
إدماج كنوبس في CNSS.. وزير الصحة يُطمئن ويوضح حدود الإصلاح

أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي أن إدماج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماع لا يرقى إلى دمج الأنظمة التأمينية، بقدر ما يهدف إلى إعادة تنظيم تدبيرها وضمان استدامتها المالية والمؤسساتية، مؤكدا أن الأمر يتطلب “الحذر”.
وخلال اجتماع عقدته لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، الأربعاء 17 دجنبر، خصص لمتابعة دراسة مشروع قانون رقم 54.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبسن أحكام خاصة، مُحال من مجلس المستشارين، شدد التهراوي على أن المشروع يقوم على مبدأ نقل صلاحيات التدبير وليس توحيد الأنظمة.
وأوضح أن نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بموظفي ومستخدمي القطاع العام سينتقل تدبيره من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في إطار توحيد جهاز التدبير الإداري.
وأكد الوزير أن هذا التحول لا يمس بجوهر الأنظمة القائمة، ولا يعني إدماج نظامي القطاعين العام والخاص في نظام واحد، مسجلا أن أي خطوة مستقبلية في اتجاه الإدماج الشامل ستتطلب دراسات معمقة حول الاستدامة المالية والتقنية لكل نظام على حدة، ثم تقييم أثر الإدماج المحتمل على توازن المنظومة ككل، فضلا عن إعداد إطار تشريعي خاص لا يندرج ضمن هذا النص القانوني.
وفي هذا السياق، أوضح التهراوي أن الحديث عن الإدماج، إن تم في المستقبل، لن يقتصر على كنوبس وCNSS، بل قد يشمل أنظمة أخرى من قبيل “أمو- تضامن”، وهو ما يفرض مقاربة تدريجية وحذرة تراعي التوازنات المالية وخصوصيات كل نظام.
حظي ملف التعاضديات بحيز مهم من توضيحات الوزير، حيث أكد على دورها التاريخي في بناء منظومة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، مبرزا أن مشروع القانون لا يستهدف المساس بوضعيتها القانونية داخل المنظومة، بل يسعى إلى تنزيل ورش تعميم التغطية الصحية كما نص عليه القانون الإطار.
وفي هذا الإطار، شدد التهراوي على أن الاتفاقيات المبرمة بين التعاضديات والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ستظل سارية المفعول خلال المرحلة الانتقالية، مع حلول الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محل هذا الأخير، موضحا أن التعاضديات ستواصل تقديم خدماتها وفق التعاقدات نفسها.
غير أن الوزير لم يستبعد تطور أدوار التعاضديات مستقبلا، إذ أشار إلى أن المرحلة المقبلة ستتطلب دراسات إضافية لتحديد كيفية تفاعلها مع نظام التدبير الموحد، وإعادة رسم وظائفها سواء تجاه القطاع العام أو الخاص، مع فتح المجال أمام تعزيز حضورها في مجال الخدمات التكميلية، بما يتيح لها التموقع داخل النظام الجديد بكفاءة أكبر.
وفي ما يخص الطلبة، أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن مشروع القانون ينص على إلغاء نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بهم، مبرزا أن تعميم التغطية الصحية جعلهم يستفيدون من التأمين بصفتهم ذوي حقوق، وهو ما يفقد النظام الخاص مبررات استمراره، خاصة في ظل ما يخلقه من ازدواجية في مساهمة الدولة.
وأوضح المسؤول الحكومي أن هذا الإلغاء ينسجم مع مقتضيات القانون التي تشترط عدم الخضوع لأي تغطية صحية أخرى للاستفادة من التأمين، سواء بصفة مؤمن رئيسي أو كذي حق.
أما الطلبة غير ذوي الحقوق، فسيتم إدماجهم ضمن نظام التضامن، مع الالتزام بمراجعة وضعيتهم لاحقًا بنص قانوني خاص، تفاديا لأي مساس بالمكتسبات.
وفي السياق ذاته، ينص المشروع على تمديد سن استفادة الأبناء غير المتزوجين من ذوي الحقوق، الذين يتابعون دراستهم بمؤسسات التعليم العالي أو التكوين المهني، في القطاعين العام والخاص، إلى غاية 30 سنة بدل 26 سنة، مع استثناء الطلبة المسجلين بالتعليم العتيق والمؤسسات التابعة لجامعة القرويين.
كما سيفتح النظام الجديد باب الاستفادة أمام الطلبة الأجانب المسجلين بمؤسسات التعليم العالي أو التكوين المهني، شريطة عدم خضوعهم لأي نظام تأميني آخر، وذلك في إطار اتفاقية تحدد شروط الاستفادة وكيفيات التمويل والتحصيل.
وعلى مستوى التوازنات المالية، أقر الوزير بوجود عجز ناتج عن تفاوت قائم بين الاشتراكات وحجم التغطية الصحية، معتبرا أن توحيد التدبير سيسهم في تحسين آليات المراقبة، وترشيد استخدام الموارد، وتطوير نظم الأداء والتأمين، دون المساس بحقوق الموظفين أو المستفيدين الحاليين.
وفي ما يتعلق بسلة العلاجات والتعويضات والاشتراكات، أكد التهراوي أن مشروع القانون لم يتطرق إليها، وأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سيتولى تدبيرها مع الحفاظ على جميع المكتسبات التي كان يتمتع بها المؤمنون سابقا لدى الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، مع استمرار استفادتهم من خدمات التعاضديات بموجب الاتفاقيات التي ستُبرم لهذا الغرض.
وانقسمت مواقف الفرقاء بين من يعتبر مشروع القانون خطوة ضرورية لإصلاح منظومة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وضمان استدامتها، ومن يرى فيه إجراء تقنيا يحمل في طياته أبعادا اجتماعية حساسة تستوجب نقاشا أعمق.
وتسجل بعض الأحزاب السياسية، خاصة داخل المعارضة، أن نقل تدبير نظام موظفي القطاع العام إلى CNSS يطرح إشكالية تركيز الصلاحيات في مؤسسة واحدة، ما يستدعي تعزيز آليات المراقبة البرلمانية وضمان الشفافية في التدبير، تفاديا لأي اختلالات قد تمس ثقة المواطنين في منظومة الحماية الاجتماعية.
كما يدعو عدد من البرلمانيين إلى إشراك النقابات والهيئات المهنية والتعاضديات بشكل أوسع في بلورة الصيغة النهائية للإصلاح، معتبرين أن ورش الحماية الاجتماعية لا يمكن أن ينجح دون توافق اجتماعي وسياسي واضح، يوازن بين متطلبات الاستدامة المالية وحماية الحقوق المكتسبة.
ويصر آخرون على أن نجاح هذا الإصلاح يظل رهينا بتوفير ضمانات قانونية ومؤسساتية واضحة، ومواكبة تشريعية تضع المواطن في صلب التحول الجاري.
ختم وزير الصحة والحماية الاجتماعية مداخلته بالتأكيد على أن مشروع القانون يشكل مرحلة انتقالية في مسار إصلاح منظومة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، تقوم على تحسين الحكامة، وتفعيل الهيئات الرقابية، وتطوير نظم المعلومات، والاستثمار في التكنولوجيا، مع ضمان مراقبة فعالة للقطاعين العام والخاص.
وأكد أن النص التشريعي لن يترتب عنه أي أثر سلبي، لا على مستوى الخدمات ولا على مستوى الحقوق المكتسبة، مشددا على أن الهدف النهائي يتمثل في بناء منظومة تأمينية مستدامة، عادلة وفعالة، تستجيب لانتظارات المواطنين وتواكب ورش تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب.
مشاهدة المزيد ←









