اخبار جهة مراكش | السبت 28 مارس 2015 - 17:36

كابوس الشتاء والصيف..ساكنة الدور الآيلة للسقوط بمراكش بين شبح الانهيارات ورائحة الموت التي ترافقهم ليل نهار

  • Whatsapp

انهيار2

إيمان تيسي ـ مراكش الآن

مع كل قطرة مطر في فصل الشتاء وأشعة شمس حارقة يعود شبح الانهيارات ليخيم من جديد على سماء ساكنة الدور القديمة الآيلة للسقوط، سواء بالمدينة العتيقة او دواوير جهة مراكش تانسيفت الحوز، الكل مهدد بالموت في أي لحظة.

وطبعا من لم تزهق روحه في هذه الانهيارات يكون مصيره التشرد، وفي احسن الظروف الاحتماء تحت خيمة بلاستيكية، ما يحول حياته الى كابوس لا يعلم متى يستيقظ منه في ظل تجاهل المسؤولين المعنيين لمآسيهم.

وآخر ضحايا هذه الانهيارات زوجين لفظا انفاسهما تحت الأنقاض بالجماعة القروية آسني بإقليم الحوز، الاربعاء المنصرم 25 مارس، حينما كانا يغطان في النوم قبل أن ينهار عليهما سقف غرفة نومهما، تاركين وراءهما طفلين بريئين عرضة للتشرد والضياع لا ذنب لهما سوى ان عسر الحال كتب عليهما العيش بمنزل آيل للسقوط في اي لحظة.

ولن يكون حادث، الاربعاء الماضي، الأخير، كما انه ـ وكما يعلم الجميع ـ ليس الأول، فمثل هذه الحوادث تكررت وتكررت وترسخ في الأذهان انه مع حلول كل فصل شتاء تضع كل أسرة تقطن بالدور الآيلة للسقوط يدها على قلبها خوفا من ان يكون حان دورها لتكون واحدة من ضحايا سيناريوهات الانهيارات، حتى ان هناك منهم من بات يخاف ان يغمض جفنه فينهار عليه سقف بيته فيصير وفلذات كبده في خبر كان، ورغم ذلك يختار ـ عن مضض ـ الاحتماء بها بدلا من الخروج الى الشارع، مثلهم مثل المستجير من الرمضاء بالنار.

كم من الارواح قضت تحت انقاض أشباه بنايات تنعدم فيها ابسط شروط الحياة الكريمة، حيث لا يدخلها لا هواء ولاشمس، ورائحة الرطوبة تفوح من كل ركن فيها، واحيانا التراب يتفتت من جدرانها المتصدعة التي نحتتها التسربات المطرية ورسمت عليها تشققات تتسع مع كل إشراقة شمس.

انهيار-منزل-1-480x320

منزل انهار بدرب التاجر بحي الملاح “حي السلام” في 24 دجنبر 2014

أشباه منازل لا تحمي من القر ولا تقي من الحر، فكلما تهاطلت الامطار بغزارة ترى قطراته تسربت الى الداخل، حيث تبدأ الأسر المعوزة ـ كل على قدر إمكانيته ـ في القيام بمحاولات بسيطة يبقى ابرزها اللجوء الى اغطية بلاستيكية لمنع نفاذ المزيد من مياه الأمطار، لكنها تظل محاولات يائسة لن تفي بالغرض، ولن تحفظ أرواحهم، الكل مشدود وقلبه مقبوض ورائحة الموت تزكم أنوفهم، الكل يتساءل في داخله انى ينتهي هذا الكابوس الذي بات رفيقهم، الفوه وألفهم، الى ان يفزعهم صراخ وعويل ونداء استغاثة من جيرانهم، “واعتقوا الروح.. الله اكبر.. جارنا ومرتو واولاد رابت عليهم الدار..” الجميع يتسابق الى حيث وقوع الكارثة وسواعد الشباب تحاول انقاذ هذه الأرواح المسكينة، قبل ان تلفظ انفاسها تحت اكوام التراب، وهم يعلمون ان دورهم قادم لا محالة إذا ما ظل الحال على ما هو عليه، الى أن تسمع مجددا العويل “الله اكبر.. مات مسكين..” كما حدث في حادث انهيار منزل بدرب “الصابة” رقم 5 المتواجد بحي الملاح بالمدينة القديمة بمراكش، شتنبر الماضي، والذي أسفر عن وفاة شخص في الحين، وإصابة عشرة أشخاص برضوض وجروح متفاوتة الخطورة، نقلوا على إثرها إلى قسم مستعجلات مستشفى ابن طفيل، كان ضمنهم طفلين تم نقلهم إلى مستعجلات مستشفى الأم والطفل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس.

انهيار3

ضحية انهيار منزل بدرب”الصابة”رقم5 بحي الملاح بمراكش في 17 شتنبر 2014

وفي افضل الأحوال تحدث انهيارات دون ان تخلف خسائر في الأرواح كما هو الشأن للمنزل المنهار بدرب التاجر بنفس الحي، الاربعاء 24 دجنبر المنصرم، وغير بعيد عن حي الملاح، إصابة طفلين بجروح بليغة في انهيار جزئي لمنزل بدرب زمران، السبت 20 دجنبر، حينما كانا يلعبان واصدقائهما بالقرب من المنزل، مقاطعة سيدي يوسف بن علي هي ايضا عاشت ولمرات عديدة مثل هذه السيناريوهات، إنها سلسلة انهيارات يجر بعضها بعضا، لن يكون لها آخر في الوقت الحالي، دون رأفة بحال اسر أرغمها العوز وقلة الحيلة على عيش رعب حقيقي في كل لحظة.

انهيار5

انهيار سقف منزل رقم 3 بدرب سيدي بن سعيد برياض العروس في 18 دجنبر2014

مازلتم تتذكرون كم من الأسر أصبحت بدون مأوى بإقليم قلعة السراغنة، بعد ساعات فقط من تهاطل الامطار، وتحديدا ليلة الاحد 15 شتنبر الماضي، بعد انهيار اكثر من 20 منزلا بجماعة اولاد الصبيح، والتي كانت مدرجة ضمن الدور الايلة للسقوط. الى جانب انهيار عشرات المنازل المبنية بمواد تقليدية المحاذية لجنبات الويديان بعد فيضانات شهدتها المنطقة، أواخر نونبر الماضي، والتي اتلفت العديد من القناطر.

واضافت نفس المصادر، أن واد العبيد ب”نيمرو” الجمعة القريبة من الجماعة القروية اولاد حسون المحاذية لمدينة مراكش، ادت الى اتلاف الدعامات الاساسية للقنطرة كما اتلف حوالي 20 منزلا اغلبهم تتواجد بجنبات الواد.

إقليم شيشاوة لم يكن أفضل حالا ولا أوفر حظا، فقد عرف انهيار ثمانية منازل، صباح يوم السبت 22 نونبر المنصرم، بالجماعة القروية ايت حدو يوسف، ايضا دوار “تاركا أوفلا” عرف سقوط خمسة منازل، الى جانب انهيار منزلين بدوار “ركتو سيدي لحسن اوتقي” وكذا بدوار “إغرملن”، وذلك بعد أمطار عاصفية شهدها الإقليم على مدى يومين، والتي كانت كافية لتصبح ساكنة المنطقة في عزلة تامة عن العالم الخارجي.

سيناريوهات تتكرر على مدار السنة والحال لم يتغير، وأرواح برئية تزهق وزوجات ترمل وأطفال يتيتمون وأسر تتشرد و”الجارة” صماء لا تسمع لا بكاء ولا عويل، فكيف لها ان تسمع آهات وأنين أطفال أبرياء خرمت اذانهم “سمفونية رعب” ابدعتها غزارة الأمطار وصوت الرعد والبرق الممزوج بالبكاء والنحيب على حبيب قضى تحت التراب.