
الدورة الثامنة للجنة المشتركة الحكومية المغرب-روسيا تمنح دينامية استراتيجية جديدة للشراكة الثنائية

تميزت الدورة الثامنة للجنة المشتركة الحكومية المغرب-روسيا، التي انعقدت الجمعة بموسكو، بتوقيع عدة اتفاقات مهيكلة، جددت التأكيد على الإرادة المشتركة للبلدين في إضفاء رؤية استراتيجية ومتعددة الأبعاد على شراكتهما، بما يتجاوز المجالات التقليدية للتعاون في الفلاحة والقطاع البحري.
وفي معرض تقييمه لأشغال هذا اللقاء، أوضح سفير المغرب في روسيا، لطفي بوشعرة، أن الدورة تميزت بتوقيع عدة اتفاقات مهمة بهدف “إضفاء رؤية استراتيجية على هذه اللجنة” وتنويع العلاقات الثنائية التي قامت خلال السنوات الأخيرة “بالأساس على قاعدة التعاون الفلاحي والبحري”.
وأكد الدبلوماسي، في تصريح للصحافة عقب الدورة التي ترأسها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونائب الوزير الأول لفيدرالية روسيا، دميتري باتروشيف، أن “هدفنا هو استشراف آفاق جديدة ومعرفة الاتجاهات التي يمكن أن نسلكها خلال السنوات المقبلة، بما يمنح هذه العلاقة الثنائية محتوى أكبر بكثير”.
وأضاف أن “صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئيس فلاديمير بوتين، تربطهما علاقات احترام متبادل”، مبرزا أن “البلدين يتقاسمان الكثير من القواسم المشتركة ويحدوهما عزم متبادل على المضي قدما”.
من جهته، شدد رئيس الوكالة الفيدرالية الروسية للصيد البحري، إيليا شيستاكوف، على أهمية الاتفاق الجديد للتعاون في مجال الصيد البحري، الذي تم توقيعه على هامش الدورة.
وقال “نحن ممتنون لشركائنا المغاربة”، مشيرا إلى أنه بموجب هذه الآلية الجديدة سيكون بإمكان السفن التي ترفع العلم الروسي صيد حصة تصل إلى 90 ألف طن داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للمملكة.
وعلى الصعيد التجاري، أشاد الممثل التجاري لفيدرالية روسيا بالمغرب، أليكسي أندرييف، بالتقدم المحرز، مؤكدا أن “الدورة الثامنة للجنة المشتركة شكلت خطوة كبيرة نحو توسيع وتطوير العلاقات الاقتصادية بين بلدينا”.
وأوضح، في تصريح صحفي، أن ” الأمر يتعلق بالعديد من القطاعات، لاسيما النقل والفلاحة والتجارة وصناعة الأدوية”، مضيفا “قدمنا عدة مشاريع في المجال الصناعي، ويمكن أيضا توسيع التعاون في مجال البناء، بما في ذلك بناء الملاعب الكروية الجديدة”.
وتابع المسؤول الروسي أن “لدى روسيا خبرة كبيرة في هذا المجال، ونحن مستعدون لتقاسمها مع الجانب المغربي”.
وفي الجانب الفلاحي، أكد مدير المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني، بلال حجوجي، أن هذا الاجتماع “يفتح آفاقا جديدة للقطاع”.
وأوضح، في تصريح مماثل، أن “فيدرالية روسيا شريك استراتيجي رئيسي للمغرب في استيراد القطاني والحبوب، بينما تظل روسيا بالنسبة للمغرب شريكا بالغ الأهمية في تصدير الخضر والفواكه، وخاصة الحوامض والفواكه الحمراء”.
ومن جانبها، أفادت رئيسة قسم التعاون الدولي بوزارة التجهيز والماء، امهاني لوديي، أن المناقشات كانت “بناءة ومثمرة”، وأتاحت بحث العلاقات في مجال التعاون في قطاع الماء والبنيات التحتية، ولا سيما الطرق والموانئ، وكذلك المختبرات المرتبطة بالهندسة المدنية والأرصاد الجوية.
وأضافت أن “كل خبرات الدول الصديقة ستكون مرحبا بها”، معربة عن ارتياحها لـ”الاهتمام الذي أبداه الجانب الروسي للاستثمار في المغرب، ولا سيما من خلال المشاركة في طلبات العروض الخاصة بإنشاء البنيات التحتية المائية وتطوير الابتكار في مجال إزالة التلوث ومعالجة المياه العادمة”.
وفي السياق ذاته، أبرز مدير شبكات نقل وتخزين وتوزيع الطاقة بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، عبد العالي لفداوي، أن “الجانب الروسي أبدى اهتماما كبيرا بالاستثمار في المغرب في قطاع الطاقة، وخاصة الطاقات المتجددة، وأيضا في التعاون المرتبط بقطاع الكهرباء”، معتبرا أن هذا التعاون “رابح-رابح بالنسبة للطرفين”.
وبالموازاة مع ذلك، أوضح ممثل إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، عبد الهادي السعيد، أن مشاركة الجمارك المغربية في هذه اللجنة تأتي في سياق “تجديد التعاون الجمركي بين الإدارتين”، منوها بتوقيع آليتين جديدتين للتعاون الجمركي بمناسبة الدورة الثامنة للجنة المشتركة.
وأضاف أن “هاتين الآليتين تنضافان إلى الإطار القانوني المعتمد منذ سنة 2017″، مشيرا إلى أن “الهدف الأسمى من هذا النوع من الشراكات هو تسهيل ولوج المنتوج المغربي إلى السوق الروسية”.
وهكذا، أتاحت الدورة الثامنة للجنة المشتركة الحكومية المغرب-روسيا تسجيل تقارب واضح في الرؤى والأولويات بين مختلف القطاعات في البلدين، مؤكدة التزاما بتعزيز شراكة شاملة ومتوازنة تحمل فرصا اقتصادية وتكنولوجية جديدة.
