هاته الأيام تزامنت واحتفال مدينة الجديدة على غرار باقي مدن المملكة بالذكرى 69 لتأسيس الأمن الوطني، حيث استحضار الأدوار المميزة لمصالح الأمن الإقليمي بالجديدة، ناهيك عن العمل الحرفي الدؤوب والطلائعي الذي تقوم به مصالح الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني بهذا الإقليم.
الجديدة رباط دكالة العالمة التي أنجبت كبار رجال الجيش الملكي والدرك الملكي والأمن الوطني، تستقبل نخبة من ألمع وأعتد رجال الأمن الوطني ببلادنا، إضافة إلى مسؤولين أمنيين وعسكريين كبار مغاربة وأجانب.
الأبواب المفتوحة محطة للوقوف على المستجدات والإنجازات التي حققتها المؤسسة الأمنية من خلال الاعتماد على العمل الاستباقي لمحاربة الجريمة والحضور الميداني الفعال ورفع درجة اليقظة وتوفير الدعم التقني واللوجستي والاستثمار الأفضل في العنصر البشري وذلك من أجل جعل خدمة المواطن الهدف الأساسي للمرفق العام الشرطي بفضل الرؤية السديدة لملك البلاد.
لقد أكد رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (أنتربول) أحمد ناصر الريسي خلال حفل الافتتاح أن “المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبمؤسساتها الأمنية الكفؤة، أثبتت قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار”، وأبرز في هذا الصدد أن “جلالة الملك محمد السادس ما فتئ يولي الرعاية والاهتمام لتعزيز الجهود الأمنية داخل المملكة، وكذا على الصعيدين الإقليمي والدولي”.
إن هذه الأيام المفتوحة تشكل مناسبة لاطلاع الجمهور على الرسالة النبيلة والمهام الجسام التي تضطلع بها الشرطة المغربية تتويجا لمسيرة طويلة شهدها الأمن الوطني المغربي قوامها التحديث والإصلاح والتأهيل، علما أن المنظومة الأمنية المغربية تراعي في أدائها الكفاءة والاحترافية واحترام حقوق الإنسان وتعزيز مبادئ القرب من المواطنين والالتزام بتجويد المرفق العام الشرطي وجودة خدماته، تماشيا مع توجيهات الملك محمد السادس.
إن الدينامية الفاعلة والإيجابية التي تعرفها مؤسسة الأمن الوطني المغربي، أصبحت تؤطر تدخل هذا المرفق وتمكنه من حماية الدولة المغربية، باعتبار هذه المؤسسة ضامنا لأمن الدولة والأفراد ولمنظومة الحقوق والحريات واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وقادرة على حماية قيم المجتمع من التهديدات الخارجية.
لقد أصبحت هذه الدينامية تحتل مكانة بارزة على الصعيدين الإقليمي والدولي، مما يعكس حجم هذه المؤسسة الوطنية والإشعاع الذي بدأت تكرسه.
إن هذه الدينامية تعكس المفهوم الجديد للأمن الشامل، سيما في العلاقات الثنائية التي تربط المغرب بمجموعة من الدول.
لقد كان تاريخيا ينظر إلى تحقيق الأمن على أنه مسؤولية الدول الوطنية، إلا أن تطور التهديدات غير هذا الفهم فمنذ نهاية الحرب الباردة ومع تنامي ظاهرة العولمة، أصبح الوضع الدولي أكثر تعقيدا، حيث ظهور مجموعة واسعة من التهديدات والتجارة غير المشروعة والجريمة المنظمة، مما أدى إلى تغيير في طريقة صنع السياسات الأمنية، ولم يعد ممكنا لأي دولة وحدها حماية مواطنيها فقط بتعزيز آليتها الرقابية، حيث تعتمد الدول الآن على إجراءات جديدة من أجل أمنها وحتى في بعض الأحيان من أجل بقائها.
هنا يبرز التداخل بين مفهومين أساسين هما: الأمن القومي (National Security) والأمن العالمي (Global Security).
إن الأمن القومي يعرف بأنه “قدرة الدولة على توفير الحماية والدفاع لمواطنيها” أما الأمن العالمي فقد جاء من الضرورة التي ألقتها الطبيعة والعديد من التحولات الأخرى، وخاصة العولمة على عاتق الدول، وهي تحولات لا يملك أي جهاز للأمن القومي القدرة على التعامل معها بمفرده، وبالتالي تبرز الحاجة الى تعاون الدول، لأن الترابط العالمي والاعتماد المتبادل بين الدول الذي اختبره العالم ولازال يختبره منذ نهاية الحرب الباردة يجعل من الضروري للدول أن تتعاون أكثر وتعمل معا [Segun Osisanya,”National Security versus Global Security?, United Nations, accessed November 23,2020].
إن الانخراط الراسخ لمصالح المديرية العامة للأمن الوطني في المساعي الدولية الرامية لتحييد المخاطر والتهديدات المحدقة بالأمن الإقليمي والدولي، يجعلنا نتكلم وبفخر عن المدرسة الأمنية المغربية، كفاعل أساسي في تحقيق الأمن الشامل على المستوى القاري والدولي.