احتضنت مدينة الصويرة، امس الجمعة 7 نونبر الحالي، فعاليات النسخة السادسة من ملتقى التراث النسائي بالصويرة، تحت شعار “مغربيات مُلبِّيات لنداء المسيرة الخضراء”، في أجواء احتفالية تعكس عمق الارتباط بالتراث ودور المرأة المغربية في الحفاظ على الذاكرة الوطنية وصون الهوية الثقافية، ويندرج هذا الحدث، المنظم بشراكة مع مجلس جهة مراكش آسفي وبتنسيق مع عمالة إقليم الصويرة والمجلسين الإقليمي والجماعي وعدد من المؤسسات المحلية، ضمن الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء.

وتميز افتتاح هذه النسخة المنظمة من لدن جمعية أجيال للتربية والثقافة، والذي انطلقت فعالياتها، مساء الثلاثاء 4 نونبر الجاري، بندوة فكرية احتضنتها دار الطالبة التابعة لمؤسسة ميلود الشعبي، بتأطير من الدكتور عدنان بن صالح، مدير فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة وجيش التحرير، تحت عنوان “دفاعاً عن وحدة البلاد: مغربيات مُلبِّيات لنداء المسيرة الخضراء”، حيث تم تسليط الضوء على الأدوار البطولية للنساء المغربيات في دعم المسيرة الخضراء ومساهمتهن في ترسيخ الوحدة الترابية للمملكة. وشهد اللقاء تفاعلاً واسعاً من طرف الحاضرات ونزيلات دار الطالبة، في تجربة تربوية تعزز قيم الوطنية والاعتزاز بالانتماء.

وفي اليوم الموالي، احتضن مركب الصناعة التقليدية ورشة تكوينية حول ريادة الأعمال الاجتماعية نظمتها أكاديمية المرأة الصويرية للريادة الاجتماعية، بشراكة مع الجمعية ومجلس الجهة، وقد عرفت الورشة حضور المدير الإقليمي للصناعة التقليدية ورئيس المجلس الإقليمي السيد كبير المعاشي ونائبه سعيد اتنان وعضو مجلس الجهة جمال أكطيون، حيث تم التركيز على تمكين المرأة الصويرية من مهارات الابتكار وإدارة المشاريع ذات الأثر الاجتماعي، واختُتم اللقاء بتوزيع شواهد المشاركة على المستفيدات في أجواء تميزت بالاعتزاز والفرح.

كما تواصلت فعاليات الملتقى بتنظيم مسابقة في الطبخ المغربي والصويري الأصيل، أبدعت فيها المشاركات في تقديم أطباق تقليدية تعكس غنى المطبخ المحلي وارتباطه بالتراث النسائي الأصيل، مما أضفى على الحدث طابعاً اجتماعياً وتفاعلياً جمع بين الإبداع والذاكرة.

وفي الجانب الفني، شهد المركز الثقافي بالصويرة أمسية افتتاحية متميزة، افتتحها الكورال الأندلسي برئاسة الفنان حمزة جرتي بأنغام تراثية أصيلة، تلتها فقرة للطائفة العيساوية بقيادة المقدم سعيد لوبان، الذين ألهبوا أجواء القاعة بإيقاعاتهم الروحية وموروثهم الشعبي العريق، وقد ألقى رئيس الجمعية، عبد الجليل الكميري، كلمة عبر فيها عن امتنانه لجميع الشركاء والداعمين، وعلى رأسهم عمالة الإقليم والمجلس الإقليمي والمجلس الجماعي، مؤكداً أن الملتقى يشكل جسراً بين الأجيال ومجالاً لتعزيز الارتباط بتاريخ الصويرة وهويتها المتعددة.

وفي إطار لحظات الوفاء والعرفان، نظمت الجمعية حفلاً لتكريم خمس نساء متميزات بصمن بأعمالهن في مجالات مختلفة، وهنّ حبيبة سرحان، توف العز غزلان، حسناء البونجيمة، نورة الصحراوي، وزهرة المسلم، اعترافاً بإسهاماتهن في خدمة المجتمع وتعزيز الحضور النسائي في الحياة العامة.

واستمرت فعاليات الملتقى، حتى يوم امس الجمعة، بعروض الفروسية التقليدية (التبوريدة) التي أضاءت شاطئ الصويرة بلوحات تراثية مبهرة جسدت عمق الانتماء الوطني وأصالة الموروث الثقافي المغربي، وقد لاقت هذه العروض تفاعلاً واسعاً من الجمهور، لما حملته من رموز القوة والفخر والتلاحم الوطني.

وبذلك تتألق جمعية أجيال للتربية والثقافة في دورة ناجحة من ملتقى التراث النسائي للمرأة الصويرية، التي كرّست الصويرة مرة أخرى كفضاء يحتضن الإبداع النسائي ويحتفي بذاكرة المرأة المغربية ودورها الريادي في بناء الهوية الوطنية وصون التراث عبر الأجيال.

هذا وسيُختتم ملتقى التراث النسائي للمرأة الصويرية في دورته السادسة، مساء السبت 8 نونبر 2025، بحفل فني تراثي مميز سيحتضنه المركز الثقافي بالصويرة، ويحييه المعلم عمر الحياة، الذي سيُمتع الحضور بإيقاعات كناوية أصيلة تمزج بين روح الأصالة ووهج الإبداع المعاصر، في ليلة احتفالية ستشكل تتويجاً لمسار غني من الفعاليات الثقافية والفنية التي عاشتها المدينة طيلة أيام الملتقى تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة.

وسيكون هذا الحفل مناسبة لتجديد الاعتزاز بالتراث المغربي الأصيل، وتأكيد المكانة الريادية للمرأة الصويرية في الحفاظ على الذاكرة الجماعية وصون الموروث الثقافي، فيما ستُجدد جمعية أجيال للتربية والثقافة التزامها بمواصلة هذا المسار الإبداعي، وجعل الملتقى موعداً سنوياً للاحتفاء بالمرأة المغربية ورمزاً لاستمرار إشعاع مدينة الصويرة كمنارة ثقافية وتراثية على الصعيدين الوطني والدولي.