
تقرير وطني يحذر من تفاقم هشاشة الشغل ويدعو إلى إصلاحات جذرية

حذر المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، في تقرير استراتيجي جديد من تفاقم الهشاشة في سوق الشغل الوطني، داعيًا إلى إصلاحات عميقة تتجاوز الحلول التقليدية، وتضع أسسًا جديدة لعقد اجتماعي أكثر مرونة وعدلاً.
التقرير شدد على أن الحلول الجزئية لم تعد كافية لمواجهة الأزمة المتفاقمة في التشغيل، مؤكدًا الحاجة إلى “ثورة تشريعية” شاملة تشمل قانون الشغل والتعليم والتكوين المهني. ودعا إلى إعادة صياغة قانون الشغل ليعكس تحولات سوق العمل الحديثة، بما في ذلك انتشار العمل المرن والعمل عبر المنصات الرقمية.
من بين التوصيات البارزة، ضرورة فصل الحقوق الاجتماعية عن الوظيفة التقليدية، لتصبح حقوقًا متنقلة تلازم العامل بغض النظر عن شكل العقد أو طبيعة العمل. ويهدف هذا التوجه إلى حماية العمال في بيئات التشغيل غير المستقرة، وتعزيز العدالة الاجتماعية.
في إطار تحسين جودة الحياة وتقاسم منافع التكنولوجيا، اقترح المركز تجربة أسبوع عمل من أربعة أيام وتقليص ساعات العمل، كوسيلة لمواجهة الضغوط النفسية والبطالة المقنعة، وتحقيق توازن أفضل بين الحياة المهنية والشخصية.
مع اقتراب احتضان المغرب لكأس العالم 2030، دعا التقرير إلى إعداد خطة قصيرة المدى (1 إلى 3 سنوات) لاستيعاب آلاف العمال بعد انتهاء مشاريع البناء، من خلال توجيههم نحو مشروعات البنية التحتية الخضراء وصيانة المدن.
واقترح التقرير إحداث “صندوق تحويل قطاع الخدمات” بتمويل مشترك بين الدولة والمقاولات، لإعادة تأهيل عمال مراكز الاتصال المهددين بفقدان وظائفهم بسبب الأتمتة، وتحويلهم إلى تخصصات رقمية واعدة مثل تحليل البيانات والأمن السيبراني.
ومع تزايد الاعتماد على اقتصاد المنصات، طالب المركز بإطار قانوني عاجل يضمن الحد الأدنى من الحقوق الأساسية لهؤلاء العمال، من ضمنها التأمين ضد الحوادث، وشفافية الأجور، وظروف العمل اللائقة.
على المدى المتوسط (4 إلى 10 سنوات)، شدد التقرير على ضرورة إحداث ثورة في منظومة التعليم والتكوين المهني، تربط البرامج الدراسية باحتياجات الاقتصاد الأخضر والرقمي، وتعزز المهارات المستقبلية كالبرمجة، والتفكير النقدي، والتصميم الهندسي.
كما دعا إلى دعم التصنيع المحلي وتوطين صناعة مكونات السيارات الكهربائية لتعزيز تنافسية المغرب الصناعية.
وفي ظل تغير أنماط التشغيل، أوصى التقرير بتشجيع نقابات مرنة ومبتكرة قادرة على تمثيل العمال الجدد وعمال المنصات، والمشاركة الفعلية في إدارة التحول التكنولوجي.
وعلى المدى الطويل (أكثر من 10 سنوات)، اقترح التقرير تجريب نماذج للدخل الأساسي الموجّه لفئات محددة، مثل الشباب أو المتأثرين بالأتمتة، لتقييم فعاليته في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
واختتم المركز تقريره بالدعوة إلى تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية لفتح أسواق جديدة في إفريقيا، والشرق الأوسط، والأمريكتين، بهدف تقليل الاعتماد على السوق الأوروبية، وضمان استدامة سوق العمل المغربي أمام التحولات العالمية المتسارعة.
