
سابقة طبية بالمغرب.. أول حمل ناجح بجنين مجمد منذ 16 سنة

شهد المغرب في الفترة الأخيرة سابقة طبية تمثلت في حمل ناجح لسيدة تبلغ من العمر 41 سنة، بعد نقل جنين مُجمَّد منذ سنة 2009 باستخدام تقنية التزجيج (La vitrification).
هذه التقنية، التي أُجريت على يد طبيب النساء والتوليد البروفيسور عمر الصفريوي، تُعتبر خطوة رائدة في مجال الطب التناسلي بالمغرب، وتعكس الإمكانات الكبيرة التي بات يتوفر عليها هذا التخصص، رغم محدودية الولوج إلى العلاج.
تُعرف تقنية La vitrification بأنها تقنية حديثة لتجميد البويضات أو الأجنة، ظهرت قبل حوالي 18 سنة، وتعتمد على التجميد فائق السرعة باستخدام مواد واقية من التجمّد (cryoprotectants)، تمنع تشكّل بلورات الثلج داخل الخلايا.
وتهم هذه التقنية الأجنة المبكرة جدا “les embryons” التي تتشكل بعد إخصاب البويضة بالحيوان المنوي في المختبر، حيث تكون مجرد مجموعة خلايا في بداياتها.
وتعود قصة نجاح حمل هذه السيدة، وفق ما صرح به البروفيسور الصفريوي، رئيس المركز الإفريقي للإنجاب ورئيس الجمعية المغربية للطب التناسلي كذلك، إلى سنة 2009 عندما جاءت سيدة مغربية مقيمة بإيطاليا تعاني من ضعف الإنجاب لأزيد من 10 سنوات إلى المركز من أجل إجراء عملية الحقن المجهري وذلك بعد فشل عمليتين سابقتين أجرتهما بإيطاليا والمغرب.
وتكللت العملية، يقول البروفيسور الصفريوي، لـSNRTnews، بنجاح بحيث حملت السيدة وأنجبت طفلا، فيما جرى تجميد أربعة أجنة إضافية والاحتفاظ بها في المركز.
في سنة 2013، يروي الصفريوي، حاولت السيدة استعمال أحد الأجنة المجمدة، إلا أن العملية انتهت بحمل خارج الرحم. وبعد مرور 12 سنة أخرى، عادت سنة 2025 إلى المركز، حيث تبيّن وجود جنينين مجمدين منذ 16 سنة، وأفضت عملية النقل الأخيرة إلى حمل ناجح، ليُسجَّل بذلك أقدم حمل في العالم بتقنية التزجيج، التي لم يظهر استخدامها إلا قبل 18 سنة.
وأبرز رئيس المركز الإفريقي للإنجاب أن تقنية “التزجيج”، التي بدأ المركز الإفريقي في اعتمادها منذ سنة 2007، أحدثت ثورة في مجال الحقن المجهري، إذ حسّنت بشكل كبير من نسب نجاح الحمل مقارنة بتقنية التجميد التقليدية.
ويؤكد الصفريوي أن هذه الحالة دليل على أن التزجيج يظل آمنا وفعالا حتى بعد مرور 16 سنة، رغم أن الدراسات العالمية تجمع على أن طول فترة التجميد يقلل عادة من فرص النجاح.
وأضاف قائلا: “إذا حاولنا إجراء عملية حقن مجهري لبويضات السيدة في سن 41 سنة، لكانت فرص الإنجاب ضعيفة للغاية، لأن جودة البويضات تتراجع مع تقدم المرأة في العمر، لهذا كانت هذه التقنية حلا مناسبا”.
وتطرق البروفيسور الصفريوي، في السياق ذاته، إلى التحديات التي يواجهها الأزواج الذين يعانون من ضعف في الإنجاب أو العقم بالمغرب، مبرزا أن أكثر من 2,2 مليون مغربي يعانون من ضعف الإنجاب أو العقم، “في وقت لا تتعدى فيه محاولات الحقن المجهري المنجزة سنويا 4 آلاف حالة فقط، أي أقل من 8% من الحاجيات الوطنية، بينما يحتاج المغرب إلى ما لا يقل عن 40 ألف حالة سنويا”.
وأضاف طبيب النساء والتوليد ورئيس المركز أن الإشكال الذي يواجه الأسر هو كلفة علاج ضعف الإنجاب، لافتا إلى إدخال بعض الأدوية المرتبطة بالعقم في نظام التغطية الصحية منذ ثلاث سنوات، إلا أن علاج ضعف الإنجاب نفسه لا يزال خارج نطاق التغطية، ما يجعل الكلفة المرتفعة لهذه العمليات عائقا أمام فئة واسعة من الأزواج”.
ويشير الصفريوي إلى أن المجتمع يزيد من معاناة هؤلاء الأزواج بالضغط والتدخل في حياتهم الخاصة، في وقت يتوفر فيه بالمغرب على جميع الإمكانيات الطبية لتحقيق نسب نجاح عالية.
واعتبر الصفريوي هذه السابقة ليست فقط نجاحا طبيا، بل أيضا دعوة لصناع القرار إلى توسيع التغطية الصحية لتشمل علاجات العقم، وتطوير السياسات العمومية في هذا المجال بما يتماشى مع حجم الطلب المجتمعي.
كما أنها تسلط الضوء على الحاجة إلى رفع عدد المحاولات السنوية للحقن المجهري، وإلى الاستثمار في البنية التحتية الطبية المتخصصة، حتى لا يظل الأمل في الإنجاب حكرا على من يملكون القدرة المادية.
