اخبار جهة مراكش | الإثنين 9 فبراير 2015 - 03:21

بمقر جمعية النخيل..عقوبة الإعدام تجدد الخلاف بين حقوقيين وإسلاميين بمراكش

  • Whatsapp

files.php

مراكش الآن – عن “هسبريس”

جولة أخرى من جولات الجدل القائم بين المنافحين عن تنفيذ عقوبة الإعدام بالمغرب والمناوئين لذلك، احتضنها مركز عناية للتنمية والأعمال الاجتماعية بالمغرب، بتنسيق مع نقابة المحامين بالمغرب، أمس السبت، لم تسفر سوى عن مزيد من تقوية منافذ الاختلاف.

وفيما دافع حقوقيون وخبراء عن الحق في الحياة كجزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان، طالب آخرون بعدم الارتكان إلى جدال غير منتج، فيما يخص إلغاء عقوبة الإعدام، باعتبار تقليب الأولويات وإثارة مسائل لا تستوجب الزخم الحقوقي والإعلامي.

الإعدام والقانون

الحسن السويدي، نائب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، وفريد غنام، وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش، تطرقا لموضوع عقوبة الإعدام من زاوية الارتهان بتأسيس أرضية مسبقة حول نصوص القانون الجنائي المغربي، الذي نص على العقوبة 22 مرة، 9مرات فيما يخص الجرائم ضد الأشخاص، و11 مرة فيما يخص الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي والنظام العام.

السويدي أوضح أن القانون المغربي حصر عقوبة الإعدام في ثلاثة أصناف من الجرائم ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي، مطالبا بوجوب فك العزلة عن الموضوع، عبر تأسيس بنية حوارية لكل المتدخلين، وإعادة الاعتبار لسلطة الممارسة القانونية دون المساس بحقل الاجتهاد القضائي.

وأكد السويدي على إبعاد الإيديولوجيا والدين والسياسة عن الخوض في غمار هذه المهمة الشاقة، التي يقترب المغرب من الحسم فيها، بالتوافق واستنتاج العبر، مع الاستناد العلمي والخبراتي الكفيلين بحل المشكل من الأساس”.

وبدوره أكد غنام فعالية العقوبة في القانون الجنائي، معتبرا أن أي لبس في تأويل المعطيات بخصوص موضوع ما مرده الأساسي إلى قلة الخبرة والنظر من زاوية أحادية، ومن ثمة فعقوبة الإعدام يجب أن يتأسس الحوار حول جدواها من عدمه في ظل رؤية متكاملة وشاملة”.

نقطة الاختلاف

الاختلاف بين معارضي تنفيذ عقوبة الإعدام ومؤيديه بدأ عندما التقط الكلمة النقيب إبراهيم صادوق، نائب رئيس المرصد القضائي المغربي للحقوق والحريات، وإن كان قد أبدى توجسه من الكلام باسم المرصد، معربا عن خيبة أمله في الفهم الخاطئ للعقوبة.

وعبر صادوق عن أسفه من عدم الالتفات للضحايا كطرف مغبون مهضوم الحق، متشبثا بمعارضته التدخل في شؤون الشريعة الإسلامية بالإلغاء أو التعديل، رافضا الإلغاء باعتبار العقوبة مهمة وضرورية في مكافحة الجرائم الخطيرة وردع المجرمين.

ورد النقيب عمر أبو الزهور، نائب رئيس شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام بالمغرب، معتبرا وجهة النظر تلك قاصرة في ما آلت إليه وضعية حقوق الإنسان في المغرب، وارتباط ذلك بمجموعة من الانتظارات على المستوى الدولي والإقليمي والوطني.

أبو الزهور قال إن عقوبة الإعدام تعتبر معاملة غير إنسانية، والشبكة المغربية أظهرت أن العقوبة يتم إصدارها غالبا بعد المحاكمات غير العادلة، ويتم تنفيذها بطريقة تمييزية في أغلب الأحيان، مبرزا أن الزعم بأن الإعدام له أثر وقائي لا يقوم على أي دليل أو برهان.

حقوقيون

نظرة إسلامية

وأوضح حمّاد القباج، المدير التنفيذي لمؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث، مدلول القصاص في الشريعة الإسلامية، وتأطيرها الأصولي ومراميها التربوية والاجتماعية، استنادا إلى قول الله تعالى: “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”.

وقال القباج إنها “درجة من درجات سمو النفس عما يكدر جودة سيرها، بالرجوع للحق واستلهام العبر”، قبل أن يحاول تفكيك رؤية من ساروا على هذه القناعة، من داخل الديمقراطيات الغربية، معبرا عن استغرابه من عدم قراءة رفض بعض الولايات الامريكية التنازل عن عقوبة الإعدام، لأنها تردع وتؤسس لمجتمع متضامن ومسؤول.

وقال المدير التنفيذي لمؤسسة ابن تاشفين إن الجانب العلمي في قضية تطبيق عقوبة الإعدام من عدمها حاضر بقوة في مرامي فعالية العقوبة وأهدافها، ليس في شان القصاص فقط ، ولكن أيضا في تنقية شوائب الفتنة ومظاهر الجريمة والفوضى.

زوايا حقوقية

ياسين دريان، المدير التنفيذي للجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة مراكش آسفي، استحضر رأي مؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في قضية شائكة مثل عقوبة الإعدام، معتبرا أن العقوبة تمس أحد أهم ركائر الدستور المغربي، ألا وهو الحق في الحياة.

وقال دريان إن المغرب مطالب بالتعجيل في الانخراط مع الدول التي ألغت عقوبة الإعدام، هي ثلث دول العالم، إن على المستوى القانوني أو التطبيقي، مؤكدا أن إلغاء عقوبة الإعدام قضية رمزية للغاية تذكر بالطابع الكوني لحقوق الإنسان.

عبد الحق عندليب، عضو المكتب التنفيذي لمنتدى الحقيقة والإنصاف بالمغرب، ذكر في معرض مداخلته بمفاهيم حقوق الإنسان والإنصاف والمصالحة الناتجة أساسا عن جملة أخطاء ارتكبت سابقا في حق اشخاص حوكموا لمجرد آرائهم السياسية.

وقال عندليب إنه ليس ممكنا التعايش مع منظومة إزهاق الأرواح، مادامت مرجعيتها متخلفة عن المجتمعات المدنية الواعية بقدسية الحق في الحياة، معتبرا إشكالية عقوبة الإعدام متناهية الصلاحية، مضيفا أن الخلافات بين المؤيدين والمعارضين زوبعة في فنجان، وأن الأصل هو الحياة”.

لطيفة خوباشي، أستاذة القانون الخاص بكلية الحقوق بمراكش، أفادت أن الأبحاث الميدانية أكدت أن اعتماد عقوبة الإعدام لا يشكل مدخلا حاسما للحد من تنامي الجرائم الخطيرة، طالما لم يتم الوقوف على مختلف العوامل التي تغذي سلوك الإجرام وترفع من منسوبية الجريمة.

وأعطت خوباشي، ضمن مداخلتها في الندوة العلمية، صورا واقعية لنفوذ الجريمة في المجتمع المغربي، معللة هذا التصاعد بعدم وجود ضوابط قانونية وأخلاقية، بالإضافة إلى احتمال ورود الأخطاء القضائية.

وعرفت المائدة المستديرة، التي قام بتسييرها الباحث مصطفى غلمان مجموعة من التدخلات، على رأسها رئيس نقابة المحامين بالمغرب، الحسين الراجي، الذي أبدى تخوفه من إطالة النظر في عقوبة الإعدام، دون الوعي بمدى أهمية إدراجها ضمن حلقة تصحيح مسار حقوق الإنسان.

وقال الراجي إن مفهوم المدنية يرتكز أساسا على الإحاطة بمستوى تعبئة المستقبل الحقوقي والقانوني، من أجل ممارسة حياة خالية من العدم والموت، مضيفا أن المغرب مطالب بعدم التناقض مع فحوى المعاهدات الدولية التي تنص على تقليص عدد الأفعال الجنائية المستوجبة للإعدام في أفق إلغائها نهائيا.