سياسة | الثلاثاء 8 نوفمبر 2016 - 23:23

الملك يرفض خضوع الحكومة المقبلة لـ “تقسيم الغنيمة الانتخابية”

  • Whatsapp

مراكش الآن
تؤكد المعطيات أن ملامح تشكيل الحكومة الجديدة في المغرب بدأت تتضح، ومن المفترض أن تضم أحزاب ما كان يعرف سابقا بـ “الكتلة”، إضافة لحزب “العدالة والتنمية” الإسلامي الفائز في انتخابات 7 تشرين الأول/أكتوبر. وشدد الملك محمد السادس على أن تكون حكومة “جادة ومسؤولة”، رافضا أن تبنى على منطق “تقسيم الغنيمة الانتخابية”.
تتواصل مشاورات عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المنتهية ولايتها، والأمين العام لـ “حزب العدالة والتنمية” الإسلامي الفائز في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مع بقية الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة.
وبدأت تلوح في الأفق الملامح الأولى للحكومة المقبلة، والتي قد تسجل عودة قوية لما يعرف بـأحزاب الكتلة”، ممثلة في “حزب الاستقلال”، “الاتحاد الاشتراكي”، إضافة إلى حزب “التقدم والاشتراكية”، الحليف الشيوعي “للعدالة والتنمية” الإسلامي” في الحكومة السابقة.
ويقول الإعلامي والمحلل السياسي محمد أغبالو في تصريح لفرانس24: “في اعتقادي أنه مع إعلان حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية انضمامهما للتحالف الحكومي الذي يعتزم عبد الإله بن كيران تشكيله، وإعلان هذا الأخير أن ما ينقصه هو فقط حزب يتوفر على حد أدنى من المقاعد يصل إلى 20 مقعدا، يمكن اعتباره إشارة إلى الاتحاد الاشتراكي للانضمام” للتحالف، والذي فاز بنفس العدد من المقاعد في الانتخابات.
وهذه معطيات تفيد بحسب أغبالو أن “الملامح الأساسية للحكومة أخذت تتضح”، مشيرا في الوقت نفسه إلى إمكانية مشاركة حزب “التجمع الوطني للأحرار”، الذي يصنف ضمن ما يعرف في المغرب “بالأحزاب الإدارية”، “رغم الشد والجذب الذي يقع الآن بينه وبين باقي أطراف التحالف الحكومي”.
وبالتالي، يؤكد أغبالو، تبقى التوليفة الحكومية المكونة من أحزاب “العدالة والتنمية” و”التقدم والاشتراكية” و”الاستقلال” و”الاتحاد الاشتراكي” و”التجمع الوطني للأحرار”، السنياريو المطروح بقوة. ويفسر المحلل السياسي أن “ابن كيران يبحث عن أغلبية حكومية قوية عدديا ليتمكن من تمرير كل القوانين التي سيطرحها بسهولة في قبة البرلمان، وثانيا لأن أصحاب القرار في المغرب لن يقبلوا بحكومة لا يوجد بها أي حزب إداري، لأنها ستكون سابقة في تاريخ المغرب”.
توليفة حكومية بخليط إيديولوجي وأهداف مشتركة
ويظل المشهد السياسي المغربي يعاني من تشتت حزبي بين هيئات تحسب أدبيا على نفس المعسكر السياسي، سواء كانت في اليسار أو في اليمين، ما يتعذر معه خلق أقطاب سياسية، يمكن أن تصنع من التناوب على السلطة قاعدة أساسية في العملية السياسية المغربية.
ووضع من هذا النوع يفرز حكومات بأحزاب ذات توجهات سياسية متباينة، قد تجمعها أهداف حكومية مشتركة، لكن لا تعطي صورة دقيقة عن طبيعة التحالفات الممكنة، وتفرز العديد من القراءات حول الغاية الحقيقية منها.
ويقول أغبالو، وهو أيضا مدير الموقع الإخباري المغربي “الأول”: “علمتنا التجربة السياسية في بلدنا أن العمل الحكومي في المغرب لا يقوم على التوجهات السياسية لكل حزب مشارك في الحكومة لعدة اعتبارات، بينها أن الحكومة لا تطبق برنامجا مستقلا يأتي به رئيس الحكومة بعد التشاور مع باقي مكونات التحالف الحكومي، بل هناك برنامج الدولة، الذي يتضمن الخطوط الأساسية التي على الحكومة اتباعها، ولا يبقى على رئيس الحكومة سوى وضع لمسته الخاصة على كيفية تطبيق برنامج الدولة، لذلك فمسألة التوجه السياسي غير مطروحة نهائيا في المغرب”.
كما يتساءل في ذات السياق إن كان بالإمكان أن “نتحدث عن توجهات سياسية تصل إلى درجة التناقض بين الأحزاب السياسية المغربية”، معتبرا أنه “بإطلالة بسيطة على البرامج السياسية للأحزاب والتي قدمتها في الانتخابات التشريعية الأخيرة نلاحظ أن لا اختلاف بين كل الأحزاب، حيث الجميع يتحدث عن نفس المشاكل ويطرح حلول متشابهة، ولا فرق كبير بين الاشتراكي وبين الليبرالي أو الإسلامي”.
الملك يشدد على حكومة “جادة ومسؤولة”
وأثار الملك محمد السادس في خطاب ذكرى المسيرة، الذي ألقاه الأحد من العاصمة السينغالية داكار، خطابا حدد فيه التوجيهات التي ينبغي الالتزام بها في تشكيل الحكومة الجديدة. ويرى أغبالو أن “خطاب الملك يمكن للجميع أن يقرأه كيفما يشاء، فهو بمثابة النص القابل للتأويل، وقد لاحظنا هذا الصباح كيف أن مناضلي العدالة والتنمية أولوه لصالحهم وقالوا بأن الخطاب الملكي جاء مؤيدا لابن كيران بالمطلق”.
ويتابع المحلل قائلا: “ثم هناك أولئك الذي يقرؤون في الخطاب الملكي تقريعا لابن كيران وتنبيها إلى عدم الحديث عن تشكيل الحكومة باعتبارها أغلبية عددية فقط، وأنه يجب أن تكون قائمة على برنامج سياسي واضح ومخطط للعمل وأناس قادرين على تنفيذ هذا البرنامج بما يتوفرون عليه من كفاءة، وبالتالي فإن تصريح ابن كيران بأنه لا يحتاج سوى لـ 20 مقعدا قد يكون جرعليه غضب السلطات العليا”.
وقال الملك محمد السادس: “إن المغرب يحتاج لحكومة جادة ومسؤولة. غير أن الحكومة المقبلة، لا ينبغي أن تكون مسألة حسابية، تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية، وتكوين أغلبية عددية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية”، مؤكدا أن “الحكومة هي برنامج واضح، وأولويات محددة، للقضايا الداخلية والخارجية”.
ويبقى الملك في المغرب يحتفظ بغالبية السلطات رغم تعديل الدستور في 2011 عقب الحراك الذي هز المملكة في إطار ما عرف “بالربيع العربي”.
وتعتبر بعض القوى، خاصة المحسوبة على التيارين اليساري والإسلامي، الدستور الجديد “ممنوحا”، لم يستجب لتطلعاتها، فيما يرى فيه مؤيدوه أنه حمل الكثير من المكاسب مقارنة مع الدساتير السابقة.
عن: فرانس24