
حقول الصويرة وآسفي في طليعة جهود المغرب لزراعة القمح المقاوم للجفاف

تشكل منطقتا الصويرة وآسفي محورًا رئيسيًا في استراتيجية المغرب لتعزيز الأمن الغذائي ومواجهة التحديات المناخية المتزايدة.
فبعد نجاح التجارب الميدانية على الصنف الجديد من القمح الصلب “جواهر” في حقولهما، تُعول المملكة على هذه الأصناف المقاومة للجفاف لضمان استدامة الإنتاج الزراعي في ظل التغيرات المناخية.
يُعد صنف “جواهر” نتاج أبحاث مشتركة بين المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، ضمن مشروع “BOLD” العالمي.
وقد خضع هذا الصنف لتقييم ميداني مكثف في مناطق الصويرة وتزنيت وآسفي منذ عام 2020. وقد أظهرت النتائج الأولية نجاحًا لافتًا، حيث حقق “جواهر” مردودية تجاوزت 15 قنطارًا للهكتار، متفوقًا بذلك على الأصناف التقليدية التي لم تتجاوز 10 قناطير في نفس الظروف.
تعتمد تقنية تطوير “جواهر” على تهجين الأنواع البرية القديمة من القمح مع الأصناف المزروعة، مستفيدة من الصلابة الوراثية للأنواع البرية وقدرتها التاريخية على التكيف مع البيئات القاسية.
هذا ما يجعل “جواهر” قادرًا على مواجهة تحديات تغير المناخ بفعالية. وقد أكد مزارعون من الصويرة شاركوا في التجارب، أنهم حققوا نتائج ممتازة منذ الموسم الأول رغم الجفاف، وأنهم سيواصلون زراعته لتسريع وصوله إلى السوق.
تُولي وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية أهمية قصوى لتعميم هذا الصنف الجديد، حيث منحت ترخيصًا استثنائيًا لتسريع عملية إكثار البذور. ويُعول على تسويق “جواهر” بحلول عام 2027، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تحقيق إنجاز في أربع سنوات فقط.
تُشرف على عملية التكثير جهات متعددة، بما في ذلك إيكاردا، سوناكوس، الجمعية المغربية لمضاعفي البذور (AMMS)، والفيدرالية الوطنية البيمهنية للبذور. هذه الشراكات الفعالة تُعد ركيزة أساسية لضمان وصول هذا الصنف الواعد إلى أكبر عدد من المزارعين.
بينما يُشيد الخبراء بهذا الإنجاز، يُشددون على ضرورة تعميم “جواهر” على المزارع الصغير والمتوسط في جميع أنحاء المملكة. ويرى الخبراء أن الاختبارات الميدانية يجب أن تستمر لسنوات وفي مناطق جغرافية متنوعة لضمان ملاءمة الصنف لمختلف الظروف المناخية والتربة.
كما تُطرح دعوات لتوسيع نطاق البحث ليشمل أصنافًا جديدة من الشعير، القطاني، الخضروات، والفواكه، والاستفادة من التجارب الدولية والمختبرات المتخصصة في هذا المجال.
فالمغرب، الذي استثمر كثيرًا في الزراعات المقاومة، يطمح إلى بناء منظومة زراعية أكثر مرونة وقادرة على ضمان الأمن الغذائي في المستقبل.
