اخبار جهة مراكش | الأربعاء 26 أكتوبر 2016 - 12:16

هل سيتحرك الكاملي عامل شيشاوة لتنزيل التوجيهات الملكية وترشيد الادارت العمومية؟

  • Whatsapp

توفيق عطيفي – شيشاوة 
لا زال المواطن في عموم إقليم شيشاوة ينتظر مباشرة السلطات الإقليمية في شخص عبد المجيد الكاملي الوقوف الميداني لتنزيل مضامين الخطاب الملكي خلال افتتاح دورة البرلمان، ليوم الجمعة 14 أكتوبر، والذي وجه فيه عاهل البلاد انتقادات حادة إلى الإدارة والموظفين الذين يتقاعسون عن أداء دورهم أمام المرتفقين الذين تدمروا من مقولة ” سير تا تجي والتسرسيب والابتزاز”، (تنزيل) باجراءات عملية وبزيارات ميدانية مباغثة وسرية للوقوف على واقع الحال بعيدا عن تلك الصورة “النورانية والنرجسية” التي تعمل بعض الجهات على رفعها في تقاريرها الرسمية الى السلطة الاقليمية.
فعلى مستوى العديد من الإدارات العمومية بالإقليم، لا زالت ظاهرة الموظفين الأشباح الذين اعتادوا تلقي أجورهم على رأس كل شهر رغم غيابهم المستمر عن العمل، تحت مبرر “ميك علي نميك عليك، هذاك راه من الفوق، باه صاحبي وأشبال الحسن الثاني…” عامل رئيسي في تقويض خدمات المرفق العام، وإذا كانت المناسبة والسياق شرط، فإن هذه الظاهرة لا تقتصر على إدارة بعينها بإقليم شيشاوة، بدءا بعمالة شيشاوة ومؤسسة المجلس الإقليمي، والجماعات الترابية، هذه الأخيرة التي تحولت إلى “بزول” ريعي بين بعض رؤساء الجماعات لتبادل الصفقات وتبادل التستر على الأشباح عبر تغليب الانتماءات السياسوية والمصلحية على روح المواطنة المغيبة، جماعات سارت مسرحا كذلك لاستخلاص الرشاوي من مواطنين بسطاء وعزل، ومسرح كذلك للاغتناء غير المشروع في ظرف قياسي وخيالي لكائنات ابتليت بهم الجماعات والشأن المحلي، يقول عاهل البلاد في هذا الصدد:” ولكن مع كامل الأسف ، يلاحظ أن البعض يستغلون التفويض، الذي يمنحه لهم المواطن، لتدبير الشأن العام في إعطاء الأسبقية لقضاء المصالح الشخصية والحزبية، بدل خدمة المصلحة العامة، وذلك لحسابات انتخابية. وهم بذلك يتجاهلون بأن المواطن هو الأهم في الانتخابات، وليس المرشح أو الحزب، ويتنكرون لقيم العمل السياسي النبيل. فإذا كانوا لا يريدون القيام بعملهم ولا يهتمون بقضاء مصالح المواطنين، سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي، وحتى الوطني، فلما ذا يتوجهون إذن للعمل السياسي؟ إن الالتزام الحزبي والسياسي الحقيقي ، يجب أن يضع المواطن فوق أي اعتبار، ويقتضي الوفاء بالوعود التي تقدم له، والتفاني في خدمته ، وجعلها فوق المصالح الحزبية والشخصية”.
اصابع مظاهر الاختلالات لا يوجهها المواطن الشيشاوي إلى الجماعات وحدها، بل إلى جميع القطاعات، من صحة وتعليم، إلا أن الجماعات تبقى في المقدمة نظرا لطبيعة الارتباط بين المواطن وهذه الأخيرة على مستوى خدمات القرب اليومية.
فاذا كان عامل الإقليم قد تمكن من وضع لمسته الخاصة في التواصل “كشخص” مع المواطنين بإقليم شيشاوة واستطاع إنجاح العملية الانتخابية في إقليم صعب، فإن العديد من الأوراش لا زالت في غرفة الانتظار الزمني الغيبي، تنتظر من يحركها وفي مقدمتها الإدارة أولا وأخيرا لأنها هي المفتاح السحري الوحيد الذي من شأنه أن يمكن الرجل الأول في الإقليم من قلب وجه شيشاوة ورسمه بتلك الصورة لا نقول المثالية بل الصورة التي تحترم على الأقل مواطنة المواطن ويكون فيه الجميع خاضعين لسلطة القانون لا سلطة الولاءات والنفوذ الاقتصادي والابتزاز.
فالسلطات الإقليمية، في شخص عبد المجيد الكاملي وهو في عامه الأول من توليه لمسؤوليته كعامل إقليم شيشاوة، مطالب بالتسريع في تنزيل خطاب الملك محمد السادس بإجراءات عملية آنية، والضرب بيد من حديد على يد كل من عاكس توجيهات ملك البلاد بخصوص خدمة المواطنات والمواطنين، فلا يكاد يوم يمر دون أن تعرف بوابة عمالة الإقليم أو شارع محمد السادس السادس، وقفات احتجاجية لمواطنين، افتقدوا في جماعاتهم لمخاطب عاقل ينصت لهمومهم ومشاكلهم كشكل من أشكال التقدير والاعتراف، وهو الأمر الغائب في سلوك فئة عريضة من المنتخبين بالإقليم ورؤساء مصالح وأقسام وبعض من رجال السلطة، وإذا ما بحثنا في تاريخ طرائف الزيارات الملكية لعدد من المناطق المعزولة سيما في موسم البرد وبالتحديد بمنطقة انفكو بخنيفرة، سنجد أن عاهل البلاد أقام خيمته واستقر لمدة تزيد عن 15 يوما مع مواطنين تشبثوا بالأرض والهوية والانتماء رغم قسوة المناخ وقلة الغذاء والأغطية بحكم محاصرة الثلوج لهم، وأن جلالته عقد لقاء مع أعيان المنطقة وسألهم عن حاجاتهم، لم تكن مطالبهم “الكريمات الريعية” ولا”فرص شغل لأبنائهم” ولا امتيازات، بل كان ردهم صادما:” لما أتيت إلينا يا جلالة الملك واعترفت بنا لا ينقصنا أي شيء”، طريفة لن يأخذ بعمقها طبعا إلا من استشرب “انافة وكرامة وعزة نفس المغاربة” وفي قلبه ذرة مواطنة تمغربيت.
فملك البلاد قال بلسان الشيشاويين جميعا، لا يعقل أن يتنقل مواطن على مسافات طوال من جماعة ايت حدو يوسف أو جماعة اميندونيت، او جماعة المزوضية أو اهديل…، من دواره إلى مقر الجماعة ويلتقي بموظف ولا يقدم له خدمة بسبب درائع واهية “بلاتي نتغذا، بلاتي تسنا مكينش لي اسيني، سير تال الغذا…”، انه الواقع الذي لا يرتفع مهما حاولنا التستر عنه.
وإذا كانت بعض الجماعات تعرف فائضا في الموظفين، كما هو حال جماعة رحالة، وتلك قصة أخرى، لماذا لا تعمل الجماعات على فتح ملحقات لها في الدواوير النائية والبعيدة عن مراكز الجماعات ب 20 كلمترا أو ما يزيد لتقديم خدمات تصحيح الإمضاء وعقود الازدياد، ووضع خدمات تصريف منح التيسير لفائدة أمهات التلاميذ عبر هؤلاء الموظفين بالتنسيق مع مؤسسة البريد والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بشيشاوة، بدل تنقلهن من الدوار إلى مركز الجماعة عبر الخطافة (العتاقة) ومنها إلى امنتانوت أو شيشاوة، مقابل 100 درهم أو أكثر.
إن انعدام روح المواطنة يجعل من الإدارة عائقا أمام الاقتصاد والسلم الاجتماعي، حيث تعطيل مصالح الإدارة يكون بتعطيل الاستثمارات وما يشكله ذلك من سبب وجيه في تزايد نسب البطالة وما تعنيه هذه الأخيرة من فراغ وبحث ضحاياها عن بدائل انحرافية كما هو حال فئة من ضحايا الجماعات الإرهابية والتكفيرية.