دولية | الأحد 25 سبتمبر 2022 - 12:32

الطالبي العلمي: المغرب متشبث بوحدته الترابية وعلى الأصدقاء أن يكونوا في صف الحقيقة التاريخية

  • Whatsapp

جدد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، التذكير على أن المغرب لا ولن يقبل بأن يكون ضحية الانفصال، كما لا ولن يقبل بأي تشكيك في وحدته الترابية من طنجة إلى الكويرة، مشيرا أن على الأصدقاء والشركاء أن يكونوا في صَفِّ الحقيقة التاريخية، استنادا إلى قول صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه الأخير بأن ملف الصحراء “هو النظارةُ التي يَنْظُرُ بها المغربُ إلى العالم، وهو المِعْيَارُ الواضحُ والبسيط، الذي يقيسُ به صدقَ الصداقاتِ، ونجاعةَ الشَّرَاكات”، معتبرا أنه أصدق قول وطني في هذا الباب.

وتابع العلمي، في كلمة له بمناسبة افتتاح مراسيم إطلاق مشروع التوأمة المؤسساتية بين مجلس النواب وبرلمانات أوروبية، اليوم الجمعة، أن الديمقراطيةَ لا تزدهرُ وَلاَ تَتَرَسَّخُ، إلا في ظل السلم والاستقرار والحياة المؤسساتية السليمة، وأنها مِنْ العواملِ الأَسَاسِ للاستقرار والتّنمية والتقدم، مشددا على أن الشرطَ الأساسَ لكل هذا هو احترامُ وكفالةُ احترامِ سيادةِ الدول ووحدة أراضيها وسلامةِ حدودها. وفي السياق الدولي الراهن تزدادُ الحاجةُ إلى جَعْلِ هذا المبدأ أكثرَ سُمُوًّا في العلاقاتِ الدولية، وفق تعبيره.

وسجل أن المغربَ، وهو أحدُ ركائِز الاستقرار كقوةُ ديمقراطيةُ صاعدةُ ومُتَفَرِّدَةُ في المنطقة، تَعَرَّض لظُلْمٍ تاريخي باصطناعِ نزاعٍ مفتعلٍ حول أقاليمه الجنوبية، في سياق الحرب الباردة خلال سبعينيات القرن الماضي، في وقتِ كان فيه، منتميًا ومايزال، بشكل إرادي، وبناءً على اختيارٍ واعٍ، لمعسكر الحرية والديمقراطية والتعددية.

وشدد الطالبي العلمي على الدور الذي يلعبه المغرب في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة الأرومتوسطية والعالم، ومنها التحدي الإرهابي ودور البلاد الحاسم في مواجهته، كما ذكر بما تضطلع به المملكة في بناء سياسة دولية بديلة لمواجهة التأثيرات المناخية والهجرة غير النظامية، رغم ما يتطلب ذلك من كلفة باهظة للحد منها، من خلال مواجهة شبكات الاتجار في البشر التي تَسْتَغِلَّ أوضاعَ ملايين الشباب المُحْبَط والمتطلع إلى حياة أفضل، مبرزا أن دعم الاتحاد الأوروبي لمواجهة هذه الشبكات يمثل أقل من 20 في المائة من مجموع الانفاق العمومي بالمغرب المخصص لذلك.

وأكد أن هذه الأدوار المغربية الثابتة تتأسس على الثقة والمسؤولية والوفاء بالتعهدات والالتزام الصادق بالشرعية الدولية ومُسْتَلْزَمَاتِها، و”بالموازاةِ مع ذلك، تُواصِل بلادُنا تحقيقَ إقلاعها الاقتصادي كقوة صاعدة منفتحة، باقتصادٍ حر متنوع، حريصةٍ على تَقاسُم مهارتها وترسيخ شراكاتها مع مختلف المناطق الجيوسياسية وخاصة مع إفريقيا، حيث تضطلع بمسؤولية تحقيق التنمية المشتركة وفق قاعدة رابح – رابح”، على حد قوله.

من جهة أخرى، عبر الطالبي العلمي عن سعادته بإعطاء الانطلاقة لإنجاز مشروع التوأمة المؤسساتية في مجلس النواب بالمملكة المغربية والجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس النواب في جمهورية التشيك ومجلس النواب في المملكة البلجيكية المدعوم من أربع مؤسسات تشريعية في كل من إيطاليا واليونان وهنغاريا والبرتغال والممول من الاتحاد الأوروبي.

وأثنى الطالبي العلمي، على اختيار هذه البرلمانات أن تكون طرفا في هذه التوامة المؤسساتية الثانية لمجلس النواب المغربي، مثمنا دعم الشريك التاريخي والاستراتيجي للاتحاد الأوروبي لهذا العمل المؤسساتي، تجسيدا لما يجمعه بمجلس النواب من قيم نبيلة قبل المصالح والمنافع الاقتصادية.

وتشملُ التوأمة، حسب العلمي، شِقَّيْنِ آلْتقائِيْين، تتوخى الأنشطةُ المبرمجة في إطار الأول منهُما تعزيزَ قُدراتِ الموارد البشرية بالإدارة البرلمانية، وتَتَوخى المبرمجةُ في الثاني تكريسَ نجاعةِ وفعاليةِ المجلس في ممارسة اختصاصاته الدستورية ووظائفه، “وتوخيا للنجاعة، يتميز مشروع التوأمة بِمُكَوِّنٍ هام يرتبط بانشغالٍ مُجْتَمَعيٍ مركزي في المغرب كما في باقي البلدان. ويتعلق الأمر بتعزيزِ تواجد النساء في البرلمانات”، يضيف رئيس مجلس النواب المغربي.

كما تتوخى التوأمةُ، يتابع العلمي، تمكينَ المجلس من التعرف على الممارسات الجيدة في مجال إِعْمَالِ الازدواجية اللغوية في المؤسسات والحياة العامة في ارتباط بإصلاح مركزي دستوري مؤسساتي وثقافي تفتخر بلادُنا بإعماله، أَلاَ وهو تفعيل مقتضى دستور 2011 في ما يرجع إلى إعمال الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وإدماجها في التعليم ومختلف القطاعات ذَاتِ الأولوية في الحياةِ العامة.

واعتبر أن التوأمة هي حوارٌ ومبادلاتٌ وإغناءٌ مُتبادلٌ للممارسات الديمقراطية، وهي وسيلَةٌ لتعزيزِ الثقة والتَّوَّجُهِ الجماعي نحو المستقبل، على أساس الاحترام المتبادل الذي ينبغي أن يكون كَقَاعِدَةٍ في المعاملات، وأن يكون لمشاعر الرأي العام في بلداننا وشعوبنا، بتقدير قضاياها الحيويةَ وتجنبِ ما يمكنُ أن يَسْتَفِزَّهَا في سياقٍ دولي يَشْهَدُ تحَّولاتٍ كبرى.

أما بالنسبة للتوأمة الأولى التي أسست في 2018 بين مجلس النواب المغربي وخمس مؤسسات تشريعية أوروبية، أشار الطالبي العلمي أنها أعطت ثمارا مهمة، ففضلا عن المبادلات والزيارات المتبادلة والمهام الدراسية التي تمت على المستوى السياسي، وعلى مستوى الموارد البشرية بين المجالس الأطراف في التوأمة، تَمَّ إنتاجُ عددٍ من الدَّلاَئل العملية الإرشادية في شأن اختصاصات البرلمانات وفقَ منهجيةٍ تَشَارُكيةٍ ورؤيةٍ مُقَارَنَةً.

ومنذ ذلك الحين، اشار الطالبي العلمي أن المغرب حقق منجزات مهمة في مجال ممارسة الديمقراطية وترسيخ ركائز المؤسسات، حيث أطلق صاحب الجلالة مشروع وَرْشِ تعميمِ الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، ونظمت البلاد سنة 2021 ست استحقاقات انتخابية، محلية وجهوية ووطنية، تميزت بالشفافية وبقوة المنافسة بين الاحزاب السياسية، كما دبرت البلاد جائحة كوفيد-19 بشكل يدعو للافتخار، سواء في ما يتعلق بتوفير اللقاحات ومستلزمات الوقاية وتقديم الدعم للفئات الاجتماعية والمهنية المتضررة من قرار الحجر الصحي، ما ساهم في تأهيل المغرب لِيَرْبِح رهانات مرحلة التَّعَافي الاقتصادي رغم السياق الدولي الصعب.

وبِنَاءً على هذا التراكم الإيجابي، يقول الطالبي العلمي، تمت بلورةُ مشروعِ التوأمة الثانية الذي أطلق اليوم، مَا يَعْكِسُ المردوديةَ الإيجابيةَ للشراكة والحرص المشترك على استدامة المُنْجَزِ، بِمَا يُسَاهمُ في تَجْويد الممارسة الديمقراطية، ويُنوِّعُ ويُقَوِّي الحوارَ بين المؤسسات الأطراف في التوأمة، وِفْقَ منطقِ الشراكة، والتفاعل والتحليل المقارَن والبنَاءِ المشترك.