أراء | الجمعة 2 ديسمبر 2022 - 09:53

الدكتور بنطلحة يكتب: حلم وطن

  • Whatsapp

د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء

لحظة تاريخية سجلها أسود الأطلس اليوم بانتصارهم على المنتخب الكندي وتصدرهم لمجموعتهم وتأهلهم لدور الثمن، إنها لحظة ملهمة ستتذكرها الأجيال اللاحقة بكل اعتزاز، عنوانها التحدي المغربي.

ثمة حلم كنا ننتظره من هؤلاء الفرسان وهم يتبارون على الميدان لكتابة تاريخ الاستثناء المغربي، مفعمين بالحب والإصرار والحماس والإرادة، مساندين بجماهير مغربية يسكنها حب الوطن الذي يجري في دمهم كشلال هائج، لقد صدحوا عاليا أثناء ترديد النشيد الوطني ورسموا بذلك لوحة رائعة تعكس حجم الوفاء وقوة الانتماء إلى مغربنا الحبيب.

إن هذا الحب يعكس مدى ارتباط الشعب المغربي العظيم ببلده وثوابته، إنه ارتباط وجداني يستحق أن يقرأ في كتب التاريخ حيث ردد المغاربة نشيدنا الوطني في كل بقاع العالم ملتحفين بالعلم الوطني، مرددين منبت الأحرار، مشرق الأنوار.

جميل أن نصدح عاليا بنشيدنا الوطني، ونحلق في سماء الانتصار المغربي، الذي يعود بنا إلى ذكريات موشومة في الروح.

ثمة شعور ينتابني كلما شاهدت مقابلة في كرة القدم لفريقنا الوطني، حيث يمتلكني إحساس غريب وكأني أتواجد معهم في الميدان، والسبب يعود إلى ذكريات الصبا، نعم ما زلت أتذكر ذلك جيدا حينما انتابني إصرار غريب على مشاهدة مقابلة حاسمة لفريقنا الوطني وكان ذلك يوم جمعة بعد الزوال، حيث لبى المرحوم والدي رغبتي ورافقني إلى الإعدادية طالبا الإذن كي أتغيب، وكان ذلك أول وآخر يوم أتغيب فيه عن الدراسة طوال حياتي…

رجعنا إلى المنزل وبدأ المرحوم والدي وهو الأستاذ الفقيه يقرأ القرآن بجانب التلفاز بصوت رخيم مازال صداه يرف إلى أذني حتى الآن، وبعد بداية المقابلة أمرنا أن نقف إجلالا للنشيد الوطني… واليوم يا أبي أخبرك أني استأذنت كذلك أن يتغيب أبنائي عن حصص الزوال كي نحتفي جميعا بهذا العرس المغربي، لقد وقفنا جميعا أثناء عزف نشيدنا الوطني، رددناه جماعة بصوت عال ودموع العشق تنهمر على الوجوه، محاها انتصار بحجم حبنا لهذا الوطن الذي نهيم فيه دون شروط، لقد انتصرنا وحلقنا عاليا يا أبي، الأسود كتبوا بمداد من ذهب ملحمة عنوانها التحدي المغربي، لقد بصموا على أداء أكثر من رائع معلنين أن المستحيل ليس مغربيا، وأنه لايزال للحلم بقية ولتصبح على انتصارات جديدة في كل الميادين يا وطني…