اخبار جهة مراكش | الخميس 8 فبراير 2024 - 22:24

مناقشة أطروحة لنيل الدكتوراه بجامعة مراكش حول السياسات العمومية التعليمية في المغرب

  • Whatsapp

شهد رحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، يومه الخميس 8 فبراير، مناقشة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، تقدم بها الطالب الباحث توفيق عطيفي، تحت اشراف الأستاذ محمد بنطلحة الدكالي في موضوع: » السياسات العمومية التعليمية في المغرب – حالة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش.

وقد ناقش الطالب الباحث هذه الأطروحة أمام لجنة علمية ضمت في عضويتها الدكتور محمد الغالي رئيسا وعضوا، والدكتور محمد بنطلحة الدكالي مشرفا وعضوا، والدكتور الحسين أعبوشي عضوا، والدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي مقررا وعضوا، والدكتور إدريس لكريني مقررا وعضوا، والدكتورة نجاة العماري عضوا، والدكتور محمد العابدة مقررا وعضوا.

وبعد مناقشة علمية رصينة للأطروحة، قررت اللجنة منح الطالب الباحث درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا وتوصية بالنشر وتنويه اللجنة.

وفي كلمته التقديمية للباحث والعمل العلمي الذي أنجزه، أكد الدكتور محمد بنطلحة بصفته مشرفا على هذا العمل، أن هذه الأطروحة إضافة علمية في مجال السياسات العمومية، اعتمد فيها الباحث آليات وبارديغمات تمتح من علم السياسة، واستطاع تفكيك بنى السياسات العمومية التعليمية سواء على مستوى المرجعيات الناظمة لها عبر ثنائية الدولي والوطني من جهة، وبنية الفاعلين من جهة أخرى، معتبرا اعتماد الباحث لدراسة حالة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش آسفي، تدشينا لجيل جديد من الدراسات الأكاديمية التي تتخذ من المصفوفات والمؤشرات التقييمية لأثر السياسات العمومية على المجتمع أدوات قياسية لها.

إن هذا المجهود العلمي للباحث يقول الدكتور بنطلحة، تكمن أهميته كذلك في راهينيته، باعتبار المسألة التعليمية هاجسا آنيا للدولة والمجتمع، وفي غناه الاحصائي والتحليلي، لأبعاد محورية في السياسة العمومية التعليمية، خاصة تلك المتعلقة منها بمدى نجاعة وفعالية وضمان شرط الاستدامة في الاختيارات العمومية الموجهة للتعليم، بما يحقق مبادئ الانصاف وتكافؤ الفرص باعتبارها قيما أساسية للمدرسة المغربية.

ونوه أعضاء اللجنة بأخلاق الباحث وبالعمل الأكاديمي الذي أنجزه، لما طبعه من الجدة والجدية والجرأة والأمانة العلمية، من موقع الممارسة المهنية، معتبرين أن تناول أطاريح علمية تقارب السياسات العمومية في أبعدها الجهوية بالاستناد الى براديغمات علمية يعكس حرص المؤطر الدكتور محمد بنطلحة على ترجمة خطاب انفتاح الجامعة المغربية على محيطها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وبالتالي تقديم والإسهام بوثيقة علمية أمام الفاعلين بمختلف مستوياتهم عند كل تفكير في المسألة التعليمية.

الباحث توفيق عطيفي، بنى مقاربته لموضوع أطروحته انطلاقا من الإشكالية التالية: « وعياً بضرورة وضع السياسات التعليمية في صلب التنمية المستدامة والمندمجة، والحاجة الماسّة إلى اعتماد حكامة جديدة للمؤسسات العمومية، سيبقى القلق المعرفي الذي يساورنا كامنا في تأثير الفاعل في الإطار المرجعي للسياسات العمومية التعليمية ومختلف برامجها من خلال تحليل دور الأكاديمية الجهوية مراكش آسفي وقياس مدى فعالية ونجاعة عملها في تحقيق الأهداف والنتائج المرجوة من السياسة التعليمية؟ « . وتناول موضوعه في قسمين، الأول خصه بالدراسة والتحليل ل: « السياسات التعليمية: الإطار المرجعي والفاعل »، فيما القسم الثاني ل: « دور الأكاديميات في تحقيق أهداف السياسة التعليمية ».

واستنتج الباحث خلاصات جوهرية، يمكن اجمالها في:

– أن فهم كيفية صناعة القرار في السياسة العمومية التعليمية في المغرب – كما في غيره من البلدان- لا يمكن فهمه في حدود اختيارات الدولة من خلال فاعليها الرسميين وغير الرسميين؛ بل إن الأمر يمتد إلى ضرورة فهم مسألة عولمة السياسات التعليمية عبر آلية المؤسسات الدولية الممولة والموجهة؛ وأن منطق الصراع والتنافس هو الذي يحكم منطق الفاعلين في السياسات العمومية بغض النظر عن حجم الشرعية الدستورية والقانونية والسياسية لكل واحد منهم على حدة. وأن هذه السياسات تستمد شرعيتها القانونية والسياسية في السياق المغربي من نظاميتها وفلسفتها المحددة في المبادئ الدستورية.

– إن التحديات والرهانات المطروحة اليوم أمام المدرسة العمومية المغربية تعكسها كتلة من الأعطاب البنيوية التي قد تحول مستقبلا دون قدرة السياسة التعليمية على مواكبة متطلبات الانخراط في الجيل الجديد من التحولات المعرفية، وذلك على مجموعة من المستويات التي تتمثل في العوامل المرتبطة بمخاطر عدم ربح رهان مجتمع الذكاء الاصطناعي الذي بات يشكل أساسا لمختلف السياسات التعليمية مستقبلا.

– إن الانتقال السلس للسياسة التعليمية بإكراهاتها الحالية نحو سياسة تجعل اقتصاد المعرفة القادر على خلق القيمة والثروة، يفرض الحاجة لتحول شامل في مسارات السياسات العمومية التعليمية، انطلاقا من إصلاحات عميقة للتعليم الأولي والأساسي المبني على العقلنة الرقمية وثقافة المشروع للأجيال القادمة، وذلك عبر الإدراج المدروس والفعال للتخصصات الرقمية والذكاء الاصطناعي في جميع البرامج والمقررات التعليمية.

– إن مظاهر الأعطاب المستشرية في السياسة التعليمية تفرض علينا تجاوزها عبر تجديد بيداغوجي ومعرفي استشرافي يرنو إلى مستقبل المعرفة، عبر الانخراط في مجتمع الابتكار والإبداع في إطار تضافر الجهود بين منظومة مؤسسات الأكاديمية الجهوية لمنظومة التربية والتكوين والمؤسسات الجامعية المغربية؛ من أجل الوصول إلى سياسة تعليمية في أبعادها الشمولية.

– أن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش آسفي استطاعت تحقيق مكتسبات مهمة على مستوى حصيلة أداء بناء على مؤشر الجودة في بعدي الإنصاف وتكافؤ الفرص؛ سواء من جهة التمكين للأطفال في وضعية إعاقة عبر سياسة التربية الدامجة، وكذا التمكين التعليمي لفائدة الفتاة القروية، غير أنه ورغم المجهودات المبذولة في العقدين الأخيرين؛ لا زالت الأكاديمية موضوع دراسة الحالة تحتاج لتكاتف جهود الفاعلين لترسيخ البنيات الأساسية للإنصاف وتكافؤ الفرص باعتبارها الغايةَ المؤطرةَ للفعل العمومي التعليمي جهويا ووطنيا.

– الحصيلة الكمية في المكتسبات التعليمية لأكاديمية مراكش آسفي، لم تواكب على مستوى جودة مؤشرات التحصيل الدراسي في التعلمات الأساس، رغم ما تسجله من مؤشرات أداء متوسطة في بعض المواد التعليمية المعتمدة في التقييم على مستوى مؤشر الاتجاهات في الرياضيات والعلوم TIMSS، ومؤشر تقدم القراءاتية PIRLS؛ مما يجعل مطلب الرفع من جودة المكتسبات تحديا قائما أمام الفاعلين التربويين في جهة مراكش آسفي، وهذا ما يقتضي بلورة خطة عمل ممأسسة تستند على مؤشرات قابلة للقياس والتتبع والتقييم لدعم التعثرات المدرسية القائمة، ووضع نظام تحفيزات أمام الموارد البشرية المعنية بتنزيلها على أساس المردودية في الأداء.

– مواكبة المشرع المغربي تعزيز اللامركزية واللاتمركز التعليمي بجهد تشريعي وتنظيمي لتقوية سلطة الأكاديميات الجهوية لمنظومة التربية والتكوين خلال العشرين سنة الماضية، لم يوازيه على مستوى المحصلة تحقيق هذه المؤسسات لمعيارية المؤسسة العمومية بدل التدبير التقني اليومي للشأن التعليمي.

– تكافؤ الفرص يشكل مبدأ أساسيا للمدرسة العمومية وبانعدامه تفقد هذه الأخيرة شرعية وجودها؛ وهو ما يعني ضرورة حضوره في دراسة وتحليل كل السياسات العمومية باعتباره باراديغما خفيا يؤطر ويوجه كل صناعة للقرار العمومي التعليمي، وبالتالي فإن قياس مدى نجاعة هذه الأخيرة متوقف معياريا على الأثر ومقارنته بعقد نجاعة الأداء الخاص بالأكاديمية.