفه المملكة عبر خلق تكتلات والبحث عن تقنيات جديدة للولوج إلى الأسواق جديدة، مؤكدا أن عمالة الإقليم ستواكب، بمعية مجموعة من الشركاء والقطاعات الوزارية المتدخلة، عملية تسهيل استئناف أنشطة التعاونيات.

ويبقى التأكيد على أن الأوضاع التي فرضتها جائحة (كوفيد-19) على النسيج التعاوني بإقليم الرحامنة وباقي أقاليم المملكة عموما، يستلزم تضافرا للجهود من قبل مختلف المتدخلين من أجل مساعدتهم في عملية استئناف الأنشطة الإنتاجية وتزويدهم بالإمكانيات والقدرات الكفيلة بمساهمتهم في التنمية المحلية.