أراء | الإثنين 9 مايو 2022 - 09:32

الدكتور بنطلحة يكتب: روح المؤامرات تسكن أرواح العسكر الجزائري

  • Whatsapp

الدكتور محمد بنطلحة الدكالي استاذ العلوم السياسية  

قدر الشعب الجزائري الشقيق أن يعيش تحت وطأة التوظيف السياسوي لنظرية المؤامرة، حيث أصبحت تلاحقهم في كل مكان، لاتخلو منها وسائل الإعلام وفي نقاشات وخطابات الساسة وحتى في أحاديث البسطاء من المواطنين.

فكل الأعطاب السياسية والاقتصادية والاجتماعية يجري تطويعها لكي تتسق مع التفسير التآمري، دون الاستناد على أدلة ملموسة، بل إنه في بعض الأحيان يتم التناقض تماما مع المنطق والعقل السليم، وذلك بغية التهرب من المسؤولية نتيجة ممارسات خاطئة من جانب الحكام الذين عاثوا في الأرض فسادا..

هكذا يلقون بالتهمة على أطراف خارجية بدعوى التآمر. إن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب البلاد مؤامرة خارجية هدفها تركيع الجزائر العظمى وغلاء السلع وندرة المواد الاستهلاكية مردها إلى مؤامرة خارجية والطوابير تحريض أجنبي يحاك ضد القوة الضاربة، أما الحراك الشعبي فيصوره إعلامهم على أنه مؤامرة تم تدبيرها,

وللتغطية على الفشل في إدارة أزمة الحرائق، تم تحميل أطراف أخرى خارجية مسؤولية اندلاع الحرائق واستمرارها رغم أن القوة الضاربة لاتتوفر ولو على طائرة يتيمة لإخماد الحرائق بل تم الزج بشهيد قربانا للنار المقدسة… ونجد أن عدم صلاحية الملاعب الكروية الذي أصبح موضوع سخرية في الإعلام العالمي أرجعوه هو الآخر لنظرية المؤامرة، بل إن الوزير الأول عبد العزيز جراد أرجع سبب نقص السيولة في بعض البنوك ومراكز البريد أن هناك مؤامرة لخلق ندرة في السيولة، وسبب انقطاع المياه يومي عيد الأضحى المنصرم يعود إلى مؤامرة طالت تخريب محطة لتحلية مياه البحر بتيبازة من أجل ضرب الاستقرار والعلاقة بين المواطن والسلطات العمومية.

وضدا على أي منطق، وعكس جميع المعطيات الموضوعية التي تنذر بانفجار الأوضاع في غرداية فإن أزلام الحكم العسكري رددوا جميعا لأزمة ” اليد الخارجية” وكذلك في منطقة القبايل وحتى في الشعارات التي رددها هذا الأسبوع جمهور فريق شبيبة القبايل..و..و.. بينما البلاد تشتعل وتسير بخطى مسرعة نحو الهاوية.

لقد أثارت تصريحات الرئيس الجزائري  عبد المجيد تبون عن بعض “المتربصين بالجزائر” كأنهم من كوكب آخر سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، واليوم يعيش أشقاؤنا المغلوبون على أمرهم بالجزائر على وقع فدلكة مؤامرة جديدة تستهدف تحطيم منتخبهم الوطني لكرة القدم ابتدأت منذ الكأس الإفريقية الأخيرة حيث اختلط السحر والرقية الشرعية والحرارة والرطوبة والكاف والحكام والعين الشريرة والكولسة والجار لهزم منتخبهم الوطني…

أما مؤامرة المؤامرات والتي القصد منها عدم نيلهم كأس العالم والموضوع مسبقا في الجيب فقد اختلط غاساما والدبوز ومطار محمد الخامس والكاف والفيفا والكاميرون والمغرب والامبريالية العالمية والارواح الشريرة، نعم إنهم جميعا يتامرون على بلد الأربعين مليون شهيد… وتجند لترويج شائعة هذه المؤامرة للشعب الشقيق العديد من الأبواق الإعلامية والسماسرة وتجار الكلام وأشباه المحللين ونافخي المزامير من أجل تلهية الأشقاء عن وضعهم البئيس، بل جيشوا العديد من المغرر بهم للتظاهر أمام مقر الفيفا رغم أنهم يعلمون أنهم يجرون وراء الريح..!!

إن نظرية المؤامرة هي عبارة عن مسكنات ومهدئات ذات مفعول لحظي لجسد أتعبه التخدير والوخز، واذا لم يتدارك الأمر فإنه على أعتاب الانهيار التام لامحالة. لقد سبق للكاتب الجزائري نجيب بلحيمرأن تساءل حول هذا الوضع قائلا: “اقناع الجزائريين بأن كل مايرونه من سوء تسيير هوفعل أطراف سيكرس الاعتقاد باستحالة القضاء على تلك الأطراف الخفية، بل إن نظرية المؤامرة توحي بقوة خارقة لتلك الأطراف، تصبح معها كل مؤسسات الدولة تبدو عاجزة وفاشلة، وليس في العالم سلطة تريد أن ترسم البلد الذي تحكمه هذه الصورة المخيفة.. أفلا تبصرون..!؟