اخبار جهة مراكش | السبت 30 أبريل 2016 - 15:01

الدكتور الغالي استاذ العلوم السياسية بمراكش:”تقرير الأمم المتحدة حول نزاع الصحراء لا يتعارض ومصالح المغرب وديبلوماسيتنا مطالبة بالتأويل الايجابي لمضامينه”

  • Whatsapp

توفيق عطيفي – مراكش
أكد الدكتور محمد الغالي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن التقرير الصادر عن هيئة الأمم المتحدة يوم أمس الجمعة، هو انتصار للديبلوماسية المغربية حتى وان تضمن فقرات ليست في صالح المغرب، الا أنه لابد من قراءتها وتأويلها لصالحنا، مبرزا أن بعض فقرات التقرير فيها حمولات مهمة تقتضي منا التحلي باليقظة، سيما في عالم يعيش اليوم تحولات جيوستراتيجية، والتي لا تهم فقط المجال الاقتصادي، تحولات قال عنها الدكتور الغالي أنها خلقت تأثيرات عميقة في الأنظمة الدستورية، مشددا أن فرص موضوع قضية الصحراء تتحدد في فرص السلام، فيما مخاطره قائمة في تهديد السلم والسلام، وذلك في مداخله له تحت عنوان: ” قضية الصحراء المغربية والتحولات الجيوستراتيجية: قراءة في الفرص والمخاطر”، في الندوة التي نظمتها المدرسة الوطنية للتجارة والتدبير التابعة لجماعة القاضي عياض بغرفة الصناعة والتجارة بمراكش، صباح اليوم السبت 30 أبريل، تحت شعار: “الجهوية المتقدمة: أداة للاستقلال والتنمية الاقتصادية”.
واستعرض الدكتور الغالي، عدد من المحطات الرئيسية في ملف قضية الصحراء المغربية، مبرزا ان الحديث من زاوية ذاتية يلزمنا بالقول أن الملف مفتعل والايمان بعدالة القضية، الا أنه على مستوى المقاربة الموضوعية، فإن التحليل بمرجعية الحجاج يأخذ مستويات اخرى، حيث أن المشكل اثير منذ سنة 1975 انطلاق المسيرة الخضراء، وما تلى ذلك من تحولات ودخول المغرب في حرب من أجل الحفاظ على الوحدة الترابية، في سياق لا ينبغي عزله عن السياق العالمي، الذي يتضمن قطبين: رأسمالي واشتراكي، هذا الاخير الذي كان يدعم كل حركات الانفصال الحامل لأيديولوجيته، وصولا الى سنة 1991 واعلان وقف اطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليزاريو برعاية الامم المتحدة، باعتبار معالجة هذا المشكل يدخل في اطار الوظائف السامية التي ترعاها هذه المنظمة تحت الفصل السادس أو السابع لفرض السلم العالمي.
وأضاف أن المغرب منذ قرار كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة، الذي حث فيه الأطراف المعنية بتجاوز الجمود، وهو يقدم مبادرات جادة، والتي شكل خطاب 6 نوفمبر 2008، صورة راقية لتجاوب المغرب مع هذه الدعوة الأممية، داعيا الى ضرورة الانتباه لكون المغرب ليس هو من أخذ المبادرة من تلقاء نفسه بل تجاوب مع دعوة الأمم المتحدة كراعية للسلم العالمي، والذي أرسل فيه بلادنا اشارات الى انه سيقوم ببلورة مشروع لتجاوز هذه الأزمة، وقال:” يجب أن نرجع هنا للتاريخ فمنذ 1998 والتقارير تصدر بخصوص تدبير هذا الملف المفتعل، والذي وصل الى الآن حوالي 16 تقريرا، وحين نرجع ونقرأ هذه التقارير نجد أن المملكة تبادر فيما الطرف الآخر منغلق على ذاته وينتقد المبادرات ولا يقدم بديلا حقيقيا قابلا للتطبيق”.

الغالي
وتساءل ذات المحلل السياسي:” ماذا ربحت الجزائر بإنفاقها منذ 1975 الى اليوم ما يزيد عن 200 مليار دولار؟ وهي ميزانية لو استثمرت لتحقيق آمال المغرب العربي في اطار التنمية والاندماج كخيار استراتيجي كما هو حال الاتحاد الأوروبي، رغم أن هذه الاخيرة تتضمن 28 دولة، سقف مخاطرها اكثر بكثير من مخاطر المغرب العربي “.
وكشف الدكتور الغالي، أن في سنة 2007 أدرك المغرب وبعمق كبير الانعطافات التي وقعت في هذا الصراع، مما مكنه من الايمان بأن هذا الصراع لا يمكن فهمه باعتماد البعد الاقتصادي والسياسي، بل لابد من اعتماد المقاربة الانسانية والتنموية، وهو ما توج بتقدم المغرب في نفس السنة بمبادرة الحكم الذاتي، وهي مبادرة اعطت كل شيء لسكان الأقاليم الجنوبية كوصفة من وصفات حق الشعوب في تقرير مصيرها والتي لا تخرج عن سياق مختلف التوصيات الأممية لحل الملف، حيث يمكن لسكان الصحراء ان يكون لهم برلمانهم وسلطة تشريعية مستقلة، شرط أن يكون هذا في اطار السيادة المغربية.
وبخصوص الزيارة الاستفزازية التي قام بها بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة، فقد أوضح الدكتور الغالي، أنها زيارة لخدمة الأجندات، كما طالب الديبلوماسية المغربية بضرورة الوعي بجغرافية المصالح، وعدم ترجيح ميزان القوى اذا لم نكن كأصحاب قضية قادرين على فهم جغرافية المصالح العالمية. كما أوضح أن الديموقراطية هي تثمين، اعتراف، حرية الاختيار، وليست الانتخابات فقط، وأن الديموقراطية الغربية تعكس ميزان قوى معين، وأن الحديث اليوم عن التمثيلية لدى البوليزاريو يستدعي الوقوف عند سؤال:” هل هذا المكون هو الممثل الوحيد لما يسمى بالشعب الصحراوي وماذا عن الانتخابات التي جرت في 4 شتنبر ونسبة المشاركة الواسعة لساكنة الصحراء؟”.
وختم مداخلته بالتأكيد أن سياق الجهوية المتقدمة، ما هو الا محاولة تمهيدية في أفق انضاج الطرف الآخر، وبأن الذي حرك المغرب نحو هذه المبادرة هو المقاربة الانسانية واهتمامه بالتنمية والنهوض بأوضاع ساكنة الصحراء، بعد أن أوجد أول وكالة لتنفيذ مشاريع الجهوية بجهة العيون الساقية الحمراء وضخه حوالي 12 مليار درهم سنويا بهذه الجهات لتحقيق رهان التنمية.

image