اخبار جهة مراكش | الجمعة 11 سبتمبر 2020 - 16:23

البرلماني آيت الحاج لحسن.. نقاش هادئ مع العقول الراقية

  • Whatsapp

بقلم : يوسف آيت الحاج لحسن* 
تعالت بعض الأصوات مؤخرا منتقدة مبادرة بعض البرلمانيين بإقليم مراكش حول طلب لقاء مع والي الجهة لمدارسة الوضعية الوبائية والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة على ساكنة المدينة. بعض هذه الأصوات عبرت عن وجهة نظرها وخلصت إلى أن الرسالة أخطأت طريقها، وبعضها عبر بسخرية تخفي جهلا فظيعا بمهام البرلمانيين وباختصاصات ممثلي الإدارة المركزية على مستوى الجهات والعمالات أو الأقاليم، وتجاوزت بأسلوبها الفج حدود اللياقة والأدب لإقناع الآخرين برأيها حول الموضوع.
ومساهمة في النقاش حول المبادرة و حيثياتها و سياقها الزماني والمكاني يأتي هذا البيان :
منذ ظهور جائحة كورونا ببلدنا في شهر مارس 2020 انخرطت المؤسسة التشريعية إلى جانب كل مؤسسات الدولة الأخرى في مواجهتها وذلك في إطار الاختصاصات الموكولة إليها .فرغم ظروف الجائحة وإعلان حالة الطوارئ الصحية، بقي البرلمان بغرفتيه يقوم بدوره التشريعي والرقابي، واتخذ لذلك عدة تدابير احترازية، كتقليص الحضور الفعلي، والمشاركة عن بعد في أشغال اللجان و في الجلسات العامة، وكذلك التصويت عن بعد بالنسبة لمجلس المستشارين. وبقيت الجلسات مستمرة إلى نهاية يوليوز.
فعلى المستوى التشريعي وخلال هذه الفترة التي امتدت من شهر مارس إلى شهر يوليوز صادق البرلمان على 21 نص تشريعي بعضها يتعلق بمواجهة الجائحة و على رأسها قانون إعلان حالة الطوارئ الصحية وتعديل قانون المالية لسنة 2020. علما أن كل نص تشريعي يقتضي انعقاد اللجان المختصة لمدارسته قبل عرضه على الجلسة العامة للمصادقة عليه.
وعلى المستوى الرقابي تقدم النواب البرلمانيون عن طريق فرقهم بمآت الأسئلة الشفوية جلها يتعلق بالجائحة وتداعياتها الاقتصادية و الاجتماعية وتتم الإجابة عنها في الجلسة الأسبوعية من طرف الوزراء كل حسب القطاع الذي يشرف عليه. كما تقدم النواب البرلمانيون خلال هذه الفترة كذلك بعشرات الأسئلة الكتابية حول الجائحة وكل الجوانب المتعلقة بها. ويكفي الدخول للبوابات الرسمية لمجلسي النواب والمستشارين للاطلاع على مختلف الأسئلة الرقابية التي تقدم بها البرلمانيون والمتعلقة بجائحة كورونا. ‏هذا إضافة إلى الاتصالات المباشرة مع مختلف الوزراء وكذا المسؤلين المحليين في شأن العديد من الإشكالات والمواضيع المرتبطة بمعاناة وشكايات المواطنين جراء هذا الوباء الفتاك وتداعياته.
وللإشارة فطرح الأسئلة الكتابية والشفوية يخضع لمسطرة خاصة تنظمها الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان وتبرمج بالتنسيق مع الفرق البرلمانية وليست خاضعة لرغبة كل نائب أو مستشار.
أما على مستوى تقييم السياسات العمومية فقد تم عقد حوالي ثمان لقاءات شهرية مع رئيس الحكومة بغرفتي البرلمان لمساءلته عن السياسات العمومية والتي انصب جلها على الجائحة وتداعياتها الاقتصادية و الاجتماعية. وفي آخر جلسة لمساءلة رئيس الحكومة حول السياسات العمومية والتي تمحورت حول موضوع: “السياسات العمومية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والرقمية في ضوء الدروس المستخلصة من تداعيات أزمة كورونا” أثير موضوع إغلاق مدينتي مراكش وطنجة من طرف أغلبية الفرق البرلمانية نظرا للتداعيات السلبية لهذا القرار على المدينتين، وهذا من باب المسؤولية الملقاة على عاتقهم، أما تجاوب الحكومة مع مطالبهم أو عدم التجاوب معها فتتحمل فيه الحكومة مسؤوليتها حسب منظورها و رؤيتها للأمور.
فعلى الذين يبخسون عمل البرلمانيين ويتخذونه مجالا للسخرية عليهم أن يواكبوا أولا عمل هؤلاء البرلمانيين ويطلعوا على جهودهم في مجال الرقابة والتشريع وينتقدوا نواقصهم بكل موضوعية وإنصاف.
أما على المستوى الأقاليم التي ينتمي إليها البرلمانيون فمن حق البرلمانيين تتبع تنفيذ السياسات العمومية من طرف المصالح اللاممركزة بهذه الأقاليم ، ومن حقهم الحصول على المعلومات المتعلقة بهذه السياسات لأنها أساسية للترافع عن الساكنة، ولمساءلة الحكومة عن جدوى هذه السياسات و عن انعكاساتها على المواطن، ومن حقهم عقد لقاءات مع هذه المصالح اللاممركزة ومع ممثلي السلطات المركزية بهذه الأقاليم.
وإذا رجعنا إلى مواد الدستور لسنة 2011 سنجده يتحدث عن العمال و الولاة بصفتهم يمثلون السلطة المركزية بالجماعات الترابية ومكلفون بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية ، حيث تنص المادة 145 من الدستور على ما يلي :
ــــ يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية.
ــــ يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية .
ـــــ يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية.
ــــــ يقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها.

كما أن المرسوم المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية لمواجهة تفشي فيروس كورونا – كوفيد 19، منح صلاحيات واسعة لولاة وعمال العمالات أو الأقاليم باتخاذ جميع التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام الصحي في ظل حالة الطوارئ المعلنة.
أمام هذه المعطيات وبعد أن أصبح الكل يتحدث عن الوضعية الصحية للمدينة أمام تزايد حالات الإصابة بالفيروس، وتزايد عدد الوفيات في الآونة الأخيرة ، وبعد أن أصبح الحديث كذلك عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية ذو شجون أمام غياب المعلومات الدقيقة عن حجم الأضرار التي ترتبت جراء إغلاق المدينة ، ولكي يساهم البرلمانيون في الترافع عن المدينة و ساكنتها مركزيا ، كان لا بد من اتخاذ مبادرة جماعية وهي التي تمثلت في طلب اجتماع بالسيد الوالي بصفاته المذكورة سلفا، علما أن الهيآت السياسية التي ينتمي إليها طالبوا اللقاء غير ممثلة في لجنة اليقظة المحلية شأنها شأن البرلمانيين. كما ‏إن التواصل المباشر مع هؤلاء المسؤولين المحليين يسهم في حل العديد من الاشكالات المحلية ومطالب المواطنين وتطلعاتهم بالسرعة والدقة المطلوبتين دون انتظار التفاعل المركزي معها الذي يتطلب وقتا طويلا .لذلك
فطلب اللقاء بالسيد الوالي في هذا الوقت بالذات تؤطره هذه الحيثيات ويرمي إلى تظافر الجهود وتكاملها وتناسقها لتجاوز الوضعية الحالية التي تعيشها المدينة صحيا واجتماعيا واقتصاديا. أما الآلية المعتمدة للاجتماع بالولاة والعمال بشكل رسمي فهي طلب عقد اجتماع، وهي نفس الآلية المعتمدة مركزيا في عقد اللقاءات مع الوزراء لمناقشة القطاع المعني، لأن المواعيد ترتب سلفا حسب الأجندة اليومية للسادة الوزراء أو للسادة الولاة والعمال، ولا يمكن أن تتم بشكل عشوائي.
لقد أصبح خطاب التبخيس هو السلعة الرائجة اليوم في الساحة السياسية، ولم تسلم منه أية مؤسسة من مؤسسات الدولة، مركزية أو محلية، ولم يسلم منه أي مسؤول في أي منصب كان، وهو خطاب غير واقعي يساهم في نشر اليأس وبث الكراهية ويقوض كل الجهود المبذولة من طرف الدولة ومؤسساتها للنهوض بالوطن ومواجهة التحديات. لذلك فالتحلي بالموضوعية والإنصاف في تقييم الأداء سواء تعلق الأمر بأداء المؤسسات أو بأداء الأشخاص هو السبيل للمساهمة في خدمة الوطن.

* برلماني عن العدالة والتنمية