منوعة | السبت 22 أغسطس 2015 - 15:16

عاملات الجنس في الهند يأملن إنهاء تجريم “مهنة البغاء”

  • Whatsapp

تضع “سونيتا ديفي” أحمر الشفاه قبل ملاقاة زبائنها في بيت للدعارة داخل حي كبير سيء السمعة في العاصمة الهندية نيودلهي. وتقول مرتدية ثيابا تقليدية بيضاء وخضراء “لا ننتقل لملاقاة الرجال بل هم يأتون ألينا.. نريد العيش بكرامة كما الحال مع أي مهنة أخرى”. أحلام وآلام العاملين في الجنس بالهند في المقالة التالية.

تنتظر ديفي البالغة 35 عاما بفارغ الصبر قرار المحكمة العليا في الهند لتوضيح الوضع القانوني لمهنة البغاء، شأنها في ذلك شأن الملايين الآخرين من عمال الجنس.

ويعتبر إغواء الزبائن لممارسة البغاء والقوادة وإدارة بيوت للدعارة أنشطة غير قانونية في الهند، إلا أن القانون نفسه العائد إلى حقبة الاستعمار البريطانية يكتنفه الغموض في ما يتعلق بالدعارة نفسها.

ويأمل العاملون في هذا القطاع في أن ترغم السلطة القضائية الأعلى في البلاد الحكومة على إلغاء تجريم هذا النشاط. ويوضحون أنهم يتعرضون لمضايقات من الشرطة ويتم إرسالهم إلى إصلاحيات بظروف أسوأ من تلك الموجودة داخل السجون.

وجرى توقيف نحو 2800 امرأة و4800 رجل سنة 2013 بحسب آخر الإحصائيات الرسمية في هذا المجال. وتبلغ نسبة أحكام الإدانة 35% إلا أن عددا كبيرا من القضايا يضيع بسبب الرتابة الإدارية الكبيرة التي تطبع عمل القضاء الهندي.

امرأة تم بيعها وتحويلها إلى مومس!

وتقول ديفي “لا تنظروا إلينا كمجرمات ومن فضلكم لا تعتقلوا زبائننا”. وقد انتقلت هذه المرأة لامتهان الدعارة بعد بيعها لرجل في مقابل 50 ألف روبية (785 دولارا) من جانب صديقها الذي تواطأ مع قواد لإدخالها إلى عالم الدعارة.

واختارت ديفي الاستمرار في العمل بالدعارة التي تدر عليها “مبلغا جيدا يبلغ 500 روبية (حوالي ثمانية دولارات) يوميا أو أكثر” من دون أن تضطر “لبذل جهود مضنية في العمل”.

وتعد الهند عمليا ثلاثة ملايين عاملة وعامل جنس بحسب مرصد “هافوسكوب” لمراقبة الأنشطة غير القانونية.

وأكثرية هؤلاء يختارون طوعا العمل في البغاء ولم يكونوا ضحية قوادين، ويتعين بالتالي إعطاؤهم الحقوق نفسها كتلك التي يحصل عليها باقي العمال، بحسب ناشطين كثيرين مؤيدين لإلغاء تجريم الدعارة.

وتقول تريبتي تاندون من منظمة “لوييرز كوليكتيف” غير الحكومية إن “القانون ملتبس للغاية. من يستغل الآخر؟ المرأة التي تتقاضى المال أو الشخص الذي يقصدها بحثا عن اللذة”.

وتضيف “القانون ينص على أن جميع عاملي الجنس هم ضحايا ولا يمنحهم الحق في كسب قوت عيشهم. لكنهم لا يعتبرون أنفسهم ضحايا لذا ما السبب لاعتبارهم كذلك نيابة عنهم؟”

ويسعى المتخصصون في الصحة العامة إلى أن تخرج هذه المهنة من الظل معتبرين أن الوضع القانوني الحالي يرغم العاملين فيها على التخفي ويصعب مهمة الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا.

تشريع الدعارة..

إلا أن المنظمات غير الحكومية المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر تعتبر أن تشريع هذا النشاط سيزيد الإقبال عليه وبالتالي يفعل بيوت الدعارة، وأول ضحايا هذا الوضع ستكون النساء الفقيرات الريفيات والأطفال.

وبعد الاحتكام إليها قبل أربع سنوات، شكلت المحكمة العليا لجنة للتحقيق في هذا القطاع والبحث في إمكان إجراء تعديلات قانونية في هذا الشأن.

كذلك طلبت المحكمة من كل ولاية هندية تقييم عدد عاملي الجنس المستعدين للتخلي عن البغاء وامتهان أعمال قانونية في حال أتيحت لهم هذه الفرصة.

وفي حي “جي بي رود” في نيودلهي، تبدي بعض المومسات المنتشرات على طول الطريق ترددا إزاء تقبل فكرة تغيير مهنتهن خشية خسارة المردود المادي الذي توفره الدعارة لهن.

وتقول كوسوم التي تجني حوالي 20 ألف روبية شهريا (300 دولار) “لدينا هامش كبير من الحرية والمردود المادي جيد”. وتستخدم هذه المرأة المال الذي تكسبه في الدعارة لإعالة زوجها وأطفالها الثلاثة الذين يعيشون في قرية في ولاية “أوتار براديش” المجاورة.

دواعي اجتماعية!

وتوضح هذه المرأة البالغة 36 عاما والتي امتهنت الدعارة بناء على نصيحة صديقة “أستطيع توفير حياة أفضل لأطفالي بفضل المال الذي أجنيه. أعتقد أن درجة التعب الناجمة عن عملي أقل من تلك الموجودة في مهن كثيرة أخرى”.

أما زوجها الذي يهتم بتربية الأطفال فيعتقد أنها تعمل كممرضة.

ومع أن الكثير من عاملات الجنس يأملن إنهاء تجريم مهنتهن، لكنهن يظهرن ترددا حيال فكرة استنساخ تجربة بلدان أخرى مثل هولندا ونيوزيلندا حيث تخضع ممارسة الدعارة لضوابط قانونية، بينها الاستحصال على ترخيص لمزاولة المهنة. فمن شأن وضع كهذا في الهند أن يعزز وصمة العار التي تطال هذه الفئة بحسب العاملات في هذا المجال.

ويقول أميت كومار، المنسق الوطني لمجموعة “أول إنديا نيتوورك أوف سكس ووركرز” إن “استحداث نظام قائم على التراخيص قد يكون ناجحا في الغرب لكن ليس في الهند حيث عاملات الجنس منبوذات”.

ودافعت اللجنة الوطنية للنساء، وهي هيئة فدرالية، في مرحلة معينة عن تقنين هذا النشاط قبل تغيير رأيها بعد سنة.

ويعتبر كومار أنه من واجب القضاء الهندي والهيئات العامة إدراك أن الإبقاء على الدعارة كنشاط يمارس في الخفاء مضيعة للوقت. ويقول “سياسيونا ومحاكمنا يرفضون البت منذ وقت طويل. إلا أن الدعارة أقدم مهنة في العالم واختفاؤها ليس مسألة قريبة”.

فرانس 24 / أ ف ب