“البيئة والتنمية المستدامة في المرجعية الوطنية وبرامج التعليم العالي في المغرب” موضوع ندوة علمية بمراكش
شكل موضوع “البيئة والتنمية المستدامة في المرجعية الوطنية وبرامج التعليم العالي في المغرب”، محور ندوة علمية أكاديمية نظمت مؤخرا بمراكش، ورامت استثمار المعارف التي راكمتها الجامعة بخصوص البيئة والتنمية المستدامة، وبحث سبل تحيينها المستمر.
وتوخى الحدث العلمي، الذي نظمه مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، التابعة لجامعة القاضي عياض، بشراكة مع مؤسسة هانس تسايدل الألمانية، التركيز على موضوع التنمية كـ”نهج يستجيب لاحتياجات الأجيال الحاضرة دون الإضرار بقدرة الأجيال القادمة على الاستجابة لاحتياجاتها الخاصة، أي إنها رؤية جديدة للمستقبل وطريقة جديدة للنظر إلى الواقع، كما أنها دعوة إلى تفكير متكامل يستجيب لتعقد النظم الواقعية للحياة اليومية”.
وهدفت الندوة، التي عرفت حضور شخصيات أكاديمية تنتمي لمشارب تخصصية مختلفة، وانعقدت يومي 20 و21 ماي الجاري، إلى إبراز دور التنمية المستدامة كسلوك أخلاقي أكثر منه مفهوم علمي، وإن كانت تنطوي على مفاهيم تمتح من العلوم الطبيعية والاقتصاد، “إلا أنها مسألة ثقافية بالدرجة الأولى، كما أنها مرتبطة بالقيم التي يتعلق بها الإنسان، وهي استجابة للحاجة الملحة إلى تطوير نهج آخر للعلاقات بين الناس وفهم جديد للوطن”.
وسلط المتدخلون الضوء على الترابط الوثيق بين الحاجات الإنسانية والبيئة الطبيعية، مؤكدين أن الأمر يتعلق بوصل الهموم الاجتماعية والاقتصادية بالبيئية، وأن هذا الربط يتطلب تفكيرا أكثر عمقا بشأن السياسات العمومية المتعلقة بالتعليم بشكل عام، وبالتعليم العالي خصوصا.
وفي هذا الصدد، أكد المتدخلون أهمية التعليم بجميع صوره وأشكاله في تحقيق التنمية المستدامة، مضيفين أن التعليم العالي يساهم بشكل إيجابي في القضاء على مشكلات الفقر والبيئة وسوء التغذية. كما عددوا إيجابياته في هذا الباب، على اعتبار أن تيسير إتاحة التعليم العالي للشباب يثمر فوائد ملموسة تشمل انخفاض البطالة وتحسين مستوى الصحة، مضيفين أن التعليم يعد أيضا عاملا مهما في تعزيز الترابط الاجتماعي.
وأوضحوا أن التعليم العلمي الرشيد له دور بارز في تسهيل التنمية المستدامة، والارتقاء بقدرات المتعلم، لاسيما في مجالات مثل التقنية البيئية، وتنمية موارد الطاقة المتجددة، ويوفر فضاءا واسعا للمعلومات العلمية التي تزداد ضرورتها لصناعة وبلورة القرارات العمومية.
وفي هذا السياق، أشاروا إلى اعتماد المملكة مفهوم التنمية المستدامة في استراتيجياتها التنموية، وذلك لعملها على تعزيز التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، بهدف تحسين نوعية إطار عيش المواطنين، وتعزيز التدبير المستدام للموارد الطبيعية وتشجيع الأنشطة الاقتصادية المحترمة للبيئة.
وفي كلمة بالمناسبة، تطرق أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد الغالي، إلى العلاقة بين موضوع البيئة و التنمية المستدامة والجامعة، من خلال الأدوار المنوطة بهاته الأخيرة في مجال تحقيق التنمية، خاصة على مستوى دعم سبل الاكتشافات والاختراعات التي تدعم الاستعمال المستدام والنظيف لمختلف الموارد الطبيعية.
وأوضح الغالي أن الأمر يهم أيضا مقاربة مصادر الثروة على النحو الذي يعزز فرص اقتصاد المعرفة المساعد على تثمين الثروات وحمايتها و ضمان تجديدها من خلال مختلف الحقول المعرفية التي تشتغل عليها، من قبيل المختبرات والمراكز البحثية الجامعية في بعدها الاجتماعي أو الإنساني، أو في بعد العلوم الحقة (الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والإعلاميات…). كما استعرض دور الجامعة على مستوى الخبرة والأبحاث العلمية المحافظة على روح البيئة و المدعمة لركائز التنمية المستدامة التي تراعي حقوق مجتمع الاجيال، مشددا على أهمية الدور البيداغوجي الذي يساعد على تكوين وتوعية وتحسيس الطلبة بكل ما يحقق دوامهم ودوام الخلق من حولهم.
وتناولت الندوة محورين رئيسيين، الأول حول مسألة البيئة والتنمية المستدامة في المرجعية الوطنية من خلال الإطار الدستوري؛ والسلطة التشريعية؛ والسلطة التنظيمية. فيما تطرق الثاني إلى قضية البيئة والتنمية المستدامة وبرامج التعليم العالي في المغرب عبر تقارير المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وتقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومشاريع التطوير لرؤساء الجامعات، والتقرير العام للنموذج التنموي، والمخططات والبرامج التنموية.