امنة بوعياش تنفي تراجع المغرب على المستوى الحقوقي
نفت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن يكون المغرب عرف تراجعا على المستوى الحقوقي، لأن “مقارنة وضع المملكة المغربية بين اليوم والأمس تبين بالواضح أن عدد التظاهرات الاحتجاجية يفوق 20 ألف تظاهرة سنويا، وأن ما يتعرض منها للتدخل الأمني العنيف لا يتجاوز أصابع اليد”.
وخلال محاضرتها حول “التربية والتكوين في مجال حقوق الإنسان بالمغرب.. الرهانات والآفاق”، التي نظمت من طرف كلية الحقوق بمراكش، امس الاثنين، قالت بوعياش: “للجامعة مسؤولية كبيرة بصدد موضوع المحاضرة، لكونها فضاء لتكوين عقول التنوير، ومؤسسة لإنتاج معرفة قادرة على مواكبة التغيرات الاجتماعية والقيمية التي تشكل موضوع التربية على حقوق الإنسان كمسار متواصل ومتجدد، عكس المجالات العاكسة لمعرفة الجهل والأفكار المتكلسة وقيم الوسط الاجتماعي الغارقة في التخلف”.
وبحضور رئيس جامعة القاضي عياض، وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية، أكدت الحقوقية ذاتها أن “أكبر تحدٍّ اليوم، هو التحدي الرقمي الذي فرضته تحديات الشبكة العنكبوتية المتعددة والمعقدة والمتشابكة، لأنه يمس انتهاكات حقوقية، من قبيل مناهضة العنف ضد النساء والفتيات، وتناسب القضاء مع حرية التعبير، وإشكالات التمييز والكراهية والعنف، لا تصدر عن مؤسسات أو سلطة أمنية، بل عن أشخاص ذاتيين، ما يفرض العناية بالجانب التربوي والثقافي حقوقيا”.
وبقدر ما لهذه الثورة الرقمية من دور باعتبارها رافعة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان وتعزيز الحق في المشاركة والحق في التعليم وممارسة الحق في حرية التعبير، فإن “منصات التواصل الاجتماعي تطرح إشكاليات وتحديات متسارعة ومعقدة، كالتضليل والتزييف، إلى تقويض مبادئ المشاركة والديمقراطية، إلى تحديات أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وتهديد حقوق الفئات الهشة والمس بكرامتهم”، تقول بوعياش.
ولتوضيح خطورة هذا التحدي، قدمت المتحدثة المثل بما تم الترويج له من مقاطع رقمية مرئية وتدوينات خلال جائحة “كوفيد-19” مست الحق في الحياة كأهم حق من حقوق الإنسان، التي تبين التضليل المتعمد باعتباره أكثر تعقيدا، لأن المنصات الرقمية يمكن أن تنشر ثقافة حقوق الإنسان أو ما يخالفها، ورغم ذلك فإنها تسمح بتوسيع الفضاء المدني وتخول للمؤسسات الوطنية والمدافعين عن حقوق الإنسان مواصلة اشتغالهم واضطلاعهم بمهامهم خلال الأزمات.
وعن دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قالت رئيسته: “80 في المائة من توصيات هذه المؤسسة الحقوقية بخصوص العدالة المجالية، تم التفاعل معها من طرف الحكومة”، كما تمت “الاستجابة للعديد من المقترحات المرتبطة بالمراجعة والملاءمة، من قبيل إطعام الموقوفين خلال الحراسة النظرية، وتجريم الاغتصاب الزوجي”، مشددة على أن المجلس أصبح يشتغل بمنهجية تقوم على تدبير الإشكالات، حيث تقوم لجان بزيارة أماكن الحرمان من الحرية في حالة وجود شكايات عن انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحراسة النظرية أو بالمؤسسة السجينة..
وحين تفاعلها مع أسئلة الطلبة، أوضحت بوعياش أن “التمييز الإيجابي مبادرة سياسية ناجحة إلى حد الآن، لأنها فرضت بسبب الصورة النمطية السائدة عن النساء، ولكونها سمحت لهن بولوج مناصب بالمؤسسات المنتخبة وبالإدارات”، مشيرة إلى أن هذه “الكوطا” “يجب تجاوزوها، ولكن ذلك يحتاج إلى زمن طويل، وإلى عدم اعتبار تدريس مادة حقوق الإنسان ترفا، بل باعتباره تخصصا مهيكلا للتنمية والديمقراطية لتغيير التمثلات، وتدارك الفقر الذي يشكو منه المغرب بخصوص التمثيلية الوازنة بالمؤسسات الدولية”.
وعرفت تساؤلات وتدخلات همت الانكباب على وسائل للتصدي لتحديات التضليل وخطاب الكراهية والمس بالحياة الخاصة للأشخاص ومواجهة العنف الرقمي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومناهضة العنف ضد النساء والفتيات.
يذكر أن هذا اللقاء العلمي نظم من طرف شعبة القانون العام، ومجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العمومية، ومختبر الدراسات الدولية وتحليل الأزمات السياسية.