تقرير المجال السياحي.. شميس يدعو لاستحضار المنتوج التقليدي عند كل سياسة عمومية للنهوض بالقطاع
أكد المستشار البرلماني حسن شميس، أن تقرير المجموعة الموضوعاتية المؤقتة في المجال السياحي، قام بتشخيص دقيق للمرحلة التي تم حصرها ما بين سنة 2010 و2020 والتي عرفت تنزيل برنامج “رؤية 2020″، من خلال التطرق بكل تجرد وموضوعية لأهم الإنجازات التي تم تحقيقها، والإكراهات والتحديات التي واجهت تنزيل هذه الرؤية، وكذا الاختلالات التي شابتها من جهة، ومن جهة أخرى للآفاق والفرص التي يتعين استثمارها لإعطاء دفعة إيجابية للبرامج والمخططات المستقبلية.
وسجل شميس، في جلسة عامة خصصت لمناقشة التقرير اليوم الثلاثاء 23 يوليوز 2024 بمجلس المستشارين، أن الخلاصات التي وصل إليها التقرير تؤكد بشكل جلي هدر الكثير من الزمن التنموي لبلادنا خلال هذه الفترة، إذ أنه بالرغم من الظروف الداخلية المواتية، وكذلك الظروف الخارجية المناسبة المرتبطة بالأزمة المالية، التي عصفت باقتصاديات الدول المصدرة للسياح والتي جعلت فرصة بلادنا أكبر في استقطاب السياح، إلا أن النتائج كانت محدودة، إذ لم تكن هناك خطوات مسبقة أو برامج استعجالية لملائمة العرض السياحي الوطني حينها، من أجل الاستفادة من الانتعاشة التي عرفها الاقتصاد العالمي مباشرة بعد هذه الأزمة، خاصة على مستوى القطاع السياحي.
وأضاف أنه لم تكن هناك مواكبة لهذا الانتعاش التدريجي بمراجعة شاملة للأسعار المرتفعة للفنادق والتكاليف ذات الصلة، أو الرفع من العرض السياحي وتجويده وتنويعه في ظل المنافسة الشرسة التي تعرفها بلادنا إقليميا ودوليا لاستقطاب السياحة الدولية، بالإضافة إلى عدم استغلال الرصيد الطبيعي والثقافي والحضاري الذي تتميز به بلادنا، وعدم توظيف تنوع الموروث المغربي ومنتوجات الصناعة التقليدية، من أجل خلق عرض سياحي متنوع وتنافسي مستدام في مختلف الوجهات السياحية المغربية على مدار السنة، ولم يكن هناك جرد لهذه الثروات المادية واللامادية الموروثة حول تاريخها وقيمتها، وفق عمل مشترك ومنسق بين مختلف القطاعات الوزارية المعنية لجعله في خدمة السياحة الوطنية كما يحصل اليوم على هذا المستوى، وآخرها المبادرة المحمودة التي قامت بها وزارة الثقافة بشراكة مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، بإنشائها لأول خريطة أثرية وطنية للمغرب، وذلك من أجل جرد التراث الثقافي الوطني وحسن تدبير المعالم والمواقع الأثرية.
وقال المستشار البرلماني “إن أهمية هذا التقرير الذي طرحته هذه اللجنة الموضوعاتية اليوم، تكمن في كونه سيسهم لامحالة في تجويد خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة (2023-2026) المعتمدة من الحكومة اليوم، والتي تروم استقطاب 17,5 مليون سائح في أفق سنة 2026، وتحقيق 120 مليار درهم من المداخيل بالعملة الصعبة، وخلق 8 ألف فرصة شغل مباشر، و120 ألف فرصة شغل غير مباشرة، فضلا عن إدراج المغرب ضمن أفضل عشر وجهات عالمية الأكثر جاذبية لدى السياح عبر العالم.
وأورد شميس “هنا لن تفوتنا الفرصة لتسجيل الدور الأساسي لمغاربة العالم في إنعاش السياحة خلال العطلة السنوية الصيفية، بتوافدهم بأعداد كبيرة إلى بلدهم الأصلي، الأمر الذي يقتضي استحضارهم في جل البرامج الحكومية الخاصة بالقطاع السياحي، والمزيد من التحفيز والاستقطاب لاستدامة هذا المورد المتاح، من خلال عروض خاصة بهم تسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية والروحية مع وطنهم الأم وتدر على ميزانية الدولة المزيد من العملة الصعبة”.
وأوضح المتحدث ذاته، أن حصول بلادنا على شرف تنظيم تظاهرة دولية من حجم كأس العالم لسنة 2030، يجب أن يكون مناسبة لمعالجة مجموعة من الإكراهات والاختلالات التي جاء بها هذا التقرير، خاصة على مستوى كثرة المتدخلين وضعف انخراطهم، وعدم تفعيل هيئات الحكامة على المستوى الوطني والمحلي، علما أن المغرب يتوفر على إمكانات سياحية كبيرة مرتبطة بالمجال الرياضي والثقافي، ومخزون متنوع وغني للصناعات التقليدية والحرفية التي تغطي مختلف مناطق المغرب وجب استغلالها واستثمارها للترويج لهذه التظاهرة الكبرى وباقي التظاهرات الأخرى التي لا تقل شأنا في هذا السياق، الأمر الذي يتطلب من الحكومة العمل من الآن على تجويد البنيات التحتية لبلادنا من الطرق والموانئ والمطارات إلى الفنادق والمعالم السياحية.
واعتبر أن الصناعة التقليدية تعد القلب النابض للقطاع السياحي إن لم نقل العمود الأساسي لتحريك القطاع، ذلك أن غنى صناعتنا التقليدية وتنوعها وحسن تسويقها هو الورقة المربحة في عملية التنشيط السياحي، وهو الحافز المادي القادر على جلب السياح من داخل سوق تعرف تنافسية حادة، والرابح فيه هو من يراهن على إبراز الاختلاف والخصوصيات المغربية القادرة على جلب وإثارة انتباه السائح الأجنبي.
وطالب شميس الوزارة الوصية والحكومة بجميع مكوناتها باستحضار المنتوج التقليدي عند كل سياسة عمومية للنهوض بالقطاع السياحي، بل مطالبة باستحضار الصناعة التقليدية إعداد دفاتر التحملات الخاص بالطلبات العمومية في المجال السياحي، وإدخال الصناعات التقليدية بالأفضلية في دفاتر التحملات الخاصة بالصفقات العمومية التجهيزية، خاصة المتعلقة بالبنية التحتية الموجهة لتنظيم التظاهرات الرياضية والثقافية وفضاءات الاستقبال، والعمل على النهوض بوضعية الصانع التقليدي وحماية قطاع الصناعة التقليدية من التنافسية الدولية، والعمل على معالجة اختلالاته ليكون في مستوى التحديات المطروحة على تطوير سياحتنا، إذ لا سياحة نشيطة ومنتعشة دون صناعة تقليدية مزدهرة ومدعومة.