
رفض الانجاب.. محكمة النقض تجيز التعدد لمتقاعد بعد أن رُفض طلبه ابتدائيا واستئنافيا

أصدرت محكمة النقض بالرباط، امس الثلاثاء، حكمًا مثيرًا للجدل بنقض قرار محكمة الاستئناف بأكادير، الذي كان قد رفض طلب متقاعد للزواج من امرأة ثانية، بعد أن تقدّم بطلب للإذن بالتعدد استنادًا إلى مبررات صحية تخص زوجته الأولى، التي رفضت الإنجاب مجددًا.
وكان المتقاعد قد طعن في حكم محكمة الاستئناف الذي رفض طلبه، وادعى أن المحكمة لم تُقدّم تعليلات وافية لحكمها ولم تتناول الوثائق التي أرفقها، مثل موافقة الزوجة الأولى على التعدد، وإثباتات مادية تدل على قدرته المالية على تحمل نفقة الزوجتين.
تعود تفاصيل القضية إلى 21 يناير 2021، حين تقدّم الزوج المتقاعد بمقال أمام المحكمة الابتدائية بأكادير، يطلب فيه الإذن بالزواج بامرأة ثانية. الزوج، الذي تزوج عام 2011 وأنجب طفلته الوحيدة في 2012، أشار إلى أن زوجته الأولى تعاني من مشاكل صحية تمنعها من الإنجاب مجددًا، مما دفعه إلى طلب التعدد تجنبًا للوقوع في “الرذيلة”، حسبما ذكر في طلبه.
وفي معرض دعواه، قدّم المتقاعد مجموعة من الوثائق التي تثبت قدرته المالية على تحمل تبعات الزواج الثاني، بما في ذلك كشف راتبه التقاعدي، وعقد شراكة تجارية، وشهادات ملكية عقارات، فضلاً عن وثيقة رسمية تُظهر موافقة الزوجة الأولى على التعدد. ومع ذلك، رأت المحكمة الابتدائية في البداية أنه لا يوجد ما يبرر التعدد بناءً على الرغبة في الإنجاب، خاصةً في غياب تقرير طبي يثبت استحالة الإنجاب لدى الزوجة الأولى.
تدخلت محكمة النقض في القضية، وأعادت النظر في قرار محكمة الاستئناف التي كانت قد أيدت حكم المحكمة الابتدائية. وقالت محكمة النقض في حيثيات حكمها أن محكمة الاستئناف أغفلت مناقشة الوثائق التي قدمها الزوج، والتي تتعلق بموافقة الزوجة الأولى على التعدد، فضلًا عن غياب تقييم دقيق للقدرة المالية للطاعن على ضمان المساواة بين الزوجتين.
كما اعتبرت محكمة النقض أن المبرر الذي قدمه الزوج، والمتمثل في رفض زوجته الأولى الإنجاب، قد يُعد مبررًا موضوعيًا استثنائيًا يسمح بالتعدد في حال إثبات الظروف الأخرى، مثل موافقة الزوجة الأولى وتوافر الموارد المالية الكافية لضمان العدل والمساواة بين الزوجتين.
بعد نقض حكم محكمة الاستئناف من قبل محكمة النقض، أصدرت محكمة الاستئناف بأكادير بتاريخ 30 يناير 2024 حكمًا جديدًا يقضي بإلغاء الحكم السابق، وقررت الإذن للزوج بالتعدد والزواج من امرأة ثانية، بناءً على الظروف التي أوردها الزوج والتي تثبت موافقة زوجته الأولى وقدرته المالية.
وفي حكمها الجديد، طلبت محكمة الاستئناف من الزوج تحري العدل والمساواة بين الزوجتين، وأكدت أن التعدد يجب أن يتم وفقًا لمقتضيات الشريعة والقانون، بما في ذلك توفير المساواة بين الزوجتين في الحقوق والواجبات.
