وأوضح ميراوي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمحطة الخامسة من سلسلة المناظرات الجهوية، التي أطلقتها الوزارة قصد بلورة “المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار”، أنه “تكريسا للبعد الجهوي للاختيارات التنموية لبلادنا، فإن النموذج الجديد للجامعة المغربية يصبو إلى إرساء أسس عدالة مجالية فعلية ترتكز على رؤية واضحة، تأخذ بعين الاعتبار التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشهدها الجهات والأقاليم”.
وأضاف أن ذلك “يتطلب إرساء أقطاب جامعية مندمجة تستجيب للأولويات التنموية وتساهم في تعبئة وتثمين الطاقات الواعدة التي تزخر بها جهات المملكة”، مبرزا أن هذا المخطط الوطني “الذي نحن بصدد رسم معالمه الكبرى وتحديد آليات تنزيله، وفق مقاربة تشاركية مندمجة ومعبئة للذكاء الجماعي، يستمد جوهره من مخرجات النموذج التنموي الجديد ومن الأولويات الاستراتيجية للبرنامج الحكومي 2021-2026، خصوصا تلك المتعلقة بالارتقاء بجودة الرأسمال البشري، باعتباره الركيزة الأساسية لتسريع وتيرة التنمية الشاملة والمستدامة لبلادنا، تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس”.
وسجل الوزير أن “التحولات المتسارعة للسياق الوطني والدولي تسائل، ليس فقط قدرة الجامعة على التكيف مع المتطلبات الجديدة في ما يخص جودة ونوعية الكفاءات التي يجب توفيرها للاستجابة لمتطلبات القطاعات الإنتاجية، ولكن أيضا الدور الذي يجب أن تضطلع به الجامعة كرافعة للتنافسية الشاملة والاندماج في مجتمع المعرفة”.
وأكد أن هذا التحول يشكل خيارا استراتيجيا لا محيد عنه، “من أجل تمكين بلادنا من بلوغ طموح النموذج التنموي الجديد، خصوصا في ما يتعلق بأهداف السيادة والاستدامة في بعض المجالات الحيوية ذات الصلة بقطاعات الصحة والفلاحة والطاقة، فضلا عن تعزيز القدرات التكنولوجية للنسيج الصناعي، كشرط أساسي للاندماج الفعلي في سلاسل القيمة العالمية”.
وتابع ميراوي أن “هذه المناظرة تشكل فرصة للوقوف على أهم الخلاصات المنبثقة عن اللقاءات التشاورية التي تم عقدها مع الفاعلين المؤسساتيين بجهة مراكش – آسفي، والشركاء السوسيو – اقتصاديين، فضلا عن فعاليات المجتمع المدني والأطراف المعنية من داخل منظومة التعليم العالي من طلبة وأساتذة باحثين وأطر إدارية وتقنية”، مبرزا أن “تواجدنا اليوم بهذه الجهة، ذات الإشعاع الوطني والدولي الهام، يختزل عدة دلالات تتعلق أولا بمكانة الجامعة داخل محيطها السوسيو – اقتصادي والثقافي، وثانيا بقدرة هذه الأخيرة على تجديد قدراتها وتعبئة إمكاناتها، من خلال استباق التحولات الهيكلية التي تعرفها منظومة التعليم العالي بشكل عام”.
وذكر الوزير، في هذا السياق، بأن رافعات التحول التي يرتكز عليها المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار تتمحور حول “تكريس التمكين والتميز من خلال عرض تكويني يواكب متطلبات العصر ويرتكز على أحدث المقاربات البيداغوجية، مما يعزز ليس فقط قابلية التشغيل لدى الخريجين، ولكن أيضا يدعم قدراتهم على التأقلم مع التحولات المتسارعة لسوق الشغل”، و”إرساء أسس بحث علمي بمعايير دولية، يستند على الأولويات التنموية الوطنية”.
كما تتمحور هذه الرافعات، يضيف الوزير، حول “الاعتماد على مقاربة متجددة للشراكة بين الجامعة والجهة والنسيج السوسيو-اقتصادي، وتجويد حكامة المؤسسات الجامعية والرفع من نجاعتها قصد إرساء استقلالية الجامعة على أسس صلبة ومستديمة”، مؤكدا أن “تفعيل أولويات المخطط الوطني يجعل من الضروري إحداث نقلة نوعية على عدة مستويات، من خلال خلق دينامية جديدة داخل الجامعة تعيد لهذه المؤسسة مكانتها المرموقة كفضاء للتحصيل العلمي والأكاديمي، وكمشتل لإعداد رأسمال بشري معزز من حيث التمكين والقدرة على الإبداع واتخاذ المبادرة، فضلا عن التحلي بقيم المواطنة الفاعلة والحس المدني”.
وشدد، أيضا، على أن نموذج جامعة الغد يتطلب انفتاحا أكبر لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على محيطها الجهوي والمحلي، موضحا أن “إرساء شراكات من جيل جديد ما بين الجامعة والفاعلين السوسيو-اقتصاديين ومنظمات المجتمع المدني يعد خيارا استراتيجيا لا محيد عنه”.
وقال إن “هذا الانفتاح لا يقتصر على المستوى الوطني فقط، بل يشمل أيضا علاقات التقارب مع الجامعات والمراكز البحثية الأجنبية ذات الصيت الدولي، لما يوفره هذا التقارب من تعزيز للقدرات والانفتاح على عوالم جديدة، تساهم في إغناء تجربة الطلبة والباحثين المغاربة، وتسخيرها خدمة لأهداف التنمية الشاملة والمستدامة لبلادنا”.
وخلص إلى أن “التصميم المديري لعرض التكوينات، باعتباره أحد محاور المخطط الوطني، سيشكل إطارا مرجعيا لملاءمة الخريطة الجامعية وترشيدها، بما يتماشى ورهانات الجهوية المتقدمة، وذلك من خلال وضع المعايير التي على أساسها يتم تحديد نوعية المؤسسات التي يجب إحداثها وطبيعة مسالك التكوين التي يستوجب فتحها بكل جهة، في انسجام مع الخصوصيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمجالات الترابية”.
ويتضمن برنامج هذه المناظرة، على الخصوص، أربع موائد مستديرة، تتناول النموذج الجديد للجامعة المغربية، الذي يكرس الإدماج المجالي والتنمية المندمجة، والإدماج الاقتصادي والتنافسية، والإدماج الاجتماعي والمستدام، ويكرس التميز الأكاديمي والعلمي، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات مع كل من الفاعلين بالجهة، والفاعلين الاقتصاديين، وفاعلي المجتمع المدني، والفاعلين الجامعيين.
حضر الجلسة الافتتاحية للمناظرة، والي جهة مراكش – آسفي، ونائب رئيس ثاني مجلس الجهة، ورؤساء الجامعات، وممثلو الجهة بالبرلمان بغرفتيه، ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم والمجالس البلدية، ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، ورؤساء المصالح الخارجية للوزارات بالجهة، والأساتذة الباحثون والأطر الإدارية والتقنية، وممثلو القطاعات الاقتصادية، والنقابات والشركاء الاجتماعيون، والمجتمع المدني، والطلبة.
تفاصيل اوفى بالفيديو التالي: