محاكمة مسؤولتين إسبانيتين سابقتين في قضية ترحيل القاصرين المغاربة

محاكمة مسؤولتين إسبانيتين سابقتين في قضية ترحيل القاصرين المغاربة

انطلقت اليوم الثلاثاء، أمام الغرفة السادسة بمحكمة الاستئناف في قادش، جلسات محاكمة كل من سالڤادورا ماتيوس، المندوبة السابقة للحكومة الإسبانية في سبتة المحتلة، ومابيل ديو، نائبة رئيس الحكومة المحلية سابقاً.

تواجه المتهمتان تهمة ارتكاب “جريمة مستمرة تتعلق بسوء استخدام السلطة الإدارية”، وذلك على خلفية ترحيل 55 قاصراً مغربياً إلى وطنهم في أغسطس 2021.

خلال الجلسة الافتتاحية، أدلى خوان هيرنانديز، رئيس ديوان المندوبة الحكومية آنذاك، بشهادته أمام المحكمة.

أكد هيرنانديز أن عملية الترحيل لم تكن قراراً فردياً أو محلياً، بل تمت بناءً على تعليمات صريحة من وزارة الداخلية الإسبانية.

وذكر بالاسم كلاً من رافائيل بيريث، كاتب الدولة للأمن حينها، ووزير الداخلية، فرناندو غراندي مارلاسكا، باعتبارهما الجهتين اللتين أمرتا بإعادة الأطفال إلى المغرب، في إطار التنسيق الرسمي بين الحكومتين.

وأوضح هيرنانديز أن السلطات المحلية في سبتة “تحققت من توفر الشروط المناسبة للترحيل”، مضيفاً أن الجانب المغربي أكد “استعداده الكامل لاستقبال كل الأطفال الذين دخلوا المدينة خلال تلك الأحداث الاستثنائية”.

تمت عملية الترحيل استناداً إلى اتفاق التعاون الموقع بين المغرب وإسبانيا سنة 2007، والذي ينص على تنظيم عودة القاصرين غير المصحوبين إلى بلدانهم الأصلية، مع مراعاة ظروفهم وحماية مصالحهم الفضلى.

رغم الاتفاقية، اعتبرت بعض الجمعيات الحقوقية الإسبانية، مثل “الشبكة الإسبانية للهجرة” وجمعية “L’Escola”، أن العملية “افتقرت للضمانات القانونية”، ما دفعها لتقديم شكاوى قضائية تتهم المسؤولتين بتجاوز القانون.

وفي مشهد لافت يعكس طبيعة الخلفيات السياسية للمحاكمة، حضر خوان فيفاس، حاكم مدينة سبتة المحتلة، إلى المحكمة، مرفوقاً برئيسة ديوانه، كارولينا بيريث، لإظهار دعمه العلني للسياسية السابقة مابيل ديو، التي لم تعد تشغل أي منصب سياسي، وعادت للعمل كأستاذة.

في حين أن سالڤادورا ماتيوس متقاعدة منذ إقالتها في أكتوبر 2022. مع الإشارة إلى أن فيفاس أكد سابقاً أن الترحيل تم بـ”نية حسنة”، وأن الهدف “كان حماية الأطفال، وليس خرق القانون”.

جاءت عملية الترحيل عقب دخول أكثر من 12 ألف شخص إلى سبتة المحتلة بشكل جماعي عبر معبر “تراخال” خلال يومي 17 و18 مايو 2021، بينهم أكثر من 1,200 قاصر مغربي.

وقد كان الوضع الأمني والإنساني في المدينة متوتراً جداً، وهو ما جعل السلطات تتحرك بسرعة للحد من الأزمة، بالتنسيق مع الجانب المغربي الذي أبدى تعاوناً مباشراً في ضبط الأوضاع.

ومن المقرر أن تتواصل جلسات المحاكمة خلال الأيام المقبلة، مع الاستماع لشهادات عدد من المسؤولين، من بينهم ماريا أنطونيا بالومو، رئيسة قسم الطفولة في حكومة المدينة المحتلة، التي قالت النيابة الإسبانية إنها سبق أن حذرت من عدم استيفاء عملية الترحيل للشروط القانونية المطلوبة، مما يضع ثقلاً إضافياً على الملف.

وفي حين تواجه المسؤولتان السابقتان خطر الحكم عليهما بعقوبة تصل إلى 12 سنة من المنع من ممارسة المناصب العامة، فإن المحاكمة تطرح تساؤلات أكبر حول حدود المسؤولية القانونية عندما تتقاطع مع مقتضيات الأمن، والعلاقات الثنائية بين بلدين جارين تجمعهما شراكة استراتيجية متنامية.

videossloader مشاهدة المزيد ←