
خلاف برلماني حول ترشح رؤساء الجماعات.. وهذا موقف وزارة الداخلية

كشف النقاش داخل لجنة الداخلية بمجلس النواب، حول مشاريع القوانين الانتخابية، عن انقسام بين البرلمانيين بشأن توسيع أو تضييق حالات التنافي بين المسؤوليات.
وبين هذه القراءات المتباينة، قدم وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، تصورا يعتبر فيه أن التجربة السابقة لم تُظهر جدوى التعديلات التي فُرضت سنة 2021.
وفي الوقت الذي تعتبر فرق البرلمانية أن توسيع التنافي ضرورة لتحسين الأداء المؤسساتي وضمان الحضور الفعلي للمنتخبين، ترى فرق أخرى أن التضييق سيؤدي إلى إقصاء فئات واسعة، خاصة رؤساء الجماعات الذين يشكّلون صلة مباشرة بالمواطنين، ويُعدّون في نظرها ركيزة لرفع نسبة المشاركة في الانتخابات.
وشهدت لجنة الداخلية بمجلس النواب، يوم الخميس 20 نونبر 2025، انطلاق المناقشة التفصيلية لمشاريع القوانين الانتخابية، حيث بسطت وزارة الداخلية موقفها من عدد من المقترحات الأساسية، وفي مقدمتها حالات التنافي بين المسؤوليات الانتخابية، وترشح رؤساء الجماعات، ودعم الشباب، وتمثيلية النساء.
خلافات حادة حول التنافي
خلال المناقشات، اعتُبر ضبط تغيير الانتماء الحزبي ضرورة ملحّة، مع الدعوة إلى وضع آجال واضحة لوقف هذه الممارسة.
وفي جانب آخر، رأى مصطفى حيكر، عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن تعدد المسؤوليات يصعّب أداء المهام نظرا لتعقيدها، معتبرا أن تجربته الشخصية سابقا أكدت له ذلك، مقترحا توسيع حالات التنافي وربط ذلك بإجراءات تضمن الحضور الفعلي للمنتخبين.
في المقابل، عبّر هشام المهاجري، عن حزب الأصالة والمعاصرة، عن رفضه إقصاء أي شخص من الترشح فقط لأنه يتحمّل أكثر من مهمة، مؤكدا أن النظر في التنافي يجب أن يكون بعد دخول البرلمان وليس قبله.
وشدد على أن فتح الباب أمام الجميع يساهم في تعزيز المشاركة السياسية وضمان التعددية.
رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أحمد تويزي، دعم هذا الطرح بقوة، معتبرا أن رفع نسبة المشاركة يستدعي السماح لكل من يرغب بالترشح، مؤكدا أنه لا يمكن منع رئيس جماعة من دخول البرلمان، لأن الربط بين المؤسستين ضروري لـ”خلق سياسة قرب فعالة”.
من جانبه، قال عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي للمعارضة الاتحادية، إن البرلمان يحتاج إلى ارتباط وثيق بالجماعات، التي وصفها بـ”الرئات”، مؤكدا أن ترك البرلمان بدون هذه البنية سيُفقده صفة “البرلمان الشامل”.
أما رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، فقدم رؤية مختلفة، متسائلا كيف سيساهم توسيع التنافي في رفع نسبة المشاركة؟ واستدل بعدد السيارات التابعة للجماعات التي تكون مركونة أمام مقر البرلمان لعدة أيام، معتبرا أن ذلك يعني ترك جماعاتهم بدون تدبير يومي في وقت يجب عليهم أن يكونوا قريبين من المواطنين.
وبالنسبة له، فإن رئيس الجماعة الذي يمتلك علاقة يومية مع المواطن يُعتبر صاحب الحظ الأوفر في الفوز، مما يثني منخرطين آخرين عن الترشح لمنافسته بالتالي تنخفض المشاركة. لذلك يرى حموني أن تضييق التنافي قد يشجع الشباب على دخول المعترك السياسي.
وبحسب فريق التجمع الوطني للأحرار، فإن منع رؤساء الجماعات والمجالس الترابية من الترشح يشكل “إقصاء لفئة مرتبطة مباشرة بالمواطنين”، مؤكدين أن تجاربهم الميدانية تضيف قيمة في التشريع والرقابة.
الوزير يرد
في معرض توضيحاته، شدد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، على أن التجربة البرلمانية السابقة أبرزت الدور المحوري لرؤساء الجماعات، إذ شكّلوا 80% من الحضور خلال مناقشة قوانين الوزارة، وساهموا في إثراء النقاش حول ملفات حساسة، مثل أراضي الجموع.
واعتبر أن حرمان المدن الكبرى من تمثيل عمدتها في البرلمان يمسّ بجودة التشريع والرقابة.
وأشار إلى أن تعديل سنة 2021، الذي فرض قيودا على ترشح رؤساء الجماعات التي يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة، جاء نتيجة تزامن الانتخابات الجماعية والتشريعية، لكنه لم يقدم مكاسب واضحة.
وتساءل لفتيت: “هل من الأخلاقي منع رؤساء مدن كبرى من دخول البرلمان؟”، معتبرا أن ترك مدن مثل الدار البيضاء أو الرباط أو طنجة دون تمثيل عمدتها “حرام”، لأنهم الأكثر إلماما بالمشاكل اليومية للمواطنين.
وبحسب الوزير، فإن الأحزاب هي التي تحدد مرشحيها، وإذا كان رئيس الجماعة يملك الحظوظ الأكبر فمن الطبيعي أن يترشح.
وأضاف “إذا أردتم يمكننا توسيع ذلك ليشمل الجميع، لكن لن يكون في مصلحتنا، لأنه سيخلق شرخا بين رؤساء الجماعات ومجلسي البرلمان”.
دعم الشباب.. جدل “الريع” و”التحفيز”
ردّ الوزير بقوة على من اعتبر الدعم المالي الموجه للشباب أقل من 35 سنة بمثابة ريع أو رشوة انتخابية، قائلا: “الشباب المغربي لا يحتاج رشوة”، مشددا على أن هذا الدعم مستقل عن ميزانية الأحزاب، ويخضع لشروط صارمة قبلية وبعدية، مع إلزام المستفيد بتبرير كيفية صرفه.
كما رفض الوزير مقترح رفع سن الاستفادة إلى 40 عاما، مستحضرا مفارقة أن بعض رؤساء الشبيبات الحزبية كانت أعمارهم تتجاوز 60 سنة، مضيفا أن “الشاب لا يمكن أن يتجاوز 35، ومن تجاوزها عليه المغادرة”.
تمثيلية النساء.. نحو التزام حزبي أقوى
في ما يتعلق بتمثيلية النساء، دعا الوزير الأحزاب إلى تجاوز الاكتفاء باللائحة الجهوية، والاتفاق مسبقا على تخصيص دوائر محلية للنساء ضمن ميثاق شرف.
وخاطب البرلمانيين بالقول “حددوا الدوائر واتفقوا عليها وسنكون سعداء”.
وأوضح أن التجربة مرت من لائحة مشتركة للنساء والشباب، ثم لائحة جهوية خاصة بالنساء، ومع تطور النقاش قد تظهر صيغ جديدة.
وختم بالتأكيد على أن الأساس بالنسبة للوزارة هو التزام الأحزاب بترشيحات محلية قوية بدل المطالبة بالرفع من عدد المقاعد البرلمانية، قائلا “لا نريد زيادة عدد النواب لأسباب عدة”.
مشاهدة المزيد ←









