
الطائفة الحمدوشية تُتْحف جمهور مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة بعرض تراثي ملهم ومتنوع

قدمت الطائفة الحمدوشية الدغوغية الفاسية، الجمعة بحديقة جنان السبيل التاريخية، عرضا تراثيا ملهما ومتنوعا، في إطار الليلة الصوفية الخامسة ضمن فعاليات الدورة ال28 من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة.
وفي مستهل عرضها، قدمت هذه الطائفة التي يرأسها المقدم نور الدين بنونة ما يُصطلح عليه ب “الحضرة”، في أجواء ونفحات روحانية استثنائية، زادتها بهاء نغمات الآلات الموسيقية التقليدية ل الدبكة (التعاريج) و”الكَمبري”، لتتوالى لاحقا عملية ترديد القصائد والأناشيد التي تلهج بالذكر والمدح والأدعية الربانية.
ونقلت هذه المجموعة الموسيقية، التي تتألف من 15 منشدا، جمهور هذه التظاهرة الروحية العالمية ومحبي هذا النمط التراثي الصوفي، إلى عوالم من الإبداع الصوفي، والتأمل في عظمة صانع الكون وقدرته على تسخير الخير للناس.
وأتحفت الطائفة الجمهور الحاضر بقصائد إنشادية من ريبرتوارها الغني والمتنوع المعروف لدى الجمهور، لاسيما “زين الخاتم” و”الورشان” و”اليوبية”.
هي لحظات من الشوق إلى الخالق ونبيه المصطفى عليه السلام، وأجواء خالدة في عالم من الصفاء والمحبة والشوق إلى الانغماس في حب الرحمان والاستلهام من سنن رسوله الكريم.
ومن خلال عرضها الاستثنائي هذا، عادت هذه الطريقة بذاكرة الجمهور إلى القرن السابع عشر الذي وثق لتأسيس الطريقة بالمغرب، حيث تتميز بإيقاعات ساحرة وأغان تعبدية وطقوس معروفة لدى عامة الناس ب “الحضرة”.
ومن خلال مشاركتها في المهرجان، خاصة في الليالي الصوفية، تحتفل هذه الطائفة بإرث روحي تلتقي فيه الموسيقى الطقسية بالبحث عن البركة، مما يجسد حيوية الصوفية الشعبية المغربية وجذورها العميقة التي تمتد لمئات السنين، استمرت وتواصلت عبر الأجيال الجديدة التي حملت مشعلها.
وفي تصريح صحفي، أفاد مقدم الطائفة نور الدين بنونة، بأن العرض المقدم عبارة عن سفر رباني صوفي للطريقة “الحمدوشية” التي توارثت هذا الفن أبا عن جد، مضيفا في هذا الإطار أنه تلقى مبادئ الطريقة وتشبع بتقاليدها من خلال والده، يتم فيها نقل هذا الإرث اللامادي إلى الأجيال الجديدة والحفاظ عليه.
وأضاف أن هذه الطريقة التي تأسست بفاس، تحافظ على العادات المرتبطة بالعروض يتم فيها الحرص على الدخول(الدخلة) بالجلالة أو ب”الحضرة”، ثم تتعالى فيها أصوات المنشدين والأنغام المنبعثة من آلتي “التعريجة” و”الكَمبري” في وقت واحد، مشيرا إلى أنها آلات موسيقية كانت منذ الأزل ترافق عروض الطريقة ولم يتم استبدالها.
وشكل عرض الطريقة الحمدوشية مسك ختام سلسلة الليالي الصوفية بحديقة جنان السبيل، ضمن البرمجة الفنية لسهرات المهرجان في نسخة 2025، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمشاركة أزيد من 200 فنان من 15 بلدا.
وتجسد دورة هذا العام، المنظمة تحت شعار “انبعاثات” رؤية المغرب، الذي يرسخ سنة بعد أخرى، مكانته كفضاء للتجديد الثقافي والروحي والفني.
